لم يكن العدوان على الجنوب السوري وريفي دمشق الجنوبي والغربي ودرعا الغربي الذي تمكنت الدفاعات السورية من التصدي له وإفشاله، مفاجئًا لا للشعب السوري ولا لجيشه وقيادته، ولا لكل مراقب للأزمة السورية، وكل متابع لأحداثها، ذلك أن من خطط للمؤامرة الإرهابية ضد سوريا وأعد العدة والعتاد وكل ما يلزم لتنفيذها منذ ثماني سنوات، بل وقبل هذه السنوات لن يتورع عن القيام بعمل عدواني عبر الطائرات الحربية والصواريخ الموجهة، خصوصًا وأن الحسابات السياسية والميدانية لمنظومة التآمر والعدوان على سوريا تواصل حصد خسائر رهانها على ما اعتمدت عليه من تنظيمات إرهابية تكفيرية لتمرير مؤامرتها، وتنفيذ أجنداتها ومشروعاتها الاستعمارية.
كل عدوان جوي تحديدًا تشنه منظومة العدوان والتآمر على سوريا كان مرتبطًا بدعم التنظيمات الإرهابية التكفيرية على الأرض، ومن أجل وقف التدهور المذل والانكسار العميق في المنظومة الإرهابية التكفيرية، وتمكينها من البقاء على أرض الميدان لتواصل ما أوكل إليها من مهام ووظائف من قتل وتدمير وتخريب وتهجير، وهي مهام ووظائف يراها معشر المتآمرين أنها الطريق المضمون للوصول إلى إنجاز أهداف مخطط المؤامرة الإرهابية، بتفتيت سوريا وتقسيمها وتدميرها وإخراجها من جميع المعادلات العربية والإقليمية وحتى الدولية على غرار ما حققه معشر المتآمرين في كل من العراق وليبيا. والعدوان على سوريا مساء أمس الأول الخميس (بالتوقيت السوري) لم يخرج عن جملة الأهداف السياسية والميدانية المتضمنة المؤامرة الإرهابية، فهو من جهة أراد منفذوه تقديم الدعم لأدواتهم الإرهابية ـ كما في كل مرة ـ لرفع معنوياتها المنهارة والمنكسرة جراء الضربات المحكمة والموجعة التي تمكن الجيش العربي السوري من توجيهها بكل احترافية ودقة إلى العمود الفقري لمنظومة الإرهاب التكفيري، كما أراد منفذو العدوان بعث رسالة بالنار إليها بأن منتجيها ومشغِّليها معها، وأن الدعم لم ولن يتوقف، وبالتالي ما عليها إلا أن تواصل جرائمها بالقتل والتدمير والتهجير؛ أي تنفيذ ما أسند إليها من مهام ووظائف. ومن جهة أخرى أراد منفذو العدوان إيصال رسالة إلى سوريا وحلفائها أن منظومة التآمر والعدوان لا تزال حاضرة في الميدان والسياسة، وأنها قادرة على التأثير والتشويش والعرقلة بما تتقنه وهو الإرهاب والعدوان، لا سيما وأن العدوان جاء مباشرة بعد جولة المحادثات في أستانا التي جمعت الأطراف الضامنة (روسيا، إيران، تركيا)، والتي جاءت نتائجها مؤكدة للتفاهمات السابقة بشأن السيادة السورية، والوجود الإرهابي في سوريا عمومًا وفي محافظة إدلب خصوصًا، لكونها البؤرة الإرهابية الأخيرة من حيث الكم والكيف التي تصر سوريا على تطهيرها واستعادتها من بين أنياب الإرهاب التكفيري، وأنياب المتآمرين ذوي الأطماع الاستعمارية.
أما الوجه الآخر للعدوان الذي استهدف سوريا يوم الخميس فهو محاولة استطلاع بالنار لمعرفة مدى الفاعلية السورية لصد أي عدوان واسع يمكن أن يشنه معشر المتآمرين في قادم الأيام، وكذلك معرفة مواقع الدفاعات السورية، وخصوصًا منظومة الدفاع الجوي “أس 300″ التي بدأت تشكل قلقًا وصداعًا مزمنين ليس لكيان الاحتلال الإسرائيلي وحده لتحييدها الطيران الحربي الإسرائيلي، وإنما لمنظومة التآمر والعدوان كلها، بحيث يعمل المتآمرون على التفكير لكيفية استهداف هذه المنظومات الدفاعية قبل أو عند أي عدوان قادم.
نعم، العدوان لم يتمكن من تحقيق أهدافه لقدرة الجيش العربي السوري على التصدي للموجات العدوانية؛ لذلك لم يجنِ منفذوه إلا الفشل والخيبة مثلما في كل مرة، ولعل الضربة الموجعة والصدمة التي حصدها منفذوه هي أن منظومة الدفاع “أس 300″ لم يستخدمها الجيش العربي السوري بعد، حسبما أكدت مصادر عسكرية سورية، فكيف سيكون الوضع حين يتم استخدامها؟
الوطن العمانية
Discussion about this post