"اسمع ضجيجا ولا ارى طحينا"

على الارجح بات حسم مصير ادلب اخر المعاقل التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة في شمال غرب سورية خياراً عسكرياً أُعد له العدة من قبل اصحاب الارض حيث التجهيزات اللوجستية لخوض المعركة من قبل الجيش العربي السوري بعد نفاذ الصبر المذعن ترقبا لاستكمال شروط اتفاق سوتشي بين الرئيسين بوتين وار دوغان والذي كان من المقرر ان ينتهي تنفيذ بنوده في الخامس عشر من الشهر الجاري وحتى هذه اللحظات يمكن تطبيق المثل القائل اسمع ضجيجا ولا ارى طحينا .

الطحان في هذه الحلبة هو العثماني التركي ارد وغان والذي يظهر عجزه في استكمال شروط اتفاق سوتشي ، هذا من جانب. وأيضا الايحاء للآخر بانه غير مسيطر بشكل كلي على المجاميع الارهابية . ومن جانب اخر اعتقد ان يكون القرار السيادي لدى ارد وغان مستورد عبر املاءات خارجية امريكية اسرائيلية ( سيما وان مشروع الحرب على سورية هو مشروع صهيو- امريكي – بريطاني يتكفل الشرطي التركي بالإدارة بتمويل قطري سعودي ) ولا خيار له في ذلك الا الانصياع للأوامر الخارجية عله في ذلك يستطيع الكسب من هذه المعركة مالم يستطع الحصول عليه هو واسياده في السنوات الثمانية الماضية

–         العثمنة التركية وتشكيل الكتل الجهادية

الفاعل الرئيسي في شمال غرب سورية هو في الواقع ليس "هيئة تحرير الشام" وانما تركيا التي تبسط على 150 كم من الاراضي الممتدة من شرق عفرين الى جرابلس وعلى الضفة الغربية لنهر الفرات وبصفتها الضامن الرئيسي لمنطقة خفض التصعيد في ادلب انشأ الجيش التركي ايضا 12 مركز مراقبة في منطقة تمتد من غرب حلب وتتجه جنوبا نحو ادلب الى شمال حماه وعبر الحدود الغربية من اللاذقية . بداءات هذه المواقع كنقاط مراقبة بسيطة ولكنها نمت الان لتتحول الى ما يشبه قواعد عملياتية امامية صغيرة محاطة بالأسلاك الشائكة والجدران الخرسانية المسلحة والمركبات المدرعة وغيرها من الاسلحة الثقيلة

والسؤال الان عندما يبدأ هجوم ادلب وتحريرها ما عساها ان تكون تركيا فاعلة وهل ستختار بين الدفاع عن هذه النقاط الخرسانية او الانسحاب منها ؟

وهل ستكون هيئة تحرير الشام التي ساعدت تركيا بنشاط على تأسيس وجودها العسكري في ادلب والتي كانت تهدف من هذه المساعدة حماية مصالح جماعتها على المدى الطويل .هل ستكون في خندق واحد مع الجيش التركي على تحرير ادلب من قبل الجيش العربي السوري؟

 بالحسابات التركية يمكن القول ان السماح لإدلب بالسقوط من شأنه ان يشكل سابقة خطيرة تفتح الطريق امام الجيش العربي السوري لاستعادة المناطق الاخرى في شمال سورية التي تخضع للسيطرة التركية . وبالتالي انخراط القوات التركية في مواجهة مباشرة مع الجيش العربي السوري ايضا يضع هذا السيناريو ( وحدات الحماية الكردية في مركز المعادلة في مواجهة تركيا ) خاصة بعض التصريحات الاخيرة من المسؤولين الاكراد تشير الى ان وحدات الحماية الكردية ستكون مستعدة لمساعدة الجيش السوري في حملته على ادلب ، وهذا يزيد المخاطر بالنسبة الى انقرة

الروسي يدرك ان اجتياح الجيش العربي السوري لإدلب لم يؤدي الى اطالة امد الحرب  ألا ان الروسي يعتمد على تركيا التي تدير الجماعات الارهابية للوصول الى اتفاق سلمي وتنفيذ اتفاق سوتشي والحيلولة دون الدخول في حرب كخيار وحيد واسترجاع ادلب ، واتجاه الجيش العربي السوري الى مناطق شرقي الفرات وتحريرها من المجموعات الارهابية واصيلها الامريكي .

الان يمكن القول ان فشل تركيا في ضمان تنفيذ الاتفاق وخروج الجماعات الارهابية الى منطقة عازلة تمتد من 15 الى 20 كم شمال ادلب " نص اتفاق سوتشي" يصعد من الدور الروسي حتى اصبحت اللغة الخطابية لهم تهديدا بعملية حربية الى جانب الجيش العربي السوري لعودة إدلب والسبيل الى مكافحة الارهاب جاء ذلك على لسان وزير الخارجية الروسي " انه من غير المقبول ان يستخدم الارهابيون المدنيين دروعا بشرية وشن هجمات من داخل منطقة خفض التصعيد بالإضافة الى منع الجماعات الاخرى بالقوة من التفاوض على تسويات محلية .

الحكومة السورية تقول ان الحرب على اي ارهابي متبقي بما في ذلك من هم في ادلب وانقاذ المدنيين في المنطقة هو واجب للحكومة ولا مفر منه . وعودة المناطق الجغرافية السورية بالكامل الى حضن الدولة السورية .  

رئيس التحرير "د. بشير حسن بدور"