تتزايد الاحتمالات التي يتداولها عدد من المختصين بالوضع الاقتصادي للولايات المتحدة وإمكانية تدهور دور دولارها في السوق العالمية فعضو مجلس النواب الأميركي رون بول حتى عام 2013 والذي كلفته اللجنة البرلمانية الأميركية في عام 2013 بوضع مشروع اقتراح اقتصادي لإيقاف تدهور الاقتصاد قال لمجلة «أنتي وور» الإلكترونية الأميركية في 8 نيسان الجاري المناهضة لسياسة الهيمنة الأميركية إن «الانهيار الاقتصادي الأميركي بدأ يحدث وسوف ينهار خلاله الدولار وتظهر خطط لفرض قوانين طوارئ عسكرية في الولايات المتحدة»، ويؤكد ملايين من الأميركيين هذه المخاوف ويشيرون إلى اقتراب وقوع أزمة حادة في سوق الأوراق المالية تؤدي إلى ركود وانكماش كبير.
المعروف أن عملة الدولار كانت قد حلت محل الجنيه الإسترليني البريطاني في عام 1945 بعد أن تعرض الاقتصاد البريطاني في الحرب العالمية الثانية لضربات كثيرة وخسر مستعمرات كبيرة فأصبح الدولار المدعوم بكميات كبيرة من الذهب هو العملة التي بدأت أسواق الاقتصاد العالمي واقتصاد دول كثيرة بالاعتماد عليها
وكان الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما نفسه قد حذر أثناء ولايته الأولى من أزمة ضخمة يواجهها الاقتصاد الأميركي ودعا إلى الاستعداد لها حين كاد النظام المالي الأميركي ينهار بأكمله عام 2008 وفقد ملايين وظائفهم وقيمة ما دفعوه من أقساط في العقارات والبيوت التي كانوا يقيمون فيها.
بالمقابل يحذر رون بول من تسارع أعراض الأزمة الأشد والأضخم من أزمة العقارات والبنوك في عام 2008 لأنها قد تفرض على الإدارة تطبيق قوانين الطوارئ العسكرية لمنع مضاعفاتها السياسية والاجتماعية داخل المجتمع الأميركي.
لكن رون بول لا يتحدث عن آثار مثل هذه الأزمات الاقتصادية والمالية الأميركية على دول النفط العربية التي تعودت الإدارات الأميركية على سلبها مئات المليارات من الدولارات التي تضعها في بنوكها تحت سيطرة القرار الأميركي من عشرات السنين ففي 20 أيلول عام 1981 كانت الإدارة الأميركية قد وضعت يدها على 100 مليار دولار تعود لدول الخليج بعد ارتفاع أسعار النفط في السبعينيات، ولا يقتصر النهب الأميركي على أموال هذه الدول الصديقة بل إن إدارة جيمي كارتر صادرت 11 مليار دولار لإيران بعد الثورة الإسلامية على شاه إيران.
مجلة «اينفيست اوبيديا» الأميركية ذكرت في 16 تشرين الأول الماضي تحت عنوان «كيف تؤثر دولارات النفط العربية على الدولار الأميركي» أن الإدارات الأميركية تضع دوما في حساباتها عند أي أزمة يتعرض لها الدولار استخدام أرصدة أموال دول نفط الخليج للتخفيف من الخسائر وحدة الأزمات.
وهذا يعني أن دول النفط الخليجية نفسها تدفع غالبا تعويضات مالية عن أي تدهور في الاقتصاد الأميركي أو أي تدهور للدولار.
وإذا صحت توقعات رون بول باقتراب أزمة لم تعهدها الولايات المتحدة من قبل في الاقتصاد وتدهور الدولار فإن شعوب الخليج نفسها ستصاب بعدد من أعراضها الأميركية التي ستجبر الجيش الأميركي على تنفيذ قوانين الطوارئ الحربية بموجب ما يتوقع رون بول.
كما تكشف مجلة «اينفيست اوبيديا» أن الولايات المتحدة تتحكم بقرارات دول النفط الخليجية بواسطة اتفاقات ثنائية عقدتها مع كل دولة من هذه الدول عام 1974 وجعلت السعودية تقوم بمهمة الضغط على دول نفط أوبيك لمنع إلحاق أي ضرر بالمصالح الاقتصادية الإستراتيجية والمالية للولايات المتحدة وبهذه الطريقة تفرض واشنطن مصالحها ونفوذها على أسواق النفط ومنطقة الشرق الأوسط منذ الحرب الباردة.
لكن العالم في هذه الأوقات بدأ يتغير باتجاه مناهض ومناقض للمصالح الأميركية وفتح هذا التغيير مجالاً نسبياً متزايداً لإفلات بعض الدول من شباك الضغوطات والتهديدات الأميركية والاستعانة بدول مثل روسيا والصين وبعض الدول الأوروبية وهذا ما جعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستقبل أمراء ورؤساء من دول النفط العربية الصديقة للولايات المتحدة للتأكيد لهذه الدول بأن الولايات المتحدة ليست قدراً محتماً في هيمنتها وتسلطها على الدول الصغيرة وثرواتها وأموالها، ولا شك أن تزايد عدد الدول النفطية غير الخاضعة للهيمنة الأميركية سيدفع إلى توحيد جهود إقليمية ودولية لمنع الولايات المتحدة من سلب أموال نفط العرب وتوظيفها في الحروب العربية التي تستفيد منها الولايات المتحدة في بيع الأسلحة وإشعال المزيد من هذه الحروب لمصلحة إسرائيل ومخططها التوسعي.
تحسين الحلبي – الوطن السورية