بالكثير من العاطفة والحزن، ودع الأرجنتينيون اليسارية كريستينا كيرشنر رئيسة الأرجنتين لولايتين متتاليتين منذ 2007، والتي تركت منصبها لخلفها اليميني ماوريسيو ماكري، والذي تولى الرئاسة عقب فوزه في انتخابات نوفمبر الماضي، انتخابات لم يكن بوسع الرئيسة كيرشنر المشاركة فيها طبقا لدستور الأرجنتين والذي لا يسمح لرئيس بأكثر من ولايتين متتاليتين.. هكذا ودون تنظيم مسبق احتشد آلاف الأرجنتينين قبالة القصر الرئاسي في العاصمة بوينس آيريس ليودعوا إحدى أكثر الرؤساء شعبية في تاريخ البلاد، في مشهد طغت عليه العاطفة والعرفان، والكثير من الرسائل السياسية.
كريستينا فيرناندز دي كيرشنر محامية من مواليد سنة 1953، انخرطت منذ سن ال17 في الحركة البيرونية، وهي حركة يسارية كانت تناضل ضد الحكم العسكري الديكتاتوري المدعوم من الولايات المتحدة، ثم دخلت البرلمان سنة 1989 بضع سنوات بعد الانتقال الديمقراطي في الأرجنتين.
خلفت زوجها القيادي البيروني نستور كيرشنر عقب انتخابات الرئاسة في 2007، وهو أحد أبرز وجوه اليسار الجديد الصاعد في أمريكا اللاتينية آنذاك والذي لم يترشح للانتخابات لأسباب صحية إذ أنه توفي بعد ثلاثة سنوات بعد تولي زوجته الحكم، وقد عرف عهده بداية خروج الأرجنتين من العباءة الأمريكية شأنها شأن العديد من الدول كالبرازيل، الأورغواي، الإكوادور وبوليفيا. ارتبطت كريستينا بزوجها المستقبلي نيستور كيرشنر أيام الجامعة، وقد ناضلا سويا في الشبيبة البيرونية مما أدى إلى هروبهما وتخفيهما في الجنوب الريفي للبلاد هربا من البطش العسكري آنذاك.
تولى زوجها الحكم في ظروف صعبة جدا، حيث كانت الأرجنتين على حافة الإفلاس نتيجة لأزمة 2001 الشهيرة، لكن نستور كيرشنر أعطى الأولوية لمشاريع البنية التحتية حتى يتمكن من توفير مناصب الشغل كما عزز من السياسة الاجتماعية في البلاد، على صعيد آخر قاد مع رؤساء البرازيل لولا دا سيلفا وفينزويلا الراحل هوغو تشافيز حركة اندماج سياسية واقتصادية أمريكية لاتينية أفضت إلى ربيع يساري في القارة ككل وخروج من الهيمنة الأمريكية.
انتخبها الأرجنتينيون رئيسة للبلاد في مناسبتين متتاليتين، في 2007 و2011، وقد عرف عهدها الكثير من التغييرات سواء في الاقتصاد، الحقوق، حرية الإعلام، العلاقة مع الجيش والكنيسة، وأيضا العلاقات الخارجية، والتي اكتسبت بسببها شعبية كبيرة سواء في الأرجنتين أو حتى في الوطن العربي لا سيما لمواقفها من قضية فلسطين
Discussion about this post