يشهد النظام الدولي العديد من التحديات والإشكاليات الرئيسة. فعلى المستوى السياسي يبدو النظام الدولي في مرحلة عدم استقرار في ظل طموحات أطراف عديدة لتغيير بنية النظام القائمة وتقويض الهيمنة الأمريكية على النظام. كما تشكل الحروب القائمة في كل من أوكرانيا وكذلك قطاع غزة، فضلاً عن الصراعات المجمدة في أكثر من منطقة؛ عامل ضغط على التفاعلات الدولية. علاوة على ذلك فإن العديد من الدول تعاني من تحديات اقتصادية وأمنية وسياسية مختلفة، وهي التحديات التي تهدد الاستقرار السياسي والمجتمعي في دول مختلفة، وبالتبعية التأثير على الاستقرار الإقليمي.
من هذا المنطلق، وفي محاولة لتحليل أبرز التوقعات الجيوسياسية للربع الثاني لعام 2024، نشرت شبكة ستراتفور، في مارس 2024، تقريراً حول أبرز توقعاتها لعدد من المناطق والأقاليم خلال الربع الثاني من العام الجاري.
اتجاهات رئيسة
عرض التقرير لأبرز الاتجاهات العالمية الرئيسة المتوقعة تركيزاً على النقاط التالية:
1- تراجع التضخم في العديد من الاقتصادات المتقدمة: يتوقع استمرار انخفاض التضخم في الاقتصادات المتقدمة في سياق النشاط الاقتصادي المستقر، واقتراب البنوك المركزية الكبرى من البدء في تخفيضات أسعار الفائدة، وخاصة في الولايات المتحدة، وفي ظل النمو الاقتصادي المستمر في الدولة. ولكن على النقيض من ذلك، وفيما سيستمر التضخم أيضاً في أوروبا في الانخفاض في ظل السياسة النقدية التقييدية، فإن النمو في القارة سيظل ضعيفاً للغاية، بل وربما يتباطأ أكثر بسبب التحديات التي يواجهها أكبر اقتصاداتها، في ألمانيا.
2- مخاوف القطاع المصرفي من خسائر العقارات التجارية: وفي الأنظمة المصرفية الأمريكية والأوروبية، ستظل الخسائر المرتبطة بالعقارات التجارية مصدر قلق بسبب ضعف الطلب على المساحات المكتبية بعد “كوفيد-19″، وخاصة بسبب الإقراض الكبير الذي تقدمه المؤسسات المالية المتوسطة الحجم وغير المصرفية للقطاع. ومع ذلك، فإن خطر حدوث أزمة في القطاع المصرفي الشامل تشمل البنوك المهمة لا يزال منخفضاً، لأن البنوك الكبيرة ذات الأهمية النظامية لا تزال تتمتع برأس مال جيد، ولأن قروضها التجارية المتعلقة بالعقارات صغيرة نسبياً.
3- مواصلة تحركات الصين لتجاوز خطر الانكماش الاقتصادي: سوف تستمر حالة عدم اليقين التي تحيط بالآفاق الاقتصادية والمالية للصين، ولكن السلطات سوف تتخذ التدابير اللازمة للحماية من مخاطر النمو السلبي، والانكماش، وبشكل خاص المخاطر المالية، مما يدفع الحكومة لتقديم دعم مستمر وتدريجي لتحقيق الاستقرار في سوق العقارات، خاصة أنه لدى البنك المركزي مجالٌ كافٍ لزيادة الإنفاق المالي وخفض أسعار الفائدة لدعم النمو الاقتصادي في حالة تباطؤ النمو بشكل كبير.
كما أن التضخم المنخفض أو الانكماش من شأنه زيادة الصادرات، الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع الفوائض التجارية وزيادة التوترات التجارية مع الشركاء التجاريين الرئيسين للصين (الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة) دون أن يدفعهما ذلك بالضرورة إلى اتخاذ إجراءات ملموسة ضد بكين. ومع ذلك فإن الفشل في معالجة حالة عدم اليقين الاقتصادي سيؤثر على الاستثمار الأجنبي، كما ستحاول الشركات غير الصينية، والصينية، إعادة هندسة سلاسل التوريد الخاصة بها على خلفية التوترات الدبلوماسية مع بكين.
4- استمرار اضطرابات الشحن العالمي بسبب توترات الشرق الأوسط: يتسبب الهجوم الإسرائيلي المحتمل على رفح واحتلالها الطويل لغزة في دفع الحوثيين للحفاظ على إيقاع مرتفع نسبياً من الهجمات الصاروخية وهجمات الطائرات بدون طيار التي تستهدف السفن التي تعبر البحر الأحمر، مما يؤدي إلى مزيد من ازدحام الموانئ، وتأخير رحلات السفن، وإبقاء تكاليف الشحن مرتفعة نسبياً، مع اتجاه معظم شركات الشحن الغربية، وخاصة السفن التي لها علاقات مع الولايات المتحدة وإسرائيل، لاستخدام طرق أطول لتجنب هجمات الحوثيين.
وفيما تعمل الولايات المتحدة وبريطانيا على إضعاف قدرات الحوثيين من خلال شن حملة دفاعية جوية وبحرية متواصلة، فسيؤدي هذا إلى تقليل قدرة الحوثيين تدريجياً على الحفاظ على وتيرة هجومهم، ولكن في الربع الثاني من العام سيقتصر تأثير هذا الجهد على تقليل التهديد العام للسفن بشكل معتدل، حيث سيستمر الحوثيون في إطلاق عشرات الصواريخ و/أو الطائرات بدون طيار.
5- تأثر المساعدات لأوكرانيا بمجريات الانتخابات الأمريكية: مع تركيز الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حملته الانتخابية على مواجهة الرئيس بايدن، فإنه سيعمل على إقناع الجمهوريين في مجلس النواب بمعارضة أي إجراءات يدعمها الأخير، خاصةً فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والحدودية للدولة، وهذا سيجعل من الصعب على واشنطن الموافقة على مستوى المساعدات المقدمة لأوكرانيا، مما سيقوض من قدرة كييف على الصمود في وجه الهجوم العسكري الروسي المرتقب في الربيع.
6- صعوبة الوصول إلى توافق سياسي أمريكي بشأن قضية الحدود: من غير المرجح أن يتوصل ترامب والجمهوريون في مجلس النواب إلى اتفاق مع الديمقراطيين بشأن الهجرة وأمن الحدود، لأن هذا من شأنه أن يمنح بايدن النصر في أزمة الحدود التي طالما اتهم الجمهوريون الديمقراطيين بالتسبب فيها. كما أن الافتقار إلى التعاون بين الحزبين بشأن أزمة الهجرة سيجعل اضطرابات التجارة الحدودية أكثر احتمالاً، حيث قد تعيد حكومة ولاية تكساس التي يقودها الجمهوريون تطبيق متطلبات فحص الحدود التي تؤخر الشحنات من شمال المكسيك، مما قد يؤثر على التجارة في المجالات الزراعية والسيارات وفي قطاع الإلكترونيات.
صراعات أوراسيا
ستظل الصراعات سمة رئيسة للتفاعلات في منطقة أوراسيا، وهو ما يمكن تناوله على النحو التالي:
1- تحقيق روسيا مكاسب تكتيكية ضد القوات الأوكرانية: استناداً إلى تأخر كييف في إجراءات التعبئة التي لا تحظى بشعبية، ومعاناتها من نقص الذخيرة وسط تراجع الدعم الغربي، ستتخذ القوات الروسية إجراءات هجومية جديدة، ومن المرجح أن تحقق تقدماً تكتيكياً على طول الجبهة الأوكرانية، ولا سيما في المناطق التي تقاوم فيها القوات الأوكرانية، مثل القرى الواقعة خارج “أفدييفكا”، ومن المرجح أن يكون ذلك حول “روبوتين” لإنهاء المكاسب التي حققتها أوكرانيا خلال هجومها المضاد في صيف 2023، وخلف “أفدييفكا” للاستفادة من الدفاعات الأوكرانية الضعيفة في المنطقة، وحول “كوبيانسك” لتهديد منطقة “خاركيف” في الفترة المقبلة.
وفي حين أن القيمة الاستراتيجية لهذه المكاسب الإقليمية ستكون في حدها الأدنى، إلا أنها قد تقلل من استعداد الغرب لدعم أوكرانيا في الأشهر المقبلة وإحباط معنويات الشعب والجيش في أوكرانيا. وحتى إذا تم إقرار حزمة مساعدات أمريكية جديدة لكييف خلال هذا الربع، فلن يتم صرفها بالسرعة الكافية، ولن تكون كبيرة بما يكفي لتعزيز موقف أوكرانيا خلال هذا الربع. وتعني هذه الصورة أن كييف ستركز بشكل متزايد على نقل الحرب إلى داخل روسيا، وتكثيف الهجمات على البنية التحتية للطاقة والنقل.
2- تحركات النظام الروسي لتعزيز السيطرة على الجبهة الداخلية: استعداداً لصراع طويل الأمد، ستقوم روسيا بإجراء تغييرات داخلية، وخاصة بعد الفوز الكبير لبوتين في الانتخابات الرئاسية، وغياب رد فعل محلي أو دولي كبير لمقتل زعيم المعارضة أليكسي نافالني في فبراير الماضي، والهجوم الإرهابي الذي وقع في 22 مارس، كما ستلجأ الحكومة الروسية إلى الإجراءات القمعية واتخاذ تدابير تهدف إلى الحد من الوصول إلى المعلومات الخارجية وقمع منتقدي النظام.
وسوف ينظر الكرملين أيضاً في اتخاذ المزيد من تدابير القوى العاملة والتعبئة الاقتصادية (مثل إجبار الرجال على الالتحاق بالجيش، أو الصناعات المدنية للتحول إلى الإنتاج الحربي) حتى يتمكن من تصعيد تهديداته، أو تأمين انتصار عسكري فعلي على أوكرانيا في السنوات المقبلة. لكن مع ذلك قد تتخلى موسكو عن تعديل كبير في سياسة التعبئة خلال هذا الربع، وسط اعتقاد بأن استراتيجيتها الحالية ناجحة بالفعل، ولتجنب تفاقم العيوب الاقتصادية المرتبطة بها.
3- استمرار معضلة التعبئة العسكرية داخل أوكرانيا: من المرجح أن تقوم أوكرانيا بتمرير قانون تعبئة جديد لزيادة عتاد الجيش بعد أشهر من المداولات بين المجلس الأوكراني الأعلى والإدارة الرئاسية. لكن من المرجح أن يستمر إقرار وسن أي تغييرات قانونية لأسابيع وأشهر، مع حاجة القوات المعبأة حديثاً لشهرين من التدريب على الأقل، مما يعني أن تحقيق زيادة كبيرة في القوى الأوكرانية على الخطوط الأمامية لن يحدث خلال هذا الربع. ونتيجة لذلك، سوف يتزايد الإرهاق الداخلي من الحرب في أوكرانيا، مما سيؤثر على شعبية الرئيس فولوديمير زيلينسكي، ويضر إلى حد ما بالاقتصاد الهش في البلاد، لكن دون وقوع احتجاجات واسعة لافتقارها إلى الدعم الشعبي الأوسع.
4- مواصلة محادثات السلام “الفاترة” بين أرمينيا وأذربيجان: ستستمر مفاوضات السلام بين أرمينيا وأذربيجان، مع إجراء البلدين اتصالات رفيعة المستوى وتبادلاً لمسودات معاهدة سلام محتملة، كما ستواصل لجنة ترسيم الحدود الثنائية اجتماعاتها، مع استمرار الحكومة الأرمينية في طرح الاحتمال المثير للجدل لتغيير دستورها وغيره من الوثائق القانونية الداخلية لإزالة الإشارات لإعادة التوحيد مع ناجورنو كاراباخ.
ولكن مع إمكانية شن باكو هجمات تصعيدية تؤدي إلى عدد قليل من الوفيات للتأكيد على نفوذها ضد يريفان، ومع تردد أرمينيا في تلبية المطالب الأذربيجانية؛ فسوف يُبقي ذلك على احتمال اندلاع أعمال عنف بين الطرفين، وإن كانت العودة إلى الأعمال العدائية واسعة النطاق ستظل غير محتملة بسبب ثقة باكو في قدرتها على تحقيق مطالبها دون حرب أخرى واسعة النطاق.
ومن جانب آخر، ستواصل أرمينيا السعي للحصول على صفقات الأسلحة والتعاون العسكري المعزز مع الهند ومختلف دول الناتو خارج منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تقودها روسيا، والتي تواصل يريفان تجميد التعاون رفيع المستوى معها، مما يزيد من فتور العلاقات مع موسكو.
5- إجراء بيلاروسيا تغييرات هيكلية لترسيخ المسار المؤيد لروسيا: ستعقد بيلاروسيا في أبريل المقبل أول اجتماع لمجلس الشعب لعموم بيلاروسيا منذ أن حصلت الهيئة على سلطات دستورية جديدة في عام 2022، وحيث يهدف المجلس، الذي سيتألف من 1200 فرد مؤيد للحكومة، إلى تعزيز سلطة الرئيس ألكسندر لوكاشينكو لفترات قصيرة وطويلة المدى، من خلال السماح له برئاسة الهيئة، مما يتيح له الاحتفاظ بنفوذه فيما بعد ترك منصبه الرئاسي، ومن خلال السلطات المعززة للمجلس، والتي تشمل تأكيد شرعية الانتخابات، وإقالة الرئيس، وفرض الأحكام العرفية، وتعيين قضاة المحكمة الدستورية والعليا وأعضاء لجنة الانتخابات المركزية، والعديد من الوظائف الجديدة الأخرى. وسيمرر المجلس أيضاً توجيهات جديدة تؤكد المسار المؤيد لروسيا في البلاد، ولضمان هذا التوجه السياسي المؤسسي وبما يتجاوز تفضيلات لوكاشينكو الشخصية بعد انتهاء فترته الرئاسية.
آسيا والمحيط الهادئ
عرض التقرير لأبرز التطورات المتوقعة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ من خلال النقاط التالية:
1- استمرار المنافسة بين الولايات المتحدة والصين: مع الذكرى السنوية الخامسة والأربعين لقانون العلاقات مع تايوان في 10 أبريل، وتنصيب الرئيس التايواني المنتخب ويليام لاي في 20 مايو، فقد يدفع ذلك بتكثيف الزيارات التشريعية رفيعة المستوى بين الولايات المتحدة وتايوان، وإصدار مشاريع قوانين أمريكية لتسريع مبيعات الأسلحة إلى تايبيه، مما يدفع الصين في المقابل لاتخاذ إجراءات وأنشطة قسرية جديدة تجاه تايوان. وقد تشمل ردود الفعل الصينية زيادة الرسوم الجمركية على الواردات التايوانية، أو تكثيف التدريبات العسكرية حول تايوان، أو تحرك خفر السواحل الصيني حول جزر كينمن أو ماتسو التايوانية، أو جذب الصين المزيد من الدول القليلة المتبقية التي لا تزال على اعترافها الدبلوماسي بتايوان.
وإن كان من غير المرجح أن تؤدي الاستفزازات الصينية حول تايوان إلى إثارة الصراع أو حتى تعطيل الأعمال التجارية الكبرى، لكنها ستُبقي مخاوف الأمن القومي في مقدمة الأولويات (قبل الاقتصاد) في سياسة الولايات المتحدة تجاه آسيا.
وخلال ذلك، سيشهد موسم الانتخابات الأمريكية ارتفاعاً في المشاعر المعادية للصين بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، جنباً إلى جنب مع تكثيف القيود الاقتصادية الأمريكية على الصين (والانتقامات التجارية الصينية) رداً على تحركات بكين ضد تايبيه، ولتعيق مثل هذه التطورات استكمال التعاون الحالي بين الولايات المتحدة والصين (على سبيل المثال، استعداد الصين للحد من سلاسل توريد الفنتانيل أو التعاون مع واشنطن بشأن أهداف المناخ)، وتراجع ثقة المستثمرين الأمريكيين في سياسات بكين.
2- قدرة “كيشيدا” على تجاوز التوترات السياسية في اليابان: رغم تراجع شعبية رئيس الوزراء فوميو كيشيدا، وحزبه “الديمقراطي الليبرالي” الحاكم في اليابان، بسبب فضيحة الرشوة داخل الحزب، لكن إدارة كيشيدا الماهرة -خاصة مع قيامه بحل الفصائل الرئيسة في الحزب- لم يتح لأحزاب المعارضة التمكن من عرقلة تمرير ميزانية عام 2024. ومن المرجح أن يكون هذا كافياً لمنع الحزب “الديمقراطي الليبرالي” من الإطاحة بكيشيدا قبل انتخابات قيادة الحزب في سبتمبر المقبل، فمن الممكن أن يفوز كيشيدا بتلك الانتخابات ويظل رئيساً للوزراء في حال تمكن من تحقيق التوازن بين فصائل الحزب، وإجراء انتخابات فرعية لثلاثة مقاعد في مجلس النواب في 28 أبريل، والتي ستكون بمثابة مؤشرات على احتمالات فوز كيشيدا في الأشهر المقبلة.
3- تصاعد التوترات البحرية في شبه الجزيرة الكورية: يهدد موسم الصيد الربيعي في الفترة من أبريل إلى يونيو المقبل بزيادة الاشتباكات البحرية في شبه الجزيرة الكورية، مع قيام القوارب الكورية الشمالية والجنوبية بالصيد في المياه التي تتداخل مع الحدود البحرية لخط الحد الشمالي المتنازع عليه، في حين ستواصل الحكومتان في سيول وبيونج يانج اتباع أقصى استراتيجيات الردع العسكري تجاه كل منهما، مما يزيد من خطر وقوع اشتباك مميت بين قوات خفر السواحل، وتكثيف التدريبات العسكرية عبر الحدود البرية بين البلدين، الأمر الذي قد يؤدي كذلك إلى تفاقم الخلافات الأمنية والاقتصادية بين الكتل الإقليمية التي تتمحور حول الولايات المتحدة والصين.
4- تعزيز سلطة الرئيس الإندونيسي الجديد: يتوقع تمتع إندونيسيا بالاستمرارية السياسية، الداخلية والخارجية، خلال الربع الثاني من العام، رغم وجود اتهامات بحدوث مخالفات في الانتخابات الرئاسية التي أُجريت في فبراير الماضي، ذلك أن الفوز المريح الذي حققه وزير الدفاع برابوو سوبيانتو في الانتخابات، يعني أن أصحاب المصلحة في إندونيسيا، المحليين والأجانب على السواء، سيتمتعون بدرجة اليقين اللازمة، وبعد أن قام الرئيس بحملته الانتخابية على وعد باستمرارية سياسات الرئيس المنتهية ولايته جوكو “جوكوي” ويدودو.
وسيشمل ذلك السياسة الخارجية، كما يتضح من إعلان 23 فبراير بأن إندونيسيا تهدف لتوقيع اتفاقية أمنية مع أستراليا، وهي المفاوضات التي يقودها سوبيانتو شخصياً كوزير للدفاع، والذي سيتولى أيضاً دوراً أساسياً في تعزيز العلاقات الأمنية لبلاده مع الولايات المتحدة، وخاصة من خلال توقيع عقود لشراء أسلحة حديثة، مثل الطائرات المقاتلة والمروحيات، وعلى خلفية زيادة الإنفاق الدفاعي بنسبة 20% لعام 2024. ومن منظور الاقتصاد، فإن سياسات جوكوي المميزة (مثل: تأميم الموارد، وإجبار صناعات النيكل ومصافي التكرير للعمل في إندونيسيا) ستستمر في ظل الحكومة الجديدة.
أزمات الشرق الأوسط
يفترض التقرير أن الأزمات القائمة حالياً في الشرق الأوسط ستظل محدداً مهماً في تفاعلات المنطقة الفترة القادمة، وهو ما يمكن تناوله على النحو التالي:
1- مواصلة إسرائيل تحركاتها العسكرية للسيطرة على رفح: مع تقلص الأراضي التي تسيطر عليها حركة حماس في ظل الهجوم العسكري الإسرائيلي المستمر، فإنه يتوقع بحلول نهاية هذا الربع أن تسيطر إسرائيل على رفح على طول الحدود المصرية، إما بالقوة أو عبر اتفاق دبلوماسي ينص على انسحاب حماس، مما يتيح للقوات الإسرائيلية إعادة الانتشار شمالاً لمواجهة حزب الله.
2- مواصلة الضغط الإسرائيلي على حزب الله: ستصعد القوات الإسرائيلية بشكل مضطرد ضد حزب الله في محاولة لإجباره على الانسحاب من منطقة الحدود، وهو ما سيواجه بمقاومة من حزب الله، ومن شأن هذه المواجهة أن تزيد بشكل متزايد من خطر التوغل الإسرائيلي أو غزو جنوب لبنان.
3- تزايد الانقسامات داخل الحكومة الإسرائيلية: بالتوازي مع الحرب في غزة والصراع مع حزب الله، ستتزايد أيضاً الانقسامات داخل الحكومة الإسرائيلية حول مستقبل الإعفاءات من التجنيد لليهود المتدينين، وهي اتجاهات من شأنها إنهاء سياسة الوحدة في الكنيست في زمن الحرب، وتُنذر باضطرابات كبيرة في الحكومة.
4- احتمالية استئناف وكلاء إيران أنشطتهم بوتيرة محكومة: سعياً لتجنب حرب أوسع نطاقاً، ستحاول إيران الحد من أنشطة المليشيات المتحالفة معها في العراق وسوريا، ذلك أنه منذ هجوم “البرج 22” في 28 يناير في الأردن، والذي أسفر عن مقتل ثلاثة أمريكيين، حاول مسؤولو الأمن الإيرانيون كبح جماح المليشيات في العراق وسوريا تحسباً لأن يؤدي الرد العسكري الأمريكي على الهجوم إلى إثارة حرب إقليمية بين الولايات المتحدة وإيران، ومن المرجح أن تستمر طهران على موقفها هذا خلال الأسابيع الأولى من الربع الثاني من العام.
ولكن مع استمرار العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية، فمن المرجح أن تستأنف المليشيات المدعومة من إيران هجماتها على القوات الأمريكية، خاصة إذا توقفت المحادثات بين الحكومة العراقية والجيش الأمريكي حول مستقبل الوجود العسكري الأمريكي في العراق. وحتى لو استؤنفت الهجمات، فإن تواترها سيكون أقل بكثير من متوسط 150 هجوماً شوهدت في الأشهر الثلاثة التي سبقت هجوم “البرج 22” بسبب قلق إيران من إعادة التصعيد.
5- تطلع حزب “العدالة والتنمية” في تركيا إلى تحقيق مكاسب في الانتخابات البلدية: ستظهر الانتخابات البلدية التركية ما إذا كانت المعارضة قادرة على التعافي من هزيمتها الانتخابية في عام 2023، بينما تساعد في تحديد الاستراتيجية السياسية لحزب “العدالة والتنمية” الحاكم لتأمين السلطة بعد نهاية ولاية الرئيس رجب طيب أردوغان في عام 2028. وفي هذا الصدد، يضع حزب الحاكم أنظاره على مناصب رؤساء البلديات التي خسرها في عام 2019، خاصة في مدينتي إسطنبول وأنقرة، وذلك مع ارتفاع شعبية حزب “الشعب الجمهوري” هناك.
السياسة الأوروبية
يشير التقرير إلى أن “بروكسل” تمهد الطريق لتوجيهات السياسة المستقبلية قبل انتخابات الاتحاد الأوروبي، إذ سيدعو صناع السياسات والأحزاب السياسية بشكل متزايد إلى اتجاه سياسي أكثر تدخلاً من الكتلة قبل انتخابات الاتحاد الأوروبي في يونيو، مما يبشر بإعطاء الأولوية للسياسات الصناعية والدفاعية على الأجندة الخضراء بعد التصويت. وبحسب التقرير، ستسعى المفوضية الأوروبية إلى وضع اللمسات الأخيرة على التشريعات المتميزة في مجالات مثل استدامة الشركات والسياسة الصناعية والأمن السيبراني والبيئة قبل انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو. ومن أهم التوقعات المحتملة لأوروبا في الربع الثاني من العام الجاري ما يلي:
1- الدعوة لدعم الاستراتيجيات الصناعية في الكتلة الأوروبية: من غير المرجح أن يتم التوصل إلى لوائح مكافحة “الغسل الأخضر” أو مقترحات إصلاح التشريعات الصيدلانية في الاتحاد الأوروبي بحلول الجلسة العامة الأخيرة للبرلمان الأوروبي في الفترة من 22 إلى 25 أبريل. ووفقاً للتقرير، في الفترة التي تسبق الانتخابات الأوروبية، سيزيد التكنوقراط في بروكسل والأحزاب السياسية من مختلف الطيف الأيديولوجي من دعواتهم لاستراتيجيات صناعية أكثر طموحاً للاتحاد الأوروبي لتحقيق أهدافه المتعلقة بالمناخ والدفاع والاستقلال الاستراتيجي، مع الحفاظ على القدرة التنافسية الاقتصادية.
2- زيادة التنافس بين الأحزاب اليمينية والأحزاب الرئيسة في أوروبا: على مدار الربع الثاني من العام الجاري، ستسعى الأحزاب السياسية الرئيسة أيضاً إلى مقارنة نفسها مع الأحزاب اليمينية الصاعدة من خلال الوعد بموازنة العمل المناخي، مع المزيد من الدعم للقطاعات التقليدية مثل الصناعة والصناعات التحويلية.
3- التحول نحو دعم الاتجاه المحافظ في فرنسا: يتوقع التقرير أن تسعى الحكومة الفرنسية إلى كسب أصوات المحافظين والريفيين بعيداً عن الأحزاب اليمينية من خلال اتباع سياسات هجرة أكثر صرامة، مثل التعليق المقترح للجنسية المكتسبة بالولادة في مقاطعة مايوت الفرنسية، وتنفيذ تدابير تهدف إلى استرضاء المزارعين المحتجين من خلال خفض التكاليف.
4- تفاقم الانقسام الداخلي في ألمانيا: من المرجح أن تواجه الحكومة الائتلافية المنقسمة في ألمانيا صعوبات في تنفيذ التشريعات، حيث تؤدي الحسابات السياسية إلى تفاقم الانقسام الداخلي. وسيعمل الحزب الديمقراطي الحر على تشديد موقفه بشكل متزايد داخل الائتلاف، مما يؤدي إلى تأخير محتمل في الموافقة على الإجراءات التي تهدف إلى إزالة الكربون من الاقتصاد، وتعزيز النمو ودعم الشركات الألمانية.
5- احتمالية تزايد الاضطرابات السياسية الداخلية في إيطاليا وبلجيكا: من المتوقع حدوث تراجع في تماسك الحكومة الإيطالية خلال هذا الربع، حيث يتخذ حزب الرابطة المتعثر موقفاً أكثر صرامة بشأن قضايا مثل الهجرة والقانون والنظام والعلاقات مع الاتحاد الأوروبي. وقد تؤدي النتيجة الانتخابية الضعيفة للغاية للحزب في يونيو إلى تحدي القيادة الداخلية، مما قد يؤدي إلى زعزعة استقرار الأغلبية الحاكمة، ولكن ليس إلى الحد الذي يؤدي إلى حل الائتلاف. وفي بلجيكا، ستشهد الانتخابات الوطنية اكتساب الأحزاب القومية والانفصالية المزيد من النفوذ. ولكن على المستوى الفيدرالي، من المرجح أن يتولى السلطة ائتلاف وسطي واسع النطاق له أجندة سياسية مماثلة للحكومة السابقة بعد مفاوضات مطولة.
6- إمكانية تزايد الأزمات الداخلية أمام حزب المحافظين في بريطانيا: بحسب التقرير، ففي المملكة المتحدة، ستوفر الانتخابات المحلية اختباراً انتخابياً للحكومة قبل التصويت على مستوى البلاد في وقت لاحق من هذا العام، مما قد يؤدي إلى زيادة الاضطرابات السياسية داخل حزب المحافظين الحاكم وعدم اليقين السياسي. إذ ستوفر الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في الثاني من مايو في إنجلترا مؤشراً مبكراً لاتجاهات التصويت قبل الانتخابات العامة المتوقعة على نطاق واسع في الخريف، واختبار نجاح التخفيضات الضريبية قبل الانتخابات التي كشفت عنها الحكومة في مارس.
ويتوقع التقرير أن تستمر الخلافات الداخلية بين المحافظين في المملكة المتحدة طوال هذا الربع، خاصة إذا كان أداء المحافظين ضعيفاً في الانتخابات المحلية، مما يزيد من عدم اليقين السياسي في البلاد. ومن شأن الأداء الانتخابي السيئ بشكل خاص أن يزيد من التدهور مع عدم وجود ثقة في قيادة رئيس الوزراء ريشي سوناك.
7- استمرار التوترات السياسية الداخلية في بولندا: سوف تستمر التوترات السياسية الداخلية في بولندا للتأثير على تنفيذ السياسات وتقويض استقرار وأداء المؤسسات الرئيسة، مما يزيد من عدم اليقين ويؤثر سلباً على معنويات السوق على الرغم من تحسن العلاقات مع الاتحاد الأوروبي.
وفي خضم هذه التوترات، ستظل الحكومة متكيفة مع مطالب المزارعين البولنديين، وتسعى للحصول على إعفاءات من التشريعات البيئية للاتحاد الأوروبي وكذلك من تحرير التجارة مع أوكرانيا من أجل الحفاظ على دعمها خلال هذا الربع في ضوء الانتخابات المحلية في 7 أبريل، وانتخابات الاتحاد الأوروبي في يونيو على الرغم من التوترات التي قد يسببها ذلك مع بروكسل وأوكرانيا.
جنوب آسيا
بحسب التقرير، تتمثل أهم التوقعات في كل من الهند وباكستان وبنجلاديش وسريلانكا خلال الربع الثاني من العام الجاري فيما يلي:
1- احتمالية فوز حزب مودي بأغلبية بسيطة في انتخابات الهند: تشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب “بهاراتيا جاناتا” الحاكم سيحصل على أغلبية بسيطة في مجلس النواب. إذ سوف يعقد البرلمان الهندي الانتخابات العامة في الفترة من 19 إبريل إلى الأول من يونيو. وإذا لم يحدث ذلك، فمن المرجح أن يعتمد حزب “بهاراتيا جاناتا” على حلفائه داخل التحالف الديمقراطي الوطني للبقاء في السلطة.
2- ضغط الحكومة الهندية لتطبيق القانون المدني الموحد في البلاد: يرجح التقرير أن تحث الحكومة بعد الانتخابات الولايات التي يقودها حزب بهاراتيا جاناتا، مثل آسام وجوجارات وماديا براديش وراجستان، على تطبيق القانون المدني الموحد، وهو عبارة عن سلسلة من القوانين التي تحكم الزواج والعلاقات والميراث، والذي يحل محل قوانين الأحوال الشخصية الدينية. وفي حين قد تعمل لجنة مكافحة الفساد على مكافحة التمييز ضد المرأة من خلال حظر زواج القاصرات، وضمان المساواة في الميراث؛ فإنها قد تولد ردة فعل عنيفة من جانب الأقليات الدينية والمجتمعات القبلية التي تنظر إلى لجنة مكافحة الفساد باعتبارها محاولة لفرض قوانين تتمحور حول الهندوس.
3- تفاوض باكستان مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج تمويل جديد: يتوقع التقرير أن تعطي الحكومة الباكستانية الأولوية للتفاوض على اتفاق مع صندوق النقد الدولي، والذي من المحتمل أن يكون الهدف منه قرض جديد يتجاوز 6 مليارات دولار. فمع عودة شهباز شريف إلى منصب رئيس الوزراء، فمن المرجح أن تسعى باكستان لتأمين مساعدة صندوق النقد الدولي نظراً لالتزام إدارته السابقة بالإصلاحات.
ويضيف التقرير أن شروط صندوق النقد الدولي ستتطلب على الأرجح من إسلام أباد تنفيذ سياسات لا تحظى بشعبية (مثل: إنهاء دعم الطاقة، وزيادة الضرائب، ورفع أسعار الكهرباء والوقود) مما يهدد بالاستياء العام. ومن المرجح أن تستمر الاضطرابات الاجتماعية مع مزاعم التلاعب بالانتخابات، مما قد يؤدي إلى إضعاف ثقة المستثمرين، والمخاطرة بحصول باكستان على التمويل من مصادر ثنائية وزيادة خطر التخلف عن السداد.
4- تزايد الانشقاقات السياسية في باكستان: على الرغم من أهدافهم المشتركة المتمثلة في التعافي الاقتصادي ومواجهة نفوذ رئيس الوزراء السابق عمران خان، فإن الخلافات السياسية والشخصية بين أعضاء الائتلاف يمكن أن تعرقل جهود الإصلاح، مما يهدد بزعزعة استقرار الحكومة. ومن المرجح أن تقوم السلطات بقمع الاحتجاجات، كما سيحافظ الجيش على دوره السياسي وسط استمرار عدم الاستقرار. وعلى المدى القصير، سوف يسعى الجيش جاهداً للحفاظ على وحدة التحالف خوفاً من أن يؤدي انهياره إلى تمهيد الطريق لعودة خان.
5- إعطاء الأولوية لإعادة هيكلة الديون في سريلانكا: بحسب التقرير، من المرجح أن تعطي سريلانكا الأولوية لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاقيات مع الدائنين الرسميين وغير الرسميين، كما أكدت البلاد دعوة صندوق النقد الدولي لتنفيذ التزامات البرنامج في الوقت المناسب. وقد أشارت الحكومة إلى عزمها وضع إطار لإعادة هيكلة الديون بحلول الربيع وإبرام اتفاقيات مع جميع الدائنين الرئيسين، بما في ذلك حاملو السندات، بحلول شهر مايو. ومع ذلك، قد تجد سريلانكا صعوبة في تحقيق هدف إعادة هيكلة الديون بسبب الخلافات حول الشروط القانونية والحاجة إلى تأمين توافق في الآراء بين جميع الدائنين. ومن شأن الفشل في التوصل إلى اتفاق أن يزيد من خطر التخلف عن السداد، حيث أصبحت سريلانكا غير قادرة على سداد أقساط الفائدة المجدولة على ديونها.
6- دعم العلاقات الأمريكية البنجلاديشية: بعد أشهر من الاضطرابات السياسية في أواخر عام 2023 وأوائل عام 2024، تشهد بنجلاديش الآن هدوءاً نسبياً، مما قد يؤدي إلى انخفاض التدقيق والعقوبات الأمريكية ويسمح لبنجلاديش بالتركيز على جذب الاستثمار الأجنبي. وتشمل هذه الجهود تعزيز الشفافية في القطاع المصرفي لتتماشى مع اهتمامات المستثمرين الأمريكيين والأجانب، ومن المرجح أن تكون موضوعاً رئيساً للمناقشة خلال الزيارات الدبلوماسية.
وتظل العلاقات القوية مع بنجلاديش حاسمة بالنسبة للولايات المتحدة في ظل التنافس مع بكين وتصاعد الصراعات في ميانمار المجاورة. وعلى الرغم من هذه العلاقات المحسنة، فإن أي تصعيد في أعمال العنف أو حملة قمع حكومية ملحوظة يمكن أن يؤثر سلباً على الموقف الأمريكي، وربما يؤدي إلى فرض عقوبات مستهدفة في مجال حقوق الإنسان.
قضايا الأمريكتين
أما فيما يتعلق بالأمريكتين، فيتوقع التقرير ما يلي:
1- الدفع نحو إصلاحات مثيرة للجدل قبل الانتخابات بالمكسيك: يشير التقرير إلى أنه قبل الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة في 2 يونيو المقبل، ستعمل الحكومة المكسيكية على إقرار حزمة من 18 إصلاحاً دستورياً لزيادة معاشات التقاعد، ورفع الحد الأدنى للأجور بما يتجاوز معدل التضخم، وتقليص حجم مجلسي الكونجرس، من بين أمور أخرى. وبحسب التقرير، كان الرئيس أندريس مانويل لوبيز أوبرادور قد قدم الإصلاحات في أوائل فبراير الماضي لتوجيه الحوار الوطني قبل الانتخابات والفوز بالأصوات. وقد توافق المعارضة على بعض الإصلاحات، مثل زيادة الأجور ومعاشات التقاعد، خوفاً من رد الفعل الانتخابي العنيف إذا رفضتها. ولكنها ستعارض بشدة الإصلاحات المؤسسية، مثل إعادة هيكلة المحكمة العليا.
2- احتمالية حدوث احتجاجات على نتيجة الانتخابات بالمكسيك: بينما تشير استطلاعات الرأي إلى أن مرشح الحزب الحاكم اليساري سيفوز في الانتخابات بفارق مريح، لكن قد تحدث تحديات في الفرز النهائي للأصوات واحتجاجات من الجانب الخاسر. ومن الممكن أن يخلق مثل هذا السيناريو تحديات على مستوى الحكم بعد الانتخابات مباشرة.
3- استمرار الحكومة الأرجنتينية في خطط التقشف: يرجح التقرير أن تستمر حكومة الأرجنتين في خفض الإنفاق الحكومي من جانب واحد، ورغم أنه من المرجح أن ينخفض التضخم وأن ينمو فائض الميزانية الأولية، فإن ما يترتب على ذلك من انخفاض الاستهلاك المحلي من شأنه أن يؤدي إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي بشدة ويُبقي على مخاطر الاضطرابات الاجتماعية مرتفعة.
4- احتمالية التآلف بين حزب “ميلي” وحزب الاقتراح الجمهوري اليميني بالأرجنتين: بعد أن قام الكونجرس بعرقلة حزمة الإصلاحات الرئيسة في فبراير، فمن المرجح أن يسعى حزب ميلي إلى دعم ائتلاف مع حزب “الاقتراح الجمهوري” اليميني. لكن يتوقع التقرير أن يكون هذا الائتلاف هشاً نظراً للمعارضة التي يواجهها ميلي بين بعض أعضاء قيادة “الاقتراح الجمهوري”. علاوة على ذلك، حتى لو قرر الحزبان تشكيل تحالف، فإن تمثيلهما مجتمعين في الكونجرس سيظل أقل بكثير مما هو مطلوب للموافقة على القوانين.
5- إعطاء الأولوية لتنظيم الإصلاح الضريبي في البرازيل: يتوقع التقرير أن تكون الأولوية الرئيسة للكونجرس البرازيلي خلال هذا الربع هي إقرار القوانين التكميلية المحيطة بالإصلاح الضريبي الذي تم إقراره في نهاية عام 2023. وسيشمل ذلك اختيار سلة أساسية من السلع والخدمات التي ستكون معفاة من الضرائب وتلك التي ستواجه ضرائب أعلى، وتحقيق التوازن في تحصيل الضرائب الفيدرالية بين الولايات والبلديات. وفي حين من المرجح أن تقرر الحكومة هذه المعايير خلال هذا الربع، فإن النظام الضريبي الجديد لن يدخل حيز التنفيذ حتى عام 2026 على الأقل.
6- احتمالية إعادة فرض العقوبات الأمريكية على فنزويلا: مع اقتراب موعد الانتخابات المقررة في 28 يوليو، ستواصل الحكومة الفنزويلية، بحسب التقرير، قمع المعارضة الداخلية. ومن المحتمل أن يدفع الحظر الانتخابي المفروض على المرشحة الرئيسة للمعارضة، ماريا كورينا ماتشادو، الولايات المتحدة إلى إعادة فرض عقوبات النفط والغاز على فنزويلا في منتصف إبريل.
7- إمكانية تصاعد التوتر بين فنزويلا وغيانا: إذا حدثت العقوبات الأمريكية، فمن المرجح أن يؤدي فقدان عائدات النفط إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في فنزويلا، مما يزيد من الهجرة. وقد يدفع هذا مادورو إلى حشد مؤيديه من خلال تصعيد الخطاب ضد غيانا بشأن النزاع الإقليمي المستمر على الأراضي في منطقة إيسيكويبو. وقد يتخذ ذلك شكل مضايقة سفن التنقيب الدولية عن النفط قبالة سواحل غيانا، أو حشد الأصول العسكرية مباشرة على الحدود، أو حتى التوغل في الأراضي المتنازع عليها. وفي حين أن الغزو البري غير مرجح، فإن الترهيب الفنزويلي من شأنه أن يثير إدانة دولية. وفي الوقت نفسه، ستحاول غيانا وقف التصعيد من خلال مواصلة المحادثات بوساطة شركاء أمريكا اللاتينية.
تطورات أفريقية
تسود التوقعات القاتمة لأفريقيا جنوب الصحراء خلال الربع الثاني من العام الجاري، وذلك على النحو التالي:
1– احتمالية خسارة حزب المؤتمر الوطني بجنوب أفريقيا أغلبيته الانتخابية المطلقة: بحسب التقرير، ستكون انتخابات مايو في جنوب أفريقيا هي الأكثر تنافسية في البلاد منذ 30 عاماً، مما يشكل اختباراً لهيمنة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الحزب سيفوز بما يتراوح بين 39% و48% من الأصوات، بانخفاض عن 57.5% التي فاز بها في الانتخابات السابقة.
وفي السيناريو المحتمل، حيث يحصل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي على أقل من 50% من الأصوات، فسوف يضطر إما إلى البقاء في السلطة كجزء من ائتلاف أو كحكومة أقلية. وفي حين لا يزال بإمكان الحزب إعادة انتخاب الرئيس سيريل رامافوزا بدعم من عدد صغير من السياسيين المعارضين، إلا أنه لا يوجد حزب معارض يمثل خياراً واضحاً للتحالف مع حزب المؤتمر الوطني الأفريقي.
وهذا يعني أن رامافوزا من المرجح أن يشكل تحالفات لكل حالة على حدة لتمرير التشريعات، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من عدم اليقين السياسي وسط الأغلبية المتقلبة. وفي سيناريو أقل احتمالاً، يمكن لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي أن يبني ائتلافاً رسمياً مع حزب معارضة رئيسي، الأمر الذي من شأنه أن يجبر الأول على تقديم تنازلات سياسية تتراوح بين الإصلاح الزراعي الأكثر عدوانية إلى تخفيض الخدمات الاجتماعية.
2- تراجع سلطة مجموعة إيكواس: يتوقع التقرير أن تستمر سلطة الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس” في التراجع وسط انسحاب مالي والنيجر وبوركينافاسو من الكتلة. وفي ضوء ذلك، يتوقع التقرير أن تتخذ إيكواس نهجاً أكثر تساهلاً فيما يتعلق باحترام المعايير الديمقراطية بين الدول الأعضاء على أمل تأمين عودة مالي والنيجر وبوركينافاسو، ولكن هذا سيجعل من الصعب على إيكواس تشجيع الامتثال للمعايير الديمقراطية.
3- تسبب حركات التمرد في تقويض التعافي الاقتصادي في إثيوبيا: من المرجح أن تشهد إثيوبيا تمردات عرقية مستمرة في كل من أمهرة وأوروميا على الرغم من الجهود التي يبذلها رئيس الوزراء آبي أحمد لتهدئة المنطقتين. ففي حين أن تمديد نادي باريس لاتفاق تجميد الديون الإثيوبية إلى ما بعد 31 مارس يُظهر مرونة الدائنين، إلا أن تصاعد التوترات في أمهرة وأوروميا يمكن أن يدفع الدائنين الثنائيين إلى التراجع عن المزيد من هذه التمديدات، خاصة إذا لم يتم الاتفاق على حزمة دعم مع صندوق النقد الدولي خلال الربع الثاني من العام. ويرى التقرير أن فشل إثيوبيا المتكرر في تأمين صفقة مع صندوق النقد الدولي من شأنه أن يمهد الطريق لأزمة ديون على المدى المتوسط، مما يزيد من زعزعة استقرار البلاد.
4- إمكانية تصاعد التوترات الحدودية بين أديس أبابا ومقديشو: في غياب التراجع من جانب رئيس وزراء إثيوبيا فيما يتعلق باتفاق أرض الصومال، فإن التوترات بين إثيوبيا والصومال سوف تستمر. ومن شأن التعاون الثنائي الأضعف في مكافحة الإرهاب أن يزيد من احتمال وقوع اشتباكات عسكرية عرضية على طول الحدود بين البلدين، مما قد يؤدي إلى مناوشات متفرقة، ويزيد من احتمال تصعيد التوترات على نطاق أوسع في المنطقة.
5- استمرار القتال في شرق الكونغو بين القوات الحكومية والمتمردين: من المرجح أن يستمر القتال العنيف في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية. وسيتركز القتال بين القوات الكونغولية الموالية للحكومة ومتمردي حركة 23 مارس على العاصمة الإقليمية جوما، والتي من المرجح أن يتطلع المتمردون إلى تشديد حصارهم عليها بهدف إجبار حكومة الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي على المشاركة في محادثات السلام.
6- تفاقم التوترات بين الكونغو ورواندا: سيؤدي استمرار القتال في الكونغو إلى تفاقم التوترات بين الكونغو ورواندا، التي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها تدعم حركة 23 مارس، مما قد يؤدي إلى مناوشات محتملة على الحدود التي تفصل بين البلدين. وإذا اعتبر الشعب الكونغولي أن رد حكومة تشيسيكيدي على حادثة بارزة في رواندا غير كافٍ، فقد تندلع احتجاجات مناهضة للحكومة في كينشاسا، مما يدفع بعض حلفاء تشيسيكيدي إلى الخروج من الحكومة الائتلافية. وتثير مخاوف تشيسيكيدي بشأن قبضته على السلطة احتمال قيام حكومته بالانتقام بقوة من رواندا، مما يزيد من خطر حدوث تصعيد عسكري كبير بين الجانبين.
خلاصة القول، ستظل التفاعلات العالمية خلال الربع الثاني من العام الجاري محكومة بالنمط الصراعي، سواء على مستوى العلاقات الدولية، أو على مستوى التفاعلات داخل الدول، وذلك في ظل استمرار الحروب والمواجهات العسكرية في مناطق مختلفة، وعدم تسوية العديد من الصراعات التاريخية، ناهيك عن استمرار موجة الاضطرابات الاقتصادية والسياسية في عدد من الدول.
منصة إعلامية إلكترونية تنقل الحدث الإخباري بشكلٍ يومي تعني بالشؤون المحلية والعربية والعالمية تشمل مواضيعها كافة المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية إضافة إلى أخبار المنوعات وآخر تحديثات التكنولوجيا