لقد غيّرت صدمة التضخم في عام 2022 الولايات المتحدة، وتركت أثراً نفسياً دائماً على الأميركيين.
صحيفة “واشنطن بوست” تنشر مقالاً تتحدث فيه عن الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة الذي يؤثر سلبياً على الأميركيين.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
لقد غيّرت صدمة التضخم في عام 2022 الولايات المتحدة، وتركت أثراً نفسياً دائماً، ولا يزال المزاج الاقتصادي في أميركا كئيباً.
ويأتي هذا على الرغم من الأخبار الرائعة: النمو قوي؛ لقد وصل سوق الأسهم للتو إلى مستويات قياسية، والبطالة منخفضة، وقد تباطأت معدلات التضخم بشكل كبير في العام الماضي.
لكن إذا تعمقت قليلاً في المشاعر العامة، فستجد انقساماً مذهلاً؛ الغالبية العظمى من الأميركيين (72%) يقولون إنّ مواردهم المالية الشخصية على ما يرام، لكن 22% فقط يعتقدون أنّ الاقتصاد الوطني في حالة جيدة، وفقاً لبيانات أصدرها الاحتياطي الفيدرالي مؤخراً.
ويستطلع بنك الاحتياطي الفيدرالي آراء أكثر من 11 ألف شخص بالغ سنوياً، ويجري أحدث تقييم للرفاهية المالية في أواخر عام 2023.
وتظهر استطلاعات الرأي الأخيرة انقساماً مماثلاً، حيث يقول الأميركيون إنّهم في حالة “حسنة”، أو أنّ ولايتهم في وضع جيد إلى حد ما، لكن الاقتصاد الوطني في ورطة. وأظهر استطلاع جديد للرأي أجرته صحيفة “الغارديان” أنّ غالبية البالغين يعتقدون أنّ البلاد في حالة ركود. لماذا؟
الجواب الرئيسي هو التضخم. ارتفعت الأسعار بشكل عام في عام 2022، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى نقص المعروض من كل شيء من الغاز إلى اللحوم إلى خزائن المطبخ إلى العمال. عادة ما يتم الإبلاغ عن التضخم على أنه التغير في الأسعار في العام الماضي. لكن بالنظر إلى الزيادة التراكمية منذ بداية الوباء، فإنّ التضخم ارتفع بنسبة 21%.
وعلى الرغم من ارتفاع الأجور بنسبة 22%، إلا أنّ ارتفاع الأسعار يميل إلى أن يكون له تأثير نفسي أكبر. يشعر الكثير من الناس أنهم حصلوا على زيادات في رواتبهم ولكن زيادات الأسعار غير عادلة.
وتظهر الزيادة التراكمية منذ تولي بايدن منصبه في كانون الثاني/يناير 2021، ارتفاع الأسعار بنسبة 19%. هذا غير معتاد. لم يشرف أي رئيس في الذاكرة الحديثة على زيادة تراكمية أعلى في الأسعار منذ جيمي كارتر (بلغ التضخم التراكمي حوالي 38% في هذه المرحلة من فترة ولايته).
يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى يعود الاقتصاد إلى طبيعته بعد الصدمة الشديدة للوباء ومن ثم ارتفاع التضخم. الأسعار لم تعد ترتفع بسرعة بالنسبة لمعظم العناصر. والواقع أنّ الأجور ارتفعت في المتوسط بمعدل أسرع من معدل التضخم خلال العام الماضي. وظل الاستهلاك قوياً على الرغم من الكآبة التي أعرب عنها الناس. هناك بعض الأمل في أنه إذا استمر هذا الاتجاه، سيبدأ الناس بالفعل في ملاحظة ذلك وستعود “المشاعر الإيجابية” أيضاً إلى مستويات أكثر طبيعية.
أظهر أحدث استطلاع للمستهلكين أجرته جامعة “ميشيغان” انتعاشاً كبيراً مقارنة بهذا الوقت من العام الماضي، ولكن كان هناك انخفاض ملحوظ آخر هذا العام حيث يشعر الناس بالقلق من أنّهم لن يروا الكثير من الراحة الإضافية من ارتفاع الأسعار وارتفاع أسعار الفائدة في أي وقت قريب. من الملاحظ في بيانات بنك الاحتياطي الفيدرالي أنّ المجموعة التي أبلغت عن أكبر انخفاض في أوضاعها المالية الشخصية في عام 2023 كانت الآباء الذين لديهم أطفال أقل من 18 عاماً يعيشون في المنزل.
وربما تساعد التغطية الاقتصادية السلبية لوسائل الإعلام أيضاً في تفسير المزاج الكئيب. كذلك، كان الجمهوريون متشائمين للغاية بشأن الاقتصاد منذ تولى بايدن منصبه. ويفسر الانقسام الحزبي بعض المشاعر السلبية، ولكن ليس كلها، حيث أنّ المستقلين يشعرون بالتشاؤم أيضاً.
يشعر العديد من الأميركيين بقلق عميق بشأن المستقبل. ويشك معظمهم في أنّ أطفالهم سيكونون في وضع أفضل مما هم عليه الآن. ما يقرب من النصف غير واثقين من أنه سيكون لديهم ما يكفي من المال للتقاعد. الشباب متشائمون بشكل خاص. وأظهر استطلاع جديد للرأي أجرته شركة “بلوبرينت” الديمقراطية بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاماً، أنّ 54% يعتقدون أنّ البلاد تتجه نحو الانحدار، ويوافق 64% على أنّ “أميركا في تراجع”. تساعد نتائج الاستطلاع هذه في تفسير سبب رؤية الناس لأموالهم الشخصية على أنّها مقبولة الآن، ولكن لا تزال لديهم مخاوف عميقة بشأن اتجاه الاقتصاد.
إنّ إخبار الأميركيين بأنّ الاقتصاد أفضل مما يدركون لا يحدث تأثيراً كبيراً في عصر لا يزال فيه الكثيرون في حالة صدمة بشأن ارتفاع الأسعار. الأخبار الجيدة حول التوظيف والنمو لم يتم تسجيلها. ويتعيّن على السياسيين الذين يحاولون كسب الدعم من خلال الاستشهاد بهذه الأرقام، أن يجدوا لغة جديدة بعد التضخم الجديد.
منصة إعلامية إلكترونية تنقل الحدث الإخباري بشكلٍ يومي تعني بالشؤون المحلية والعربية والعالمية تشمل مواضيعها كافة المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية إضافة إلى أخبار المنوعات وآخر تحديثات التكنولوجيا