نشرت صحيفة “الإيكونوميست” البريطانية تقريراً سلّطت فيه الضوء على دور القهوة التركية في تسريع سقوط الدولة العثمانية في القرن التاسع عشر.
وأوضحت الصحيفة أنّ السلطان سليمان القانوني الذي حكم من 1520 إلى 1566 أحضر القهوة إلى تركيا، مشيرةً إلى أنّ الرجل الذي أرسله لـ”حكم اليمن” عاد إلى القسطنطينية حاملاً مشروباً يمد الجسم بالطاقة.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ هذا المشروب الذي عُرف في اليمن باسم القهوة حقق نجاحاً فورياً في الدولة العثمانية، حيث اعتاد العشرات أن يساعدوا القهوجي على طحن حبوب البن لتصبح تركيبها شبيهة بالقهوة سريعة التحضير اليوم، قبل غليها في أقدار نحاسية وصبّها في فناجين من الخزف. وهنا، بيّنت الصحيفة أنّه يتردد أنّ زوجة السلطان السليمان، السلطانة حُرم (معروفة عربياً باسم السلطانة هيام)، اعتادت احتساء قهوتها مع كوب من الماء ومكّعب من الراحة، أي كما تُقدّم القهوة في تركيا اليوم، وذلك للتخفيف من مرارتها.
وعلى الرغم من صدور فتوى “متشددة” بتحريم القهوة، أكّدت الصحيفة أنّها شعبيتها لم تتأثر: إذ أسس تاجران سوريان المقهى الأول في تركيا في العام 1555، وتحديداً في اسطنبول، مضيفةً أنّ هذه الفكرة لاقت رواجاً كبيراً حتى بات متجر من أصل 6 في المدينة يقدّم القهوة، وذلك قبل أن تبلغ شعبيتها تدريجياً أصقاع الدولة العثمانية.
وشرحت الصحيفة أنّ المقاهي أتاحت للرجال الاجتماع في غير المنازل والمساجد والأسواق، مشيرةً إلى أنّ المثقفين اعتادوا قراءة الأخبار جهاراً فيها، في حين أنّ الانشكاريين (فرقة في الجيش العثماني) استخدموها للتحضير لاحتجاجات ضد السلطان. وأضافت الصحيفة بأنّ المقاهي عرّفت الأميين، الذين مثّلوا أغلبية المرتادين آنذاك، إلى أفكار “مثيرة للمتاعب” بالنسبة إلى الدولة العثمانية: الثورة وتقرير المصير ولاعصمية القوي.
ونظراً إلى هذا الواقع، لفتت الصحيفة إلى أنّ السلطات العثمانية سارعت إلى اعتبار المقاهي تهديداً بالنسبة إليها، موضحةً أنّ بعض السلاطين زرعوا الجواسيس فيها، وأنّ محاولات السلطان مراد الرابع الرامية إلى إغلاقها بشكل كامل في القرن الثامن عشر باءت بالفشل، وذلك لأنّها كانت تدر أرباحاً وفيرة.
وبيّنت الصحيفة أنّ شعبية المقاهي ازدادت في القرن التاسع عشر مع بلوغ التيارات القومية في الأراضي العثمانية في القرن التاسع عشر أوجها، شارحةً بأنّ القادة القوميين اعتادوا الاجتماع للتخطيط وتعزيز التحالفات في مقاهي سلانيك وصوفيا وبلغراد. وخلصت الصحيفة بأنّ جهود هؤلاء نجحت، إذ استقلت اليونان في 1821 وصربيا في 1835 وبلغاريا في العام 1878.
سنمار سورية الاخباري
Discussion about this post