تهدد اسرائيل بشكل يومي بأنها ستشن حرب مدمرة و سريعة و خاطفة علي لبنان من اجل القضاء علي حزب الله عسكريا بشكل نهائي و تقول في خضم تهديداتها انها ستعيد لبنان الي العصر الحجري و انها ستلقي اطنان من المتفجرات علي كل مبني في لبنان سواء كان تابع لحزب الله او غير تابع له ، و القضية المطروحة للنقاش هنا هل إسرائيل قادرة علي شن حرب علي لبنان و تنفيذ تهديداتها بالقضاء علي حزب الله عسكريا و إعادة لبنان الي العصر الحجري ؟
في البداية يجب ذكر ملاحظة هامة و هي ان التهديدات الإسرائيلية بشن حرب علي لبنان يوجد في جزء منها ما يدل علي ضعف إسرائيل ، فإسرائيل عندما تهدد لبنان بشن حرب عليه تستخدم مصطلح الحرب السريعة او الحرب الخاطفة و هذا يدل علي ان اسرائيل غير قادرة عسكريا و اقتصاديا و علي مستوي جبهتها الداخلية علي خوض حرب طويلة الامد ضد حزب الله و هذه نقطة ضعف خطيرة عند اسرائيل ستواجهها في الحرب المقبلة المحتملة لانها تخطط للقضاء علي قدرات حزب الله في غضون اسبوع او اكثر بقليل و هذا امر مستبعد و غير واقعي لأن قدرات حزب الله العسكرية و البشرية كثيفة و متنوعة و ليست في مكان جغرافي واحد و يتم تخزين الصواريخ و منصات اطلاقها في اماكن سرية لا تعرف اسرائيل عنها شيء ، لذلك فمخطط اسرائيل وفق تحليل منطقي بسيط سيفشل في القضاء علي حزب الله عسكريا خلال مدة زمنية قصيرة مما سيؤدي الي حرب طويلة مع حزب الله تستنزف اسرائيل عسكريا و بشريا و اقتصاديا بشكل لم يحدث لها من قبل منذ زرعها في المنطقة عام ١٩٤٨
و تقول مراكز الدراسات الاستراتيجية الامريكية و الاسرائيلية انه في عام ٢٠٠٦ كان عدد القوات البرية لحزب الله يقدر بحوالي ١٠٠٠٠ مقاتل من قوات النخبة و ١٥٠٠٠ من قوات الاحتياط اما الآن فزاد هذا العدد بشكل مضاعف ، فوفق تلك المراكز الاستراتيجية ايضا فإن عدد مقاتلي حزب الله الآن يتوزع علي الشكل الآتي ٢١٠٠٠٠ مقاتل من قوات النخبة و ما بين ٣٠٠٠٠ الي ٣٧٠٠٠ من قوات الاحتياط اي ان عدد قواته بشكل اجمالي ما بين نخبة و احتياط يبلغ ٥١٠٠٠ مقاتل بينما كان هذا العدد ٢٥٠٠٠ مقاتل عام ٢٠٠٦ اي ان قوات حزب الله تضاعفت من حيث العدد عما كانت عليه عام ٢٠٠٦
اي ان اسرائيل اذا ارادت اقتحام لبنان بريا ستواجه اضعاف العدد الذي واجهته و الذي انتصر عليها عام ٢٠٠٦ ، هذه القوات تستطيع القتال في مجموعات صغيرة و تستطيع التصرف اذا حدث خلل في منظومة الاتصالات مع القيادة و تجيد زرع الالغام و العبوات بشكل مخادع فضلا عن قدرتها الهائلة في التمويه و التخفي ، هذه القدرات كانت لدي حزب الله عام ٢٠٠٦ و من البديهي انها ستبقي لدي حزب الله عام ٢٠١٨ و لكن هناك فارق كبير بين قدرات حزب الله العسكرية عام ٢٠٠٦ و قدرات حزب الله العسكرية عام ٢٠١٨
فبعد مشاركة حزب الله في الحرب السورية منذ عام ٢٠١٢ اكتسب الحزب خبرات عسكرية تراكمية كبيرة ، فأصبح قادر علي اقتحام المدن في البيئات الجغرافية المختلفة ، فهو اقتحم القصير و اقتحم دير الزور و شارك في معارك جبال القلمون و جبال اللاذقية و مرتفعات معلولا مع الجيش العربي السوري ، و هو ما جعل حزب الله قادر علي اقتحام اي مدينة او قرية مهما كانت تضاريسها صعبة او وعرة و اكتسب هذه الخبرة عن جدارة من جراء مشاركته الفاعلة في الحرب السورية ، فحزب الله اكتسب تلك الخبرات بشكل عملي عبر الحرب و ليس عبر التدريبات و هناك مثل عسكري قديم يقول لا يعلم الحرب الا الحرب ، فحزب الله كان قبل الحرب السورية منظمة مسلحة قادرة علي الدفاع عن مواقعها فقط اما الآن بعد الحرب السورية اصبح حزب الله منظمة مسلحة هجومية قادرة علي اقتحام المدن و تدمير تحصينات العدو و تستطيع اقتحام المدن الوعرة علي مستوي التضاريس و الجغرافيا ، علي سبيل المثال حزب الله حرر عرسال الجبلية في ستة ايام فقط و من ناحية التضاريس اقتحام عرسال اصعب بمراحل من اقتحام الجليل الاعلي في فلسطين المحتلة و هذا هو سبب خوف اسرائيل من القدرات العسكرية التراكمية الهجومية التي اكتسبها حزب الله في سورية فهي تعلم انها في الحرب القادمة ستواجه حزب قادر علي الدخول الي داخل فلسطين المحتلة و هذا امر ان حدث يهدد اسرائيل وجوديا
لذلك فقبل مشاركة الحزب في الحرب السورية كانت اسرائيل ستواجه حزب دفاعي فقط اما بعد مشاركة حزب الله في الحرب السورية فإن اسرائيل ستواجه حزب عسكري منظم يجيد حرب العصابات الدفاعية ببراعة و يجيد حرب العصابات الهجومية ببراعة و شراسة و لديه قدرة علي اقتحام اي مدينة او قرية مهما كانت طبيعتها الجغرافية و اغلب المدن التي اقتحمها حزب الله في سورية، كانت عملية اقتحامها اصعب بمراحل من عمليات اقتحام محتملة لمدن فلسطين المحتلة
اي ان اسرائيل قبل الحرب السورية كانت تخطط كيف ستنجح في اقتحام لبنان بريا و هزيمة حزب الله اما بعد الحرب السورية فهي تخطط كيف ستمنع حزب الله من اقتحام مدن في فلسطين المحتلة و السيطرة عليها ناريا و هو تطور خطير فللمرة الاولي في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي تخطط اسرائيل كيف ستمنع العدو من اقتحام اراضيها و السيطرة عليها اي ان المقاومة اخذت المبادرة العسكرية من اسرائيل و حولتها الي رد فعل فقط فضلا عن ان عناصر حزب الله المكتسبون خبرات هائلة في سورية يجيدوا استخدام صواريخ الكورنيت و الستينجر ببراعة و هو ما يعني قدرة حزب الله علي احداث خسائر فادحة في الدبابات و الطائرات الاسرائيلية ، و الحزب حصل علي كميات كبيرة من صواريخ كورنيت المضادة للدبابات من مخازن سلاح الجيش العربي السوري اما صواريخ ستينجر الخفيفة المضادة للطائرات فلم يحصل عليها الحزب من ايران و سورية بل حصل عليها من مخازن سلاح الارهابيين في سورية الذين كانوا يملكون اعداد كبيرة من صواريخ ستينجر و تركوها كاملة قبل هروبهم من المواقع التي كانت تحت سيطرتهم و هو ما يساعد حزب الله في احداث خسائر فادحة في سلاح الجو الاسرائيلي و يجب عدم اغفال حصول حزب الله علي صواريخ تاو امريكية الصنع من مخازن سلاح الارهابيين في سورية ايضا
جميع ما تم ذكره يشرح تطور حزب الله كما و نوعا علي مستوي القوات البرية لكن ماذا عن تطور قدرات الدفاع الجوي لدي حزب الله ؟
منذ حرب تموز ٢٠٠٦ و حزب الله يعمل مع سورية و ايران علي تطوير قدرات الدفاع الجوي لديه لكي يقلل فاعلية سلاح الجو الإسرائيلي الذي يرتكب مذابح بحق المدنيين الأبرياء و يدمر البنية التحتية المدنية ، حصول حزب الله علي كميات كبيرة من صواريخ ستينجر من مخازن الارهابيين في سورية لا يعتبر تطويرا لمنظومة الدفاع الجوي لديه لانه لم يكن مشمولا في الخطة السورية الايرانية لتطوير منظومة الدفاع الجوي لدي الحزب بعد حرب ٢٠٠٦ الحصول علي صواريخ ستينجر لذلك سأتحدث عن التطور وفق الخطة الموضوعة ايرانيا و سوريا ، تقول بعض التقارير الاجنبية ان حزب الله حصل علي منظومات دفاع جوي متطورة من سورية و هي sa / 15 , sa / 17 , sa / 22 و تلك المنظومات قادرة و لو بشكل جزئي علي اعاقة عمل سلاح الجو الإسرائيلي و تقليل قدرته التدميرية و هو ما يعني ان سلاح الجو الإسرائيلي سيواجه صعوبة في الحرب المقبلة و لن يدمر البنية المدنية اللبنانية بسهولة كما حدث عام ٢٠٠٦ بعد تطور منظومة الدفاع الجوي لدي حزب الله
اما بخصوص تطور القدرات البحرية دفاعيا و هجوميا لدي حزب الله ، فتقول التقارير الاجنبية ان حزب الله حصل بمساعدة ايران علي تقنية صناعة زوارق حربية صغيرة قادرة علي تنفيذ هجمات انتحارية دامية ضد البوارج الاسرائيلية في البحر المتوسط ، فبعد تدمير حزب الله في حرب تموز ٢٠٠٦ البارجة ساعر ٥ ، وضعت اسرائيل علي بوارجها منظومة القبة الحديدية لحماية البوارج التي تحمي حقل تمار ، لذلك عمل حزب الله بمساعدة ايران علي صناعة زوارق حربية صغيرة الحجم قادرة علي القيام بعمليات هجومية دامية ضد البوارج الاسرائيلية ، و بخصوص الدور السوري في تطوير القدرات البحرية لحزب الله ، قامت سورية بتسليمه صواريخ من نوع ss-n-26- yakhont القادرة بشكل فعال علي تدمير السفن الحربية الاسرائيلية ، و هذا يعني ان سلاح البحرية في الجيش الاسرائيلي سيواجه خسائر كبيرة اذا شنت اسرائيل حرب علي لبنان فضلا عن عجزه و قدرته علي حماية منشآت الغاز الاسرائيلية في البحر و اهمها تمار التي ان تم تدميرها ستتكبد اسرائيل خسائر اقتصادية فادحة
نأتي للسلاح الاخير في منظومة حزب الله العسكرية و هو سلاح الصواريخ الفتاك القادر علي تدمير الجبهة الداخلية الاسرائيلية و ايقاف الحياة المدنية فيها و القادر علي قصف المقرات الاستراتيجية في اسرائيل بفاعلية و دقة مثل وزارات الحرب و الخارجية و مقرات اخري هامة فضلا عن نسف القواعد العسكرية الجوية للجيش الاسرائيلي ، سلاح الصواريخ اهم و اخطر سلاح لدي حزب الله لانه قادر علي استغلال نقاط ضعف اسرائيل الكبري و هي صغر المساحة و العمق الاستراتيجي المحدود و تلك نقاط الضعف تجعل سلاح الصواريخ قادر علي احداث دمار كبير و سريع في الجبهة الداخلية الاسرائيلية ، لذلك حزب الله عمل علي تطوير قدراته الصاروخية ، تقول مراكز الدراسات الامريكية ان حزب الله يمتلك من ٥٠ الف صاروخ الي ١٠٠ الف صاروخ بينما تقول مراكز الدراسات الاسرائيلية ان حزب الله يمتلك من ١٢٠ الف صاروخ الي ١٥٠ الف صاروخ ، اعتقد ان رواية مراكز الدراسات الاسرائيلية اصدق لانه عام ٢٠٠٤ كان حزب الله يمتلك ١٢٠٠٠ صاروخ فليس من المنطقي ان يكون العدد عام ٢٠١٨ ، ٥٠ الف صاروخ فقط فحزب الله لن يتسلح بهذه الوتيرة البطيئة خاصة ان اسرائيل تهدد بالحرب دوما
حزب الله يمتلك صواريخ متطورة قادرة علي اصابة اهدافها بدقة مثل صاروخ m 600 السوري و صاروخ فجر ٥ الايراني و صاروخ فاتح ١١٠ الايراني ايضا ، يمتلك كميات كبيرة من هذه الصواريخ المتطورة القادرة علي استهداف اي مكان في اسرائيل و شل الحياة المدنية فيها و تدمير الجبهة الداخلية و نقل المعركة بشكل مدمر الي داخل اسرائيل و هو امر لا تتحمله اسرائيل لانها صغيرة المساحة و عمقها الاستراتيجي محدود و اغلب جيشها من الاحتياط لذلك لا تستطيع تحمل حرب طويلة الامد ، لذلك هي من كانت تتوسل الامم المتحدة لوقف الحرب عام ٢٠٠٦ بعد وصول الحرب الي ٣٥ يوما بدون توقف اطلاق الصواريخ من حزب الله مما كاد يؤدي الي نتيجة لم تتعرض لها اسرائيل من قبل فطلبت هي وقف اطلاق النار
الخاتمة : وفقا لخطابات الامين العام لحزب الله الصادقة و مراكز الدراسات الامريكية و الاسرائيلية المتخصصة ، فإن في الحرب المقبلة بين اسرائيل و حزب الله ، سيكون حزب الله قادر علي احداث خسائر فادحة في الجيش الاسرائيلي بشريا و قادر علي تعطيل سلاح الدبابات بشكل كامل و تعطيل سلاح الجو بشكل جزئي هذا دفاعيا ، اما هجوميا فسيكون الحزب قادر علي اقتحام المدن الاسرائيلية و السيطرة عليها ناريا و يستطيع تدمير حقل تمار و قصف البوارج الحربية الاسرائيلية و قصف الجبهة الداخلية الاسرائيلية بعدد هائل و غير مسبوق من الصواريخ الدقيقة و الغير دقيقة و يستطيع اطلاق الف صاروخ يوميا علي اسرائيل لمدة ٩٠ يوم كما قال رئيس الموساد الاسبق و بعد كل هذا نفهم لماذا قال الامين العام ( مصيرا لم تتوقعه او تواجهه اسرائيل من قبل )
احمد عادل كاتب وباحث في الشأن السياسي من مصر – خاص لموقع سنمار سورية الاخباري
Discussion about this post