عرفت جميع الحضارات على مدار التاريخ البشري، التوازن بين الخير والشر، عبر تطبيق مبدأ الثواب والعقاب، ومن خلال تلك الفكرة، تقول الأسطورة إن العام لا ينتهي قبل أن يمر “سانتا كلوز”، على البيوت ليكافئ الطيبين بالهدايا.
وبالطبع لم تتوقف الأسطورة عند هذا الحد، وإنما تحدثت عن الوجه الآخر، وهو عقاب الأشرار، الذي يطون عن طريق زيارة من قرين “سانتا كلوز”، الذي يصطحب هؤلاء المشاكسين إلى الجحيم، فما قصة “كرامبوس” المرعب!
ما هو “كرامبوس”؟
“كرامبوس” هو مخلوق أسطوري، يُعرف في بلدان جبال الألب، وفقاً للأسطورة التي تعود إلى قرون مضت، وهو ضخم مشعر بالكامل، وله ذيل أفعواني، وقرنان طويلان، ويتجول في المساء، بساقي عنزة سوداء، قبل نهاية العام، بحثا عن الأطفال الذين يسيئون التصرف في المنازل، ليضعهم في كيس قماشي كبير، ويصطحبهم معه إلى الجحيم.
ويعرف “كرامبوس”، بأنه قرين “سانتا كلوز” المرعب، وفي الألمانية يسمى “كرامبوسناخت “، و”كرامبوس” هو اسم مشتق من الكلمة الألمانية “krampen”، وتعني “مخلب”، ووفق الأسطورة فهو ابن “هيل”، المشرف على أرض الموتى في الميثولوجيا الإسكندنافية، كما أنه يشترك في سمات مع شخصيات شريرة أخرى في الميثولوجيا الإغريقية.
أين بدأت تلك الأسطورة؟
تنتشر أسطورة “كرامبوس” في مناطق جبال الألب، بالنمسا وألمانيا وهنغاريا وسلوفينيا والتشيك، ويعرف هذا الوحش من صوت مخالبه، التي تدب على أسطح المنازل ليلا، وطرقعة سلاسله الحديدية التي يقيد بها الأشرار.
ويحرص الأطفال على عدم جذب انتباه هذا الوحش في تلك الليلة، بسوء التصرف، حتى لا يأخذهم إلى جحيمه الذي يبقيهم فيه لمدة عام كامل.
وتقول الأسطورة إنهم قد يبيتون وجبة عشائه، على مدار العام التالي، أما هؤلاء الأطفال الذين يحسنوا التصرفات، يأتي إليهم في اليوم التالي “سانتا كلوز” بالهدايا والألعاب، مكافأة لهم على طيبتهم وحسن تصرفاتهم.
“كرامبوس” قرين مرعب أم رفيق؟
في بعض الروايات يقال إن “كرامبوس”، ليس قرينا مرعبا، بل إنه رفيق ل”سانتا كلوز”، وأن الأخير هو من يرسله قبله بليلة واحدة، كي يعاقب الأطفال الذين يسيئون التصرف والأشرار على أفعالهم، فيدخل إلى سرير كل طفل منهم، ويضربه بحزمة من أعواد البتولا، ويشبك مخالبه بشعر كل طفل، قبل أن يلقيه داخل سلة من الخوص، أو كيس من القماش، ويصطحبهم جميعا معه إلى الجحيم لمدة عام.
وتقول الأسطورة إن “كرامبوس”، لا يعيد الأطفال الذين يأخذهم إلى مخبأه في الجحيم، وإنما يتغذى عليهم على مدار العام التالي!
وفي الآونة الأخيرة، يدور الحديث عن “كرامبوس”، كرفيق لـ”سانتا كلوز”، الذي يوزع الهدايا على الأطفال، فيما يوزع “كرامبوس” أحجار الفحم على الأطفال السيئين.
تقليد “كرامبوس” الشعبي
وتتبادل العائلات تقليديا بطاقات المعايدة الملونة، التي تتضمن رسومات “كرامبوس” منذ عام 1800، في مناطق جبال الألب، لكن في أوائل القرن العشرين، حظرت الحكومة النمساوية ذلك التقليد، حتى تم إحياؤه من جديد، مع سقوط الحكومة، عقب الحرب العالمية الثانية.
وحتى الآن لا تزال المسابقات السنوية التقليدية، تقام في مكان يرتدي فيه الشبان زي “كرامبوس”، ويتسابقون في الشوارع، وهم يمارسون التسلق والمضايقات، في العديد من المدن والبلدات، تمشيا مع التقليد القديم.
ويتجمع أكثر من 1200 نمساوي في شلادمينج، كل عام لارتداء ملابس “كرامبوس”.
رفاق “سانتا كلوز” الأشرار
وعرفت الحضارات مخلوقات أشبه في عملها بالوحش “كرامبوس”، ويختلف كل مخلوق طبقا للحضارة أو الثقافة التي تعرفه، وربما كان هذا للحفاظ على التوازن، وبيان الفرق بين الخير والشر، وبالفعل كان ذلك وسيلة ناجحة لإرشاد الأطفال، وتشجيعهم على فعل الصواب.
وهذه الشخصيات الأسطورية لها العديد من السمات المشتركة، وعادة ما كانت تلعب دور المعاقب أو الخاطف، على النقيض من “سانتا كلوز”، صاحب الحية البيضاء، فهؤلاء كانوا في الغالب يحملون قضيبًا أو عصا أو مكنسة، وعادة ما كانوا يرتدون ثيابًا سوداء، وكانوا قبيحي المظهر.
وفي ألمانيا، عرف “كنيشت روبرشت”، بأنه رجل عجوز ذو لحية طويلة، يلبس القش أو مغطى بالفراء، ويعرف الأطفال مجيئه، بسبب رنين أجراس صغيرة مخيطة في ملابسه، ويحمل كيسا ضخما من الرماد، ويضع الفحم في أحذيتهم، وأقصى العقوبات ربما وضعهم في كيس الرماد، وإلقائهم في النهر، أو أكلهم، طبقا للأسطورة!
سنمار سورية الاخباري – رصد