تجلت ازدواجية المعايير التي تنتهجها المنظمات الدولية تجاه سورية بشكل فاضح أمس عندما اكتفت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بالإعلان عن أنها تدرس إجراء تحقيق باستهداف التنظيمات الإرهابية المنتشرة في ريف حلب بقذائف تحوي غازات سامة أحياء في مدينة حلب، وذلك بعد سنوات من المماطلة والتسويف بعدد من الحالات المشابهة، وإرسال سورية عشرات الرسائل للأمم المتحدة ومجلس الأمن، أكدت من خلالها استهداف التنظيمات الإرهابية الأحياء السكنية في عدد من مناطق سورية وخاصة في حلب بقذائف صاروخية تحتوي غازات سامة.
وزارة الخارجية الروسية، أكدت في بيان أن الهجوم الكيميائي لإرهابيي جبهة النصرة على السكان المدنيين في حلب يجب ألا يبقى دون عقاب، فيما شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن واشنطن لا تسعى إلى تحقيق موضوعي بشأن حوادث استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية، فهي حتى الآن لم تدل بأي تعليق على استهداف أحياء مدينة حلب بهذه الأسلحة. وقبل أن تجف دماء ضحايا القصف الأمريكي على الشعفة، ارتكب تحالف واشنطن المجرم مجزرة جديدة بحق المدنيين في قرية أبو الحسن في الريف الجنوبي الشرقي لمدينة دير الزور راح ضحيتها عشرات المدنيين، ويتوقع ارتفاع عدد الشهداء بسبب الحالة الحرجة للعديد من الجرحى، إضافة إلى وجود العديد من المفقودين العالقين تحت الأنقاض.
ميدانياً، نفذت وحدات من الجيش عمليات مركّزة على محاور تحرك مجموعات إرهابية حاولت التسلل باتجاه القرى والبلدات الآمنة ونقاط الجيش المرابطة في ريف حماة الشمالي، وأوقعت في صفوفها خسائر كبيرة في العديد والعتاد.
فيما عثرت الجهات المختصة خلال عمليات تمشيط المناطق التي أعاد إليها الجيش الأمن والاستقرار في الغوطة الشرقية وبلدات في المنطقة الوسطى والجنوبية على أسلحة وذخيرة بينها صواريخ ومدافع من مخلفات الإرهابيين، في حين أعلنت الخارجية الكازاخية أن جميع المدعوين للجولة الجديدة من محادثات أستانا حول سورية سيحضرون أعمالها.
وفي التفاصيل، قال المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية فيرناندو ارياس: إن أمانة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تراقب الوضع، وإن المنظمة اتصلت بدائرة الأمن في الأمم المتحدة لتقييم الوضع الأمني على الأرض من أجل احتمال إرسال بعثة تقصي حقائق إلى سورية، وصرح ارياس للمشاركين في مؤتمر لمراجعة استراتيجية المنظمة للسنوات الخمس المقبلة بأن خبراء المنظمة سيواصلون العمل بشكل مستقل للتحقق من جميع المزاعم باستخدام المواد الكيميائية كأسلحة في سورية، مشيراً إلى أنه تمت مناقشة احتمال إطلاق تحقيق في الهجوم الذي تعرضت له حلب لمعرفة ما الذي حدث بالضبط فيها.
إلى ذلك، قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان: إن الهجوم الهمجي ضد السكان المدنيين في حلب يستحق التنديد، ويجب ألا يبقى دون عقاب، ونتوقع من المجتمع الدولي الذي أعلن مراراً رفضه القاطع لاستخدام الأسلحة الكيميائية في سورية أن يقوم برد فعل مناسب، وشددت على ضرورة الكشف عن المسؤولين عن استخدام مواد سامة في سورية وتقديمهم إلى العدالة بمن فيهم المسؤولون عن الهجوم الكيميائي في حلب، وقالت: إننا ننطلق من أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بوصفها السلطة الدولية المختصة الرئيسية التي تكشف الحقائق عن استخدام المواد السامة ستجري تحقيقاً مهنياً وفي الوقت المناسب في هذا الهجوم مع الامتثال التام لقواعد اتفاقية حظر واستحداث وإنتاج وتخزين واستخدام الأسلحة الكيميائية وتدميرها.
وأشارت الوزارة إلى أن الحكومة السورية بعد استهداف حلب أرسلت مذكرة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن ورئيس منظمة حظر الكيميائي تدعوهم لاتخاذ إجراءات للتحقيق في الحادث وإرسال خبراء للكشف على مكانه.
وفي وقت سابق أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحفي مع نظيره الدومينيكي ميغيل فارغاس بموسكو أمس: سارعت الولايات المتحدة في حادثة استخدام الأسلحة الكيميائية في خان شيخون العام الماضي لتوجيه اتهامات باطلة للحكومة السورية باستخدامها دون انتظار نتائج التحقيقات، وشنت عدواناً على أراضيها، ما يعني أن واشنطن كانت تبيت النية لتنفيذ خططها، ولا يهمها إجراء تحقيق موضوعي.
رئيس مركز الشرق الأدنى والشرق الأوسط في المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية فلاديمير فيتين، أكد أن الدول الغربية ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية يتجاهلان بشكل متعمد استهداف التنظيمات الإرهابية المنتشرة في ريف حلب بقذائف تحوي غازات سامة أحياء في مدينة حلب، ورأى فيتين في تصريح للصحفيين بموسكو أن اختيار وقت هذا الهجوم الإرهابي بالأسلحة الكيميائية تم بشكل خاص عشية الاجتماع المقرر في أستانا موضحاً أن نجاح محادثات أستانا وحل الأزمة في سورية أمر غير مرغوب من قبل المجموعات الإرهابية ورعاتها.
وكان أصيب 107 مدنيين بحالات اختناق جراء استهداف التنظيمات الإرهابية المنتشرة في ريف حلب بقذائف تحوي غازات سامة أحياء الخالدية وشارع النيل وجمعية الزهراء في مدينة حلب.
من جهة ثانية ذكرت مصادر أهلية في دير الزور أن طيران “التحالف الدولي” الذي تقوده الولايات المتحدة من خارج مجلس الأمن بذريعة محاربة تنظيم داعش الإرهابي قصف أمس منازل الأهالي في قرية أبو الحسن التابعة لمدينة هجين، ما تسبب باستشهاد وإصابة عشرات المدنيين أغلبهم من النساء والأطفال، ولفتت إلى أن غارات طيران “التحالف الدولي” المتواصلة دمّرت الكثير من منازل الأهالي والبنى التحتية نتيجة قوة تأثير الصواريخ التي تطلقها الطائرات المعتدية.
واستشهد خلال الأيام الثلاثة الماضية 45 مدنياً جلهم نساء وأطفال نتيجة غارات مماثلة على مدينة هجين وبلدة الشعفة بالريف الشرقي للمحافظة بحجة استهداف إرهابيي تنظيم داعش.
وفي سياق آخر قال وزير الخارجية الكازاخستاني خيرات عبد الرحمانوف في بيان أمس: إن كل المشاركين الذين تم الإعلان عنهم، أكدوا مشاركتهم وبينهم ممثلو المعارضة، وسيكون هناك أيضاً تمثيل للأمم المتحدة، لكننا ما زلنا ننتظر المعلومات النهائية عن مستواه.
وكان عبد الرحمانوف أعلن في مؤتمر صحفي الاثنين الماضي أن ممثلي الدول الضامنة لعملية أستانا، روسيا وإيران وتركيا، اتفقوا على عقد الاجتماع الدولي المقبل الحادي عشر رفيع المستوى حول تسوية الأزمة في سورية في إطار عملية أستانا يومي الـ 28 والـ 29 من الشهر الجاري.
من جهته أوضح مدير المكتب الإعلامي للخارجية الكازاخية أيبيك سمادياروف أن الدول الضامنة لاجتماعات أستانا ووفدي الحكومة السورية والمعارضة وكذلك الأردن بصفة مراقب، أكدوا حتى اليوم مشاركتهم في المؤتمر، وأشار إلى أنه من المتوقع في الوقت الحالي تأكيد مشاركة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية.
وفي بيروت جدد الرئيس اللبناني العماد ميشال عون دعوته المجتمع الدولي إلى المساهمة في تسهيل عودة المهجرين السوريين إلى ديارهم.
وقال عون خلال لقائه أمس رئيس مجلس النواب البلجيكي سيغريد براك: إن لبنان طالب المجتمع الدولي والمنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة بأن يصار إلى تقديم المساعدات للمهجرين السوريين بعد عودتهم إلى مناطقهم، لأنهم بذلك يساهمون في إعادة إعمار بلدهم.
ميدانياً، قصفت وحدات الجيش المتمركزة في معسكر بريديج وقرية المغير في ريف حماة الشمالي بالمدفعية وبالأسلحة الرشاشة الثقيلة محاور تسلل وتحرك المجموعات الإرهابية في قريتي الصخر والجنابرة، وأوقعت بين أفرادها خسائر مؤكدة.
وفي أقصى الريف الشمالي الغربي لمدينة حماة رصدت وحدة من الجيش مجموعات إرهابية تابعة لما يسمى “الحزب التركستاني” في أحد المواقع بمحيط بلدة السرمانية القريبة من الحدود الإدارية لمحافظة إدلب كانت تقوم بنصب منصات إطلاق صواريخ قبل أن تقوم بقصفه بالمدفعية الثقيلة، ما أدى إلى تدميره بشكل كامل.
وكانت مصادر محلية كشفت أول أمس عن قيام تنظيم جبهة النصرة الإرهابي والمجموعات التابعة له بنشر نحو 50 صاروخاً في مواقع متفرقة في إدلب وريفها بعد أن عدلها إرهابيون فرنسيون وزودوها برؤوس تحتوي مادة الكلور.
إلى ذلك أحبطت وحدة من الجيش محاولة مجموعة إرهابية التسلل من محيط مدينة اللطامنة باتجاه النقاط العسكرية العاملة في قرية الزلاقيات شمال مدينة حماة بنحو 30 كم، وأوقعت أفرادها بين قتيل ومصاب، فيما رصدت وحدات الجيش العاملة في بلدة الجبين شمال غرب محردة مجموعة إرهابية تابعة لما يسمى “كتائب العزة” كانت تحاول التسلل نحو بلدة الجبين، وأوقعت أفرادها بين قتيل ومصاب.
في الأثناء، تواصل الجهات المختصة تمشيط بلدات في الغوطة الشرقية وأرياف درعا والقنيطرة وحمص وحماة لاستكمال عملية تأمينها حفاظاً على حياة المدنيين فيها، وعثرت خلال عمليات التمشيط على أوكار ومخابئ فيها كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والقذائف المتنوعة من مخلفات التنظيمات الإرهابية تركتها قبل اندحارها من تلك المناطق، ومن بين الأسلحة صواريخ محمولة على الكتف مضادة للدروع ومدفع مزدوج كهربائي ومدافع (بي 9) وقناصتا شتاير وعدد من البنادق الحربية وبنادق الصيد ومدافع هاون من عيارات متعددة وقذائف دبابات ومدفعية و(آر بي جي) متنوعة العيار وعدد كبير من حشوات القذائف وكميات كبيرة من ذخيرة الرشاشات من أعيرة (5ر14) و(23) و(7ر12) وطلقات للبنادق الحربية، إضافة إلى أجهزة اتصال لاسلكية فضائية ومناظير ليلية.
Discussion about this post