دعا الرئيس اللبناني ميشيل عون رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري الي سرعة تشكيل الحكومة و الا سيتم سحب التكليف منه عبر اللجوء للبرلمان اللبناني الذي حصل فيه عون و حليفه حزب الله علي الاغلبية النيابية ، السؤال المطروح لماذا وجه الرئيس عون هذا التهديد المبطن الحاد بسحب التكليف من الرئيس المكلف سعد الحريري ؟
دعوة الرئيس عون هذه تهدف الي الضغط الاعلامي و النفسي و السياسي علي سعد الحريري المعروف بتردده و ضعف شخصيته و انه ينفذ املاءات خارجية و يتم توظيفه من جهات داخلية كما حدث في احداث ٧ ايار ٢٠٠٨ و احداث الجاهلية ضد وئام وهاب مؤخرا ، فالرئيس عون اراد توجيه رسالة حادة للحريري بانه ليس امرا مقدسا ان يقوم هو بتشكيل الحكومة و بانه اذا استمر تعطل التشكيل اكثر من هذا سيتم تكليف رئيس وزراء اخر و الجميع يعرف ان سعد الحريري تم تكليفه رئيسا للوزراء من البداية ليس لأنه جدير بهذا المنصب لكن لان حزب الله و التيار الوطني الحر عقدا صفقة مع الحريري بان يدعم الحريري وصول عون حليف حزب الله الي الرئاسة مقابل ان يدعما سعد الحريري رئيسا للوزراء ، عون اراد توجيه رسالة للحريري انه اذا خير بين فشل العهد و عزل الحريري سيختار عزل الحريري بالطبع خاصة ان اغلب القوي السياسية تجد سعد الحريري متناقضا فهو من جهة اتخذ تصرف ضد وئام وهاب كان سيؤدي لحرب اهلية حقيقية لولا تدخل حزب الله و من جهة اخري لا يستطيع اتخاذ قرار صغير و لصالح البلد و هو الموافقة علي توزير وزير سني من خارج الحريرية السياسية خاصة ان هذا المطلب ليس تعسفي ضد الحريري لان نتائج الانتخابات البرلمانية اثبتت ان ثلث السنة في لبنان لا يؤيدون الحريري و تيار المستقبل ، لذلك اراد عون توجيه رسالة قاسية للحريري اما تشكل الحكومة و الا سيتم سحب التكليف منك لصالح رئيس حكومة آخر
و احد اهداف الرئيس ميشيل عون من دعوته هذه التي تهدف الي الضغط علي سعد الحريري هو تشكيل الحكومة باسرع وقت ممكن حتي يتمكن التيار الوطني الحر من تنفيذ وعود الاصلاحات التي وعد بها حاضنته الشعبية و ليس سرا ان جبران باسيل صهر ميشيل عون يسعي للوصول للرئاسة و هذا الامر متوقف علي شعبيته بين اللبنانيين بشكل عام و بين المسيحيين بشكل خاص ، لذلك من مصلحة التيار الوطني الحر سرعة تشكيل الحكومة لتنفيذ الوعود الاصلاحية التي وعد انصاره بها و في هذا السياق لن يسمح عون بأن يستكمل ما تبقي من ولايته الدستورية بدون حكومة، هذا شيء مستحيل ان يسمح به عون لان هذا يدمر طموحات التيار الوطني الحر و جبران باسيل السياسية علي المدي البعيد
سعد الحريري الآن امام خيار صعب فهو مفروض عليه سعوديا عدم التنازل لحزب الله في توزير سني متحالف مع الحزب و في نفس الوقت التيار الوطني الحر هدده بشكل غير مباشر بسحب التكليف منه ، لذلك سعد الحريري عليه ان يختار بين المشروع السعودي و مستقبله السياسي ، اذا اختار المشروع السعودي و رفض توزير سني متحالف مع حزب الله و استمر تعطل تشكيل الحكومة اكثر من هذا ربما يتم عزله من تشكيل الحكومة و تكليف رئيس وزراء آخر و بهذا يكون من الصعب عليه تولي هذا المنصب مجددا ، و اذا اختار مستقبله السياسي و وافق علي توزير سني متحالف مع حزب الله وفق نتائج الانتخابات فربما تدبر له السعودية انقلاب داخلي عليه من داخل تيار المستقبل عبر اخيه بهاء او عبر اي شخص اخر مستعد للاطاحة بالحريري من زعامته لتيار المستقبل ، لذلك فسعد الحريري في موقف لا يحسد عليه لا داخليا و لا خارجيا
لذلك فالخلاصة ان الجنرال عون اراد توجيه رسالة لسعد الحريري بأنه لا مشكلة لدي عون في سحب التكليف من الحريري ، لان الحريري لا يريد الاعتراف بنتائج الانتخابات البرلمانية التي قالت ان ثلث السنة في لبنان لا يؤيدون سعد الحريري ، و الجنرال عون يريد تشكيل الحكومة قبل انتهاء ولايته الدستورية للحفاظ علي طموح صهره جبران باسيل في الوصول الي منصب رئاسة الجمهورية و جبران لن يصل لهذا المنصب الا اذا نفذ وعوده بالاصلاح و محاربة الفساد التي وعد حاضنته الشعبية بها ، فعون يريد مساعدة صهره للوصول لطموحه مستقبلا ، و من كل هذا نستطيع ان نؤكد ان سعد الحريري يعيش في ضغط عصبي قوي فهو الآن بين مطرقة السعودية و سندان عون !
احمد عادل – كاتب وباحث مصري – خاص
Discussion about this post