قرار الولايات المتحدة الأميركية بالخروج عن الموقف الذي تبنته، في السنوات الماضية، بالامتناع عن التصويت على قرار “الجولان السوري المحتل”، الذي تعتمده الجمعية العامة للأمم المتحدة سنويا، هو اعتراف ضمني أميركي بضم إسرائيل لهضبة الجولان العربية المحتلة منذ عام 1967م، فقد ذكرت القناة العاشرة الإسرائيلية قبل أيام، أن البعثة الأميركية في الأمم المتحدة قررت التصويت ضد هذا القرار، الذي يؤكد أن مرتفعات الجولان هي أراض سورية تحتلها إسرائيل.
هذا فيما شكرت إسرائيل الولايات المتحدة على قرارها. وباركته، واعتبرته قرارا تاريخيا، إذ في كل مرة يتم التصويت على القرار تمتنع واشنطن، ولكنها قررت هذه المرة التصويت بـ”لا”.
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد ضمت الهضبة بقانون أصدرته في عام 1981م، وشرعت في الأعوام الماضية بمطالبة الولايات المتحدة بالموافقة على ضم مرتفعات الجولان إلى تل أبيب. بدورها، قالت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هايلي، إن البعثة الأميركية أوضحت أنه “في السنوات السابقة امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت على هذا القرار، ولكن، نظرا إلى انحياز القرار المعادي لإسرائيل، فضلا عن عسكرة حدود الجولان السوري، والأزمة الإنسانية المتفاقمة، فقد قررت الولايات المتحدة التصويت ضد القرار هذا العام، حسب قولها. لقد حاولت البعثة الأميركية أيضا إلقاء تبعات قرارها الفاضح والظالم واللاشرعي والمنحاز جملة وتفصيلا حول الهضبة، على التواجد الإيراني المشروع في سوريا، والذي جاء بطلب من الحكومة السورية، من خلال الادّعاء بالتأثير “المدمر” لإيران داخل سوريا، الذي يمثل “تهديدا” رئيسيا للأمن الدولي ولإسرائيل. كما أن داعش والمجموعات الإرهابية الأخرى لا تزال متواجدة في سوريا.
يأتي القرار الأميركي سيئ الصيت والسمعة، بعد اعتراف أميركا بالقدس الموحدة عاصمة لدولة الكيان الإسرائيلي، بالرغم من إرادة الشرعية الدولية والمجتمع الدولي، ما يؤكد أن شعار العدالة التي ترفعه واشنطن منذ تشكيل أميركا كدولة، ما هو إلا ديماغوجيا واضحة، كما أن قواتها الاحتلالية تتواجد في الشمال الشرقي السوري، وهي التي دعمت وتدعم كافة منظمات مسلحة في مخططها التآمري لتمزيق وحدة الأراضي السورية وتفتيتها إلى دويلات متناحرة. أما الاتكاء على العامل الإيراني، فهو محاولة لإلقاء التهم جزافا على قوة قاتلت من أجل إبقاء وحدة سوريا الكاملة، وهي لم تأت بدون إذن رسمي سوري، مثلما فعلت القوات الأميركية وحليفتها التركية، التي تعمل على تتريك مساحات واسعة من الأراضي العربية السورية في نهج مكشوف ومفضوح وأهداف احتلالية واضحة. الهدف الأميركي من تسويغ الاحتلال والضم الإسرائيلي لهضبة الجولان العربية السورية، هو خدمة لأمن دولة الاحتلال الإسرائيلي أولا، ومحاولة لإضفاء الشرعية للاحتلال الأميركي – التركي لأراض سورية كجزء من تصور أميركي للبقاء في المنطقة العربية.
من جهته، وفي مقابلة مع رويترز وصف وزير المخابرات الإسرائيلية إسرائيل كاتس، الإقرار الأميركي بسيطرة إسرائيل على الجولان، القائمة منذ 51 عاما، باعتباره الاقتراح الذي “يتصدر جدول الأعمال” حاليا في المحادثات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، وسينظر إلى أي خطوة من هذا القبيل على أنها متابعة لانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الدولي مع إيران واعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل وفتح سفارة أميركية جديدة بالمدينة هذا الشهر.
وأشادت إسرائيل بتلك الإجراءات بينما سببت قلقا شديدا بين كبار حلفاء واشنطن الأوروبيين. ووصف كاتس، عضو مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي المصغر الخطوة الأميركية بأنها جزء مهم من نهج لإدارة ترامب يقوم على مواجهة ما ينظر إليه على أنه توسع إقليمي وعدوان من جانب إيران العدو اللدود لإسرائيل.
القرار الأميركي مخالف لقرارات الشرعية الدولية، ولم تمض ثلاثة أيام على ضم إسرائيل للجولان في 14/12 1981 حتى أصدر مجلس الامن الدولي في17/12/1981 القرار رقم “497″ الذي يرفض الاجراء الاسرائيلي جملة وتفصيلا ويعتبره ملغى وباطلا. ويؤكد هوية الجولان السورية ثم إن إخواننا من مواطني الجولان المحتل من الطائفة الدرزية رفضوا ويرفضون هذا هذا الضم التعسفي، من خلال رفضهم استلام الهوية الإسرائيلية التي فرضت عليهم دولة الكيان الإسرائيلي حملها! كما يؤكدون يوميا، ويجتمعون سنويا في ذكرى الضم على حدود الهضبة المحتلة مع سوريا (يقابلهم أشقاؤهم على الطرف الآخر) للتأكيد على وحدة الهضبة وعلى عروبتها وعلى تمسكهم بهويتهم العربية السورية، ولكن واشنطن لا ترى هذه الظاهرة، وهي المدّعية بحمل شعار “احترام حقوق الإنسان”! جملة القول ستظل الجولان كما أرض فلسطين التاريخية، بما فيها القدس والجولان أراضي عربية، شاءت تل أبيب واشنطن أم أبتا.
د. فايز رشيد – الوطن العمانية
Discussion about this post