لوحة فسيفساء مريمين من أجمل لوحات العالم وقد لاقت اهتمام الحكومة السورية وطبعت على ورقتها النقدية ذات الفئة خمسمائة ليرة سورية
حيث تعتبر هذه اللوحة المكتشفة في ستينيات القرن الماضي من اللوحات النادرة وهي لوحة العازفات التي صنفت بأنها من أجمل لوحات الفسيفساء في العالم، أبعاد اللوحة (4.25 × 5.37 م)وهي موجودة حاليا في متحف مدينة “حماة” الوطني وقد اكتشفت في قرية “مريمين” التي أصبحت حديثا ضمن حدود محافظة “حمص” الإدارية حيث تبعد عنها حوالي /30/كم
وهي تمثل مشهداً موسيقياً والمشهد عبارة عن نساء موسيقيات، تظهر فيها آلات تلك الأيام الموسيقية، وتبدو واحدة منهن تعزف على الهارب وبجانبها إلهين مجنحين يدوسان على دواسات الإيقاع، وواحدة ترقص وواحدة معها مزمارين و وأخرى تعزف على آلة موسيقية هندية تتألف من زبادي معدنية مليئة بالماء على مستويات مختلفة فوق طاولة، عند نقر حوافها بعصي خشبية تصدر أصواتاً موسيقية وتشكل صورة هذه العازفة أكثر من ثلث اللوحة، وقد اعتبرت الدكتورة البلجيكية “دوشيسن جيلمان” أن لوحة “مريمين” ذات أهمية كبيرة فقد زودت العلماء الباحثين بوثيقة فنية عن كيفية العزف على الأورغن في تلك الأيام».
وقد ذكرت “مريمين” في الوثائق المصرية باسم “مريامون”، والاسم مكون من مقطعين المقطع الأول “مري” باللغة الهيروغليفية يعني المحبوب المقطع الثاني “أمون” وهو اسم الإله المصري “أمون”، وبالتالي يكون اسمها باللغة المصرية “حبيبة الرب أمون”، وبنى فيها الفراعنة معبداً للإله “أمون”، و”مريامون” من ألقاب “رعمسيس” الثاني أيضاً وبالآرامية “مريمين” نفسه لا يتغير ومعناه المرتفعات، ويتفق هذا المعنى مع التكوين الطبوغرافي لـ”مريمين” التي كانت منتشرة على مجموعة من المرتفعات المجاورة
يقول الشاعر جوفينال 65 ـ 128م:
(لقد أخذ نهر العاصي منذ مدة طويلة يصب مياهه في نهر التيبر حاملاً معه رطانته وعاداته وقيثارته وأوتار عوده…)
ويقول يوحنا فم الذهب:
(إنّ التراتيل تقليد تراتيل الملائكة والموسيقى إلهام من روح القدس).
وتذكر الأساطير اليونانية بأن الإله هرمس هو من ابتكر آلة الليربإفراغ صندوق سلحفاة من محتواه وإضافة ثلاثة أوتار إليه.
وينسب للإله أبولون (رب المدينة وملهم الشعراء والموسيقيين وقائد ربّات الفنون) قصة ابتكاره آلة اللير أو القيثارة.
بينما يعتبر مزمار بان كإشارة للرعاة، فهو من ابتكر آلة سيرينكس (Syrinx)،
وتقول الأسطورة بأن الإنسان القديم عندما نسج الخيال حول إحدى عرائس المياه حيث أولع بإحداها بان رب الرعاة،فتبعها، فما كان منها إلا أن تحولت إلى قصبة قطعها بان وجعل منها آلة موسيقية ذات سبع قصبات عفت بذلك الإسم؛وتضيف الأسطورة اليونانية بأن (أوتيرب) الذي يعتبر رب الطرب والسرور والنفخ بالمزمار هو من اتخذه رمزاً له.
أما أسطورة ديونيسيوس، فنلاحظ فيها تنوع تشير إلى أعراسه وأفراحه وإلى مرافقة الساتير الراقص والساتير العازف على مزمار مزدوج باتجاهين متعاكسين.
كما أفادت الأسطورة اليونانية بمعرفة دور الموسيقى في الاستشفاء من الأمراض،
فتقول بأن القنطور شيشرون هو من رفع مستوى الموسيقى وشفى المرضى بألحان قيثارته.
أما أثينا (منيرفا) فينسب إليها ابتكار المزمار المزدوج الذي رمته على الأرض فالتقطه مارسياس
وأصدر في عزفه الأول ألحان عذبة سمعها أبولون رب الموسيقى فاعتبرها تحدياً له،فأمر بسلخ جلد مارسياس وصلبه على شجرة سرو.
أما الشاب أورفيوس، فقد منحه الإله أبولون وربّات الفنون والموسيقى المواهب الفنية التي جعلت من أغانيه وقطعه الموسيقية المعزوفة على قيثارته موحيّة وجذابة للكائنات الأليفة والمتوحشة في الغابات،
لتقترب منه وتنحني لألحانه الأغصان بعزفه على قيثارته السحرية.
أما الطبل أو الطبلة فيكمن بها أسرار عديدة لدى ربة الأرض سيبيل،حيث كانت تستخدم الطبلة في تحرير المرء من الأفكار السيئة والأمراض وتستخدم في الطقوس الجنائزية والشعائر الدينية والحروب نظراً لصوتها الهادر الذي يخرج الرعب من نفوس أصحابها ويلقي الذعر في نفوس الأعداء.
ويظهر في الأدب اللاتيني عازفين على الناي من منبج.
علاوةً عن هذا كله، فقد ارتبط بناء المسارح في الفنون، لتعمّ هذه المسارح المدن السورية،بدءً من دمشق العاصمة الداخلية للولاية السورية في العصر الروماني، ثم تدمر لؤلؤة البادية السورية،
وبصرى عاصمة الولاية العربية، وسيرهوس مدينة آفيديوس كاسيوس القائد السوري قاهر البارثيين،
وأفاميا ذات أكبر المسارح السورية، وجرش، وجبلة محبوبة يوليوس قيصر، عدا عن المسارح الصغيرة التي استخدمت لعدة أمور كأوديون قنوات والسويداء.وكانت تجري على منصات هذه المسارح التمثيليات والجوقات الموسيقية،والمسابقات الفنية للترفيه عن الشعب طيلة ثلاثة قرون من العصر الروماني.
ويؤكد ذلك بأن لوسيوس فيروس (130 ـ 165م) صهر ماركوس أوريلوس زوج ابنته لوسيلا
بعد حملته على الفرس البارثيين عام 161م أمضى بعض الوقت في مجالس السرور والطرب في اللاذقية،وفي دفنة قرب أنطاكية، وعندما عاد إلى عاصمته روما اصطحب معه عدداً من الفنانين والموسيقيين الذين أثروا فعلاً في ذوق مجتمع ذلك العصر.
ومن أهم القطع الأثرية التي تظهر جوقة موسيقية تؤرخ إلى نهاية القرن الثالث الميلادي وهي عبارة عن لوحة فسيفسائية مكتشفة في مريمين ومعروضة في متحف حماة، تمثل مشهداً مؤلفاً من عدة فتياتٍ تظهر واحدة ترقص على إيقاع صنجين بيديها،وأخرى تعزف على قيثارة، كما تظهر قارعة على طاسات برونزية، ونافخة في مزمار مزدوج وعازفة على أرغن وأطفال يزودون الأرغن بالهواء بطريقة النفخ بالدوس بقدميهم على المكابح،ويعتبر هذا الأرغن الأول في التاريخ حيث يظهر لأول مرة على الفنون السورية.
تجدر الإشارة إلى قيام الفيلسوف (ابن برديصان 154 ـ 222م)بوضع أسس علم الترانيم الدينية، وأدخل الموسيقى إلى الكنيسة،ونظّم قصائد جعل لها ألحاناً مطربة..كان يتفنن بإنشادها فتيان وفتيات مدينة الرها (أديسا).
أما الرسوم الجدارية المتبقية في قصر الحير الغربي والعائدة إلى العصر الأموي فتمثل عازفة تعزف على عود مؤلف من خمسة أوتار مقابل نافخ في مزمار مزدوج.
سنمار سورية الاخباري – رصد