التصريح الذي أدلى به الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم السبت بشأن قراره الذي اتخذه بالاعتراف بسيادة كيان الاحتلال الإسرائيلي على مرتفعات الجولان السوري المحتل بأنه اتخذه بعد تلقيه درسًا سريعًا في التاريخ، هو تصريح بقدر ما يثير السخرية والضحك بقدر مايبين الخلفية الثقافية والتاريخية، ومقدار ما تلقاه من تعليم، ليبدو رصيده التاريخي والمعرفي والثقافي صفرًا، وأنه مجرد تاجر عقارات لاعلاقة له بالتاريخ السياسي وغيره.
ترامب قال أمام تجمع الائتلاف اليهودي الجمهوري في لاس فيجاس إنه اتخذ هذا القرار السريع خلال نقاش مع كبار مستشاريه بشأن السلام في الشرق الأوسط ومن بينهم ديفيد فريدمان سفير الولايات المتحدة لدى كيان الاحتلال الإسرائيلي وصهره جاريد كوشنر، وحين نتمعن في هذا التصريح الواضح نجد أنه لا يؤكد فقط ما ذهب إليه أغلب المتابعين لقرار ترامب بسيادة كيان الاحتلال الإسرائيلي على مرتفعات الجولان السوري المحتل بأنه يجهل مكان هذه المرتفعات وجغرافيتها، وطبيعة تضاريسها، على الخريطة السياسية والجغرافية، وربما يجهل موقع سوريا من الخريطة وغيرها، وإنما يؤكد أيضًا مدى الدور الذي يمارسه اللوبي اليهودي الداعم لكيان الاحتلال الإسرائيلي، واختيار ترامب ذاته من يشرف وينسق على ما يسمى ملف السلام في الشرق الأوسط، حيث الاختيار جاء من الصهاينة الذين يوالون كيان الاحتلال الإسرائيلي، فضلًا عن انتماء الرئيس ترامب شخصيًّا لهذا الكيان الغاصب، واستعداده فعل ما يمكن فعله لخدمة كيان الاحتلال الإسرائيلي وبقائه ومد أذرع احتلاله في عموم المنطقة، وكأن انتخاب ترامب جاء من أجل خدمة الكيان الإسرائيلي المحتل.
لذلك لم يجانب الرئيس ترامب الصواب حين قال إنه اتخذ قراره بعد درس سريع في التاريخ، كما أنه ليس مثيرًا للدهشة والريبة حين يكون معلم التاريخ السريع من ذوي الجذور الصهيونية؛ فالدرس لا يعبِّر عن استشارة، بل يعكس أن هناك أمرًا وضغطًا على شخص الرئيس ليتخذ القرار وعدم التردد، ودعم الأخذ في الحسبان أي ردود فعل قد تصدر عقب القرار.وحسب وكالة رويترز فإن ترامب يطلب عادة إحاطته بالأمور بشكل سريع ومركز، ويشتهر بإعادة سرده الروايات بشكل يتضمن بعض الخيال.
إن تصريح ترامب فيه اعتراف واضح بمدى التلاقي والتواؤم والتحالف الكبير بينه وبين بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي الذي جاء القرار الأميركي بضم الجولان السوري المحتل استنادًا إلى التحالف الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وكيان الاحتلال الإسرائيلي والسياسة الأميركية الثابتة بدعم هذا الكيان الغاصب وتمكينه وحمايته وتقديم كل ما يلزمه، وربط أمن الولايات المتحدة بأمنه.
صحيح أن الدرس السريع في التاريخ الذي لقنه اللوبي اليهودي لترامب والذي به ضرب عصفورين بحجر واحد: الأول دعم نتنياهو في الانتخابات، والثاني محاولة سرقة الجولان السوري واحتلاله بأكمله، لكنه في الثوابت السورية القومية وفي ثوابت السياسة والجغرافيا والتاريخ والقانون الدولي لن يغير شيئًا.
الوطن العمانية