قبل انتهاء هذا العام 2018 بأسابيع قليلة أعد مركز «ستراتفور» الأميركي للدراسات الاستخباراتية والجيوسياسية سلسلة توقعات وتنبؤات عما يمكن أن يشهده العالم في العام المقبل من سياسات وتوجهات اقتصادية.
من هذه التوقعات حول سورية، يرى المركز أن هناك خمسة أطراف «تصنع» سورية في هذه المرحلة التي نجحت القيادة السورية بإغلاق مراحل الحرب الداخلية فيها على جداول عملها، وتتنافس في المنطقة فيما بينها وهي: موسكو وطهران من جهة، وإسرائيل والولايات المتحدة من الجهة الأخرى، وهناك تركيا خامس هذه الأطراف.
يتوقع «ستراتفور» أن تقوم موسكو وإيران بحماية ما تم إنجازه في سورية، وسوف تعمل موسكو على تجنب وقوع نزاع مفتوح مع كل من تركيا وواشنطن وتل أبيب، على حين أن إيران ستتخذ موقفاً هجومياً تجاه واشنطن وتل أبيب وتقديم الدعم بمشاركة موسكو لسورية، كما يتوقع أن تستمر طهران بتطوير قدراتها العسكرية داخل سورية لتحقيق ردع ضد إسرائيل، أما إسرائيل فسوف تحاول العمل على إحباط هذا الهدف لكنها ستخشى بشكل دقيق إشعال شرارة نزاع مسلح مع روسيا.
حول الدور التركي والأميركي المقبل يرى «ستراتفور» أن أنقرة وواشنطن ستستمران في معارضتهما للرئيس بشار الأسد لكن كل طرف منهما سينفذ جدول عمل خاصاً به، فعلى الرغم من أن واشنطن تعلن عن سياستها بإخراج النفوذ الإيراني من سورية وهذا جزء من سياستها الشاملة ضد إيران، إلا أن هذه السياسة الأميركية ستولد توتراً بين واشنطن وموسكو، لأن موسكو تريد بقاء إيران في سورية لكن وقوع اشتباك عسكري بين موسكو وواشنطن لا يتجاوز عالم الاحتمال.
يرى المركز أن احتمال وقوع نزاع تتورط فيه الأطراف الخمسة قابل للتصور لأن واشنطن تقدم دعماً لمجموعات أكراد مسلحة تعدها طرفاً يقاتل داعش ويمكن توظيفها ضد الوجود الإيراني، بينما تعدها أنقرة مجموعات يجب إنهاء وجودها لأنها تلحق ضرراً بمصالحها مع أكراد تركيا.
مركز «ستراتفور» نشر تحليلاً في 30 تشرين الثاني الماضي، أشار فيه إلى أن المرحلة المقبلة من النزاع في سورية ربما تكون أخطرها! وركز في هذا التحليل على الموضوع الرئيس على جدول عمل سورية وحلفائها في هذه الأوقات وهو تحرير إدلب من المجموعات الإرهابية.
يتوقع المركز أن «تتمكن إيران من الصمود في مواجهة العقوبات الاقتصادية والحصار وأن تزيد من قدراتها العسكرية، على حين أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيواجه أكبر تحد لتركيا عام 2019 وهو الاقتصاد المتدهور»، ويرى أيضاً أن أنقرة لن يكون بمقدورها مهما فعلت لأوروبا أن تحصل على مساعدات منها لأن دول الاتحاد ستنشغل في مسألة خروج بريطانيا وكذلك تفاقم أزمة ديون إيطاليا ودول أوروبية أخرى بأمس الحاجة للتوازن مع الاقتصاد الأوروبي، وهذه العوامل ستؤثر في السياسة الخارجية التركية وخططها ضد سورية والعراق وقد لا تجد سوى روسيا وإيران من الدول القادرة على مساعدتها في بعض الجوانب الاقتصادية والسياسية.
وعن السعودية ودول الخليج يرى المركز أن «الولايات المتحدة ستزداد حاجتها للسعودية ودول الخليج من أجل زيادة التهديدات على إيران ومنعها من التوسع في علاقاتها».
ومن المتوقع ألا يطرأ أي تغيير سلبي للعلاقات بين واشنطن والرياض عام 2019 بسبب اتهام الأمير السعودي محمد بن سلمان بقتل جمال خاشقجي لأن هذا الموضوع يمكن أن يضع له الملك سلمان حلاً بصفته الملك صاحب العلاقات التاريخية مع الولايات المتحدة، ويتوقع المركز أن تبقى حالة المعارضة داخل الأمراء ضد محمد بن سلمان هادئة ولا تظهر كثيراً إلى السطح ودون مشاكل داخلية.
أما حول إسرائيل وصفقة القرن فقد توقعت الفضائية الأميركية «سي بي إس نيوز» أن يعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطته الشهرية باسم صفقة القرن على الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني للتفاوض عليها أي فرضها بالتالي على السلطة الفلسطينية، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يفضل أن يحدد لها هو موعد الإعلان عنها لكي يستخدمها ورقة انتخابية في انتخابات البرلمان المقبلة في عام 2019 والذي أجبر نفسه على عقدها قبل موعدها المقرر في تشرين الثاني 2019 أو في أيار 2019.
لكن كل التوقعات حول صفقة القرن تتجنب الإشارة إلى أنها ستفشل ولن يجرؤ أي طرف باستثناء تل أبيب وواشنطن على التعامل معها وتحديداً لأن الشعب الفلسطيني وفصائله سترفضها وتقاطعها.
تحسين الحلبي ـ الوطن السورية
Discussion about this post