وردت تقارير في وسائل اعلامية عدة ، ان السعودية تدعم قوات سورية الديمقراطية عسكريا ، و تدعم انفصالهم عن الدولة السورية في شمال شرق سورية ، بل انها ارسلت قوات من الجيش السعودي علي خط التماس بين قسد و داعش لدعم قوات الاكراد العسكرية المتمثلة في قسد ، و كل هذا بلا شك تحت مظلة الولايات المتحدة الامريكية ، و السعودية لها عدة اهداف استراتيجية من هذا الدعم الذي تقدمه لقسد فهذا الدعم له علاقة بصراعاتها الاقليمية علي النفوذ مع القوي الاقليمية الأخرى
لعل الهدف الرئيسي من دعم السعودية العسكري لقسد ، هو استخدام ورقة الاكراد للضغط علي تركيا ، و تحسين الموقف السعودي امام تركيا في قضية مقتل جمال خاشقجي ، السعودية تدرك ان انفصال الاكراد تهديد مباشر للأمن القومي التركي ، لذلك تعمل علي استغلال نقطة الضعف التركية المتعلقة بانفصال اكراد سورية ، فانفصال اكراد سورية سيثير حماسة اكراد تركيا تلقائيا لمزيد من التمرد على حكم اردوغان ، لذلك السعودية من جراء دعمها للأكراد تهدف للضغط علي تركيا عبر تهديد امنها القومي ، في اطار الصراع بينهما علي قيادة الدول العربية السنية و لعبة الشد و الجذب بينهما في قضية مقتل جمال خاشقجي ، فتركيا تسعي لانتزاع مكاسب استراتيجية عدة من السعودية في قضية مقتل جمال خاشقجي ، و هذا شيء حتمي ، لكن السعودية تسعي لتقليل حجم خسائرها امام تركيا في ملف خاشقجي و هذا ما يفسر لماذا كانت السعودية تدعم اكراد سورية من بعيد بدون تدخل عسكري مباشر منها ، و بعد مقتل جمال خاشقجي اصبحت تدعمهم بشكل عسكري مباشر ، و السبب انها رمت بثقلها في دعم الاكراد حتي تقلل خسائرها و حجم التنازلات التي ستقدمها لتركيا في قضية مقتل جمال خاشقجي
و كما ان دعم السعودية لاكراد سورية له علاقة بصراعها مع تركيا ، فان له علاقة ايضا بمحاولتها نقل المعركة مع ايران الي داخل الحدود الايرانية ، فانفصال اكراد سورية و تأسيس دولتهم المستقلة في شمال شرق سورية ، سيعيد احلام اكراد ايران من جديد ، لتأسيس دولة كردستان الكبري علي اراضي سورية و ايران و تركيا ، فالسعودية تريد قيام دولة كردية في سورية ، لدفع اكراد ايران للتمرد علي الدولة هناك ، عبر القيام بعمليات عسكرية ضد القوي الامنية الايرانية و خوض حرب استنزاف ضدها ، و هذا الهدف السعودي متطابق مع المخطط الامريكي الاسرائيلي لنقل المعركة الي داخل ايران ، فالسعودية تسعي لاستخدام ورقة اكراد سورية لتوظيفها في استراتيجية نقل المعركة الي داخل ايران
و لكن لان السعودية ليست دولة مؤسسات ، حيث لا وجود لمؤسسات دستورية ، او مراكز دراسات متخصصة تدعم المسئول في عملية صنع القرار ، فإنها ارتكبت خطأ استراتيجي في دعمها لإنفصال اكراد سورية ، فهي ساهمت في حدوث تقارب ايراني تركي ، وجهة النظر الايرانية التركية بخصوص الاكراد متطابقة ، فهما يرونهم تهديد لامنهما القومي و تهديد لوحدتهما الجغرافية ، هذا التطابق جعل ايران و تركيا يغضا الطرف عن صراعهما في سورية ، فايران تدعم الدولة السورية ،و تركيا تدعم المتمردين ، فتم غض الطرف عن هذه النقطة ، و التركيز علي التنسيق لمنع اقامة دولة كردية في سورية ، و هذا ما يفسر الصمت الايراني عن عملية دخول الجيش التركي الي عفرين ، فإيران و تركيا متفقتين علي منع اقامة دولة كردية في سورية و هذا يجعلهما في خندق استراتيجي واحد ضد الاكراد و من وراءهم السعودية ، و هذا ما يفسر ايضا عدم استعجال ايران لحسم معركة ادلب عسكريا ، فهي لا تريد اغضاب تركيا التي تعتبر ادلب منطقة نفوذ لها في شمال سورية ، و يفسر ايضا اعلان تركيا عدم التزامها بالعقوبات الامريكية علي ايران ، دعم السعودية لاكراد سورية حول العلاقة بين ايران و تركيا من تنافس استراتيجي الي مهادنة بينهما حتي لو مؤقتة و هو ما يضر برغبة السعودية في ان تكون القوة الاقليمية الاولي في المنطقة ، لان القوتين الاخريين تحالفها لاحباط مشروعها
لذلك فالخلاصة ان السعودية تدعم اكراد سورية ، لاستخدامهم ورقة ضغط علي تركيا ، لتصبح هي صاحبة الريادة في قيادة العالم الاسلامي السني ، و تقليل حجم التنازلات التي ستقدمها لتركيا في قضية مقتل جمال خاشقجي ، فضلا عن نقل المعركة لداخل ايران عبر الاكراد ، لكن السعودية بقصر نظرها ، ساهمت في حدوث تقارب استراتيجي ايراني تركي سيساهم لاحقا في احباط مشروعها في سورية و المنطقة
احمد عادل – كاتب وباحث في الشأن السياسي – خاص
Discussion about this post