من رآه وهو يتسلق القمة الرباعية حول سورية بأرجل صاحب الظل الطويل.. كان عليه أن يدرك بأن أردوغان هذا قادم من رواية سياسية مستحيلة تسمى بيان اسطنبول.. يسعى فيه السلطان العثماني لحقن دماء السوريين… إلا أن الرواية انتهت بزمن أقل بكثير مما رويت ومزق صوت الدبابات التركية وهي تقصف شرق الفرات في عدوانها بيان القمة الرباعية وما تلي فيه عن احترام السيادة، ليخرج شهريار من صدر أردوغان بفرمان مشترك مع داعش يعلنان به الهجوم المزدوج والمنسق على الورقة الكردية في سورية ..
ومابين خيال قمة اسطنبول وعلو أحلام الاصدقاء هناك وواقع الصيد الكردي من شرق الفرات إلى ريف دير الزور خرج من يقول: لم تكن هذه المنطقة في بيان اسطنبول ولا في حسبان الدول الحاضرة للقمة ولا في مطالبات الدول الغائبة عنها.. فهي المساحة المموهة ما بين مكافحة أردوغان لما يراه إرهاباً وما بين لعب واشنطن التاريخي بخرائط كردستان الكبرى ..وهي أي هذه المنطقة… هي الشعرة الكردية التي لا يراد لها أن تنقطع أو أن تتحول إلى حزمة عند أنقرة وواشنطن وما صنعت الحدادة السياسية بينهما في سورية.
فالكل يحاول تثبيت أقدامه في شمال وشرق سورية بالإرهاب أو بادعاء مكافحته أو مخاوفه من انقراض الحجتين وجفاف أوراقه… لذلك راح السلطان العثماني يزوّر قيود السوريين وينقلهم في إعزاز إلى عصمته التركية باختراع عدوان جديد هو عدوان على الهوية.. فهل يفسر لنا بيان القمة الرباعية في اسطنبول ماذا يعني الحفاظ على وحدة واستقلال سورية في سطوره إذا كان أردوغان بلصوصيته تسلل من بين حروفه وراح يحارب الهوية السورية على أرضها ويعاقب من يحملها في إعزاز تحت طائلة درع الفرات وغصن الزيتون.. بل هل يعلق ويقول من اجتمع رباعياً في اسطنبول ومن هو المسؤول عن جنون طائرات التحالف الدولي وهي توغل الإجرام بعوائل بأكملها كان آخرها بالأمس قتل طفلتين وأبويهما في قرية الهجين، وكانوا نجوا من ذبح سكين داعش فكان البديل في الجريمة تحالف الستين دولة.. أم أن دم الخاشقجي (المسكين) صالح أكثر لحبر الأوراق الانتخابية لترامب وقد يفسد دم الشهداء في سورية، هذه العملية فصمتت صحف الغرب والشرق وأغلقت الامم المتحدة فم الضحية عن جرائم (الغير قصد) المتعمدة والمستهترة لتحالف واشنطن.. ترامب وأردوغان ينفخان في النيران في شرق الفرات عل لهب قضية الخاشقجي يفتر في الدرجة المطلوبة لابتزاز السعودية وتهريب صفقة القرن إلى (مسقط) رأس جديد، والعودة بأردوغان الى أحضان واشنطن برقصة في اسطنبول مع ميركل وماكرون على مساحة جديدة في الملف السوري… كاد يفقدها الأوروبي… ترامب يرضي الحلفاء قبل بلوغ الاحتفاء بالفوز بالانتخابات النصفية وقد تعتب السعودية بأن جوائز الترضية هذه المرة ليست من جيبها فقط بل على حساب هيبتها أو ماتبقى منها… تضحك المملكة في سرها.. الذي بلع بحر الارهاب لن يغص بساقية من دم الخاشقجي ..فهي أولاً واخرا (ثقافتها)… وهل يصدق ابن سلمان كذبته في رؤيتها الجديدة لقرن من الجاهلية يتحول بخمس سنوات الى سويسرا سعودية؟؟!! لن نصدق نحن كل الألعاب البهلوانية التي انحطت اليها السياسة العالمية…
ولن يصدق الميدان السوري مايأتي بأي بيان سوى بياننا العسكري الممهور بدماء الشهداء..وفوهة البندقية التي أكدت دمشق أنها في طريقها بعد إدلب إلى شرق الفرات ..وإن حاول أردوغان تثبيت اللعب السياسي على رقعة آستنه ومربع اسطنبول… فعلى السلطان الذي يستغل كل اوراق المنطقة في خدمة حلم الباب العالي ..أن يعي بالخبرة .. أن حركة الجندي العربي السوري دائماً مباشرة وإلى الامام… ماهذا السلطان الذي لم يتقن لعب الشطرنج حتى في حجرته؟؟.
عزة شتيوي
Discussion about this post