في نتائج غير مسبوقة، تمكن فريق بحثي من بناء نموذج رياضي يؤكد أنّ “مشغلات ألكوبيير” المعنية بقطع المسافات الكونية الشاسعة بلحظات، ليست حصرا على أعمال الخيال العلمي، بل يمكن أن تكون جزءا من الحقيقة العلمية مستقبلا.
ويُطلق كذلك على هذه الأجهزة المثيرة “محركات الاعوجاج”، وكان أبرز ظهور لها في سلسلة الخيال العلمي “ستار تريك” الشهيرة. وتتميّز هذه المحركات الافتراضية بقدرتها على التحكم في نسيج الزمكان الكوني بضغطه أمام المركبة الفضائية وبسطه من خلفها، وتؤدي هذه العملية إلى خلق فقاعة ملتوية تندفع بداخلها المركبة فتنطلق في أرجاء الكون بسرعات عالية.
وبالنظر إلى أنّ هذه العملية الافتراضية تحدث خارج حدود نسيج الكون، فإنّه من الممكن تجاوز سرعة الضوء (الحد الأعلى المسموح به في الكون) بمرات عديدة.
وظهرت هذه الفكرة على يد الفيزيائي المكسيكي “ميغيل ألكوبيير” في عام 1994، في كتابه “محرك الاعوجاج.. السفر فائق السرعة ضمن النسبية العامة”، وشرح فيه كيف يمكن أن يعمل محرك الاعوجاج على أرض الواقع. وتبيّن بأنّ هذا المحرّك بحاجة إلى ما يُعرف بـ”الطاقة السلبية”، وهو نوع افتراضي من الطاقة ذات كثافة سالبة لخلق تشوه في النسيج الكوني.
ويتطلّب الأمر كذلك التعامل مع الطاقة المظلمة، وهي الطاقة المسؤولة عن استمرار عملية توسّع الكون وتمثل نحو 70% من تركيبة الكون.
نظام إطلاق مركبات فضائية حديث
لكن في الدراسة الحديثة التي نشرت في دورية “كلاسيكال آند كوانتم غرافيتي” وأجريت في جامعة ألاباما، يشير العلماء إلى أنّ محرك الاعوجاج لا يحتاج إلى طاقة سلبية على الإطلاق، فقد توصلوا إلى تصميم محرّك قادر على تحقيق تشوهات في نسيج الزمكان وفقا للمطلوب والتحليق بداخل فقاعة كونية بسرعة ثابتة، مما يجعل التصميم أكثر جدوى من الناحية النظرية على خلاف المفاهيم السابقة.
ويعتمد النموذج على مزيج مطوّر من تقنيات الجاذبية التقليدية والحديثة معا لإنشاء فقاعة دون انتهاك قوانين الفيزياء المعروفة، وذلك بالاستعانة بعاملين اثنين هما:
-
غلاف لهيكل محرّك مستقر يعمل على استقرار الفقاعة الكونية التي ستحلّق في الفضاء
-
و”موزّع ناقل التحول”، وهو أداة رياضية نظرية تساعد على ليّ النسيج الكوني حول الفقاعة وفقًا لمبادئ الفيزياء النسبية.