لا يبدو أن المجتمع الدولي وبالاخص الدول الغربية التي اصطفت طوال سبع سنين في الخندق السياسي والعسكري المعادي للحكومة السورية سوف تسمح بالحسم الكامل للرئيس بشار الاسد على محافظة ادلب آخر معاقل الجماعات الارهابية وفلول ما سمي بالجيش الحر. قمة اسطنبول الاخيرة بين كل من رؤساء روسيا وتركيا وفرنسا اضاقة الى المستشارة الالمانية تؤكد أن التوجه السوري – الايراني لحسم الامور في ادلب عسكرياً قد بلغ خواتيمه، مع الاعتراف الروسي بأن الخيار السياسي والديبلوماسي سوف يكون الغالب من الان فصاعداً على الساحة السورية ليتناغم مع مطالب الدول المشاركة في اسطنبول والتي تخشى بدورها على امنها القومي والاجتماعي من موجات جديدة من اللاجئين وفلول الارهابيين الذين قد يستعملون اللاجئين للتغلغل فيما بينهم والوصول الى اوروبا.
ماذا سيحصل للجماعات الارهابية في ادلب؟
تقول مصادر لديها وجود عسكري على الاراضي السورية أن الحل المرتقب في ادلب اذا ما حصلت عملية عسكرية، وهي مستبعدة، أن تتولى الدول الداعمة في السر للجماعات الارهابية تسيير امورهم ونقلهم الى اماكن ودول اخرى يجري الاتفاق عليها بين اجهزة الاستخبارات الفاعلة على الارض. ويقول المصدر إن من المحتمل أن يتم نقل الارهابيين في حال حصول تسوية الى وجهتين تتولى فيها الجهات الراعية لهم عناء نقلهم اليها. وتتمثل الوجهة الاولى بما يسمى بالصحراء العراقية والتي تحد الحدود السورية الشرقية حيث ينشط في تلك المنطقة تنظيم داعش الارهابي ويسيطر على بقعة من الارض لا بأس بها وبدأ يشكل تحدياً وخطراً جدياً للحكومة العراقية. اما عن الوجهة الثانية، فسوف تكون افغانستان حيث من المفترض نقلهم الى الحدود مع ايران هذا ما رفضته الاخيرة وابلغت عبر القنوات المختصة الاتراك انها لن تقبل هكذا اجراء وأنه يخلق لها مشكلة اخرى على حدودها الشرقية. كذلك ابدت الحكومة العراقية رفضها لهكذا مخطط وانها لن توافق على نقل اي ارهابي من سوريا الى داخل اراضيها وتحت اي ذريعة.
دور بوتين: المحاور الاول وصانع التسويات الرابحة
بالعودة الى الحل السياسي في سوريا، يبدو جلياً أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اصبح المحاور الاول في سوريا وصانع التسويات المركزي في اي حل في الحاضر او في المستقبل. اذ ان بعد ان وضع كل ثقل بلاده العسكري في سوريا سنة 2015 وقلب دفة الصراع لمصلحة حليفه الرئيس بشار الاسد، بات بوتين المكون الرئيسي لأي حل او تسوية في سوريا وهذا ما اراده من اجتماع اسطنبول، ان يقول للأوروبيين انه يريد الحل السياسي في سوريا ولكن بشروطه المدعمة بالقوة العسكرية والحضور الفاعل لحلفائه على معظم الاراضي السورية. وانطلاقاً من هنا، لن يكون الحل السياسي في سوريا الا لمصلحة من انتصر على الارض اذ ان ما فشل اعداء الاسد في اخذه بالحرب لن يأخذوه بالسلم. ومن المتوقع ان تشكل اللجنة المعنية بصياغة دستور جديد للبلاد في نهاية السنة الحالية وسوف يكون للحكومة السورية العدد الاكبر من اعضائها لضمان سير الامور بالاتجاه الذي يخدم سوريا وحلفائها. وبالتوازي مع صياغة الدستور سوف يكون العمل جارياً على اعادة اللاجئين الى المناطق الامنة ولكن يجري العمل حالياً على تأمين ضمانات دولية بأن تستمر المساعدات التي كان يتلقونها هؤلاء في الدول المضيفة حتى بعد عودتهم الى سوريا كون لا مقومات للعيش الكريم في المناطق المنكوبة ولتجنب ازمة انسانية جديدة كون لا قدرة للحكومة السورية حالياً على اعانة هؤلاء. ويبقى الوجود العسكري الاميركي والتركي والفرنسي من جهة والايراني والحلفاء العراقيون واللبنانيون للحكومة السورية، والذي تمت مناقشته في قمة هلسينكي بين الرئيسين الروسي والاميركي حيث ربط بوتين انسحاب حلفاء الحكومة السورية بالانسحاب الشامل لكل القوات الاجنبية من الاراضي المحتلة السورية شرق الفرات وفي ادلب وفي التنف.
حنا ايوب – الديار
Discussion about this post