أعرب الرئيس بوتين، أثناء لقائه مع مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي، جون بولتون، أمس، عن دهشة روسيا من تمسك الولايات المتحدة بنهجها غير الودي إزاءها. وفي مستهل اللقاء، قال بوتين إنه يرى مفيدا أن يبحث مع بولتون القضايا المتعلقة بالأمن الاستراتيجي ونزع السلاح والنزاعات الإقليمية. وأكد أن موسكو على علم بنية الولايات المتحدة الانسحاب من معاهدة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى من جانب واحد، وعن شكوك الإدارة الأمريكية بشأن تمديد معاهدة تقليص الأسلحة الهجومية الاستراتيجية، إضافة إلى خطط واشنطن لنشر عناصر درعها الصاروخية في الفضاء الكوني. وأعرب بوتين عن "دهشة" روسيا من خطوات غير ودية اتخذتها الولايات المتحدة ضدها بعد القمة الروسية الأمريكية في هلسنكي، مشيرا إلى أن لقاءه مع ترامب، في 16 تموز الماضي، كان "مفيدا وبناء"، على الرغم من كونه "شديد اللهجة أحيانا". وأضاف: "نحن لا نرد عمليا على أية خطوة منكم، لكن كل ذلك مستمر وكأن لا نهاية له"، مشيرا إلى أن التبادل التجاري بين البلدين ينمو رغم هذه الخطوات الأمريكية.
بدوره، أعلن مساعد الرئيس الروسي، يوري أوشاكوف، أن الرئيس بوتين سيلتقي خلال زيارته إلى باريس يوم 11 من تشرين الثاني المقبل نظيره الأمريكي دونالد ترامب. وأوضح أوشاكوف أمس، أن المشاورات التي أجراها جون بولتون، أثناء زيارته الحالية إلى موسكو، مع ممثلي وزارتي الخارجية والدفاع الروسيتين توّجت بالتوصل إلى اتفاق مسبق بشأن إمكانية عقد قمة جديدة بين الرئيسين على هامش الفعاليات الرسمية المقررة في باريس بمناسبة الذكرى المئوية لانتهاء الحرب العالمية الأولى. وأشار إلى أن بوتين أكد هذا الاتفاق أثناء لقائه ببولتون أمس.
وكان وزير وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قد أعلن أنه يجري استئناف تدريجي للحوار بين موسكو وواشنطن بعد قمة الرئيسين بوتين وترامب في هلسنكي في تموز الماضي. وقال شويغو خلال لقائه مع بولتون، أمس، في موسكو: "آمل بأن يمنح ذلك (زيارة بولتون إلى موسكو) دفعة لاستقرار العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة". ووفقاً لروسيا اليوم، عبّر عن اعتقاده بأنه حتى الخطوات الصغيرة للغاية ستكون لصالح العلاقات بين الجانبين واستئناف الثقة بينهما، مشيرا إلى أنه "يوجد هناك في العالم الحديث قضايا عديدة يمكن أن تحلها روسيا والولايات المتحدة معا.. بما في ذلك المسائل الاستراتيجية مثل الردع النووي ومسائل تسوية النزاعات الكبيرة القديمة". وأكد شويغو أن العسكريين الأمريكيين والروس لا يزالون في اتصال دائم لحل القضايا الحيوية، مشيرا إلى أن ذلك يخص قبل كل شيء الوضع في سورية.
من جانبه قال بولتون أنه يعتبر المحادثات الروسية الأمريكية حول إنهاء النزاع في سورية ناجحة، معبرا عن أمله بتوسيع الحوار بين الجانبين ومناقشة المواضيع الأخرى. وأكد أيضا أمل وزير الدفاع الأمريكي، جيم ماتيس، بمواصلة حواره مع نظيره الروسي سيرغي شويغو.
وفي موضوع آخر، أنه ورغم التهديدات الأمريكية المتتالية بفرض عقوبات على الدول الراغبة بشراء منظومة الدفاع الصاروخي “إس-400” الروسية، إلا أن دولاً كالهند والصين لا تعبأ بمثل هذه التهديدات. وبحسب مجلة ناشونال انترست، فإن المزاح ممنوع مع هذه المنظومة الصاروخية المتطورة، وأنّ والعديد من الدول الراغبة بشراء هذه المنظومة لا تكترث للتهديدات الأمريكية، ولا توجد قوة جوية واحدة في العالم ترغب بمواجهة نظام الدفاع الجوي الروسي.
وأبرزت صحيفة الأخبار: ترامب يضم الصين إلى حرب «النووي». وطبقاً للصحيفة، صعّد دونالد ترامب من حربه على معاهدة الأسلحة النووية. وفيما نجح جون بولتون في تثبيت موعد بين الرئيسين الأميركي والروسي، بعد انتخابات الكونغرس، شمل رئيسُه بكين بالتهديدات بتعزيز ترسانة الصواريخ النووية، وهو ما استدعى رداً صينياً عاجلاً على «الابتزاز» الأميركي. وعلقت الخارجية الصينية على مواقف ترامب بأن بكين «لن تقبل أبداً أي شكل من أشكال الابتزاز». وقالت متحدثة باسم الخارجية: «الآن الولايات المتحدة ترغب في الانسحاب أحادياً من المعاهدة، وبدأت تتحدث بشكل غير لائق عن دول أخرى… هذه المقاربة بإحالة اللوم على آخرين أمر غير مبرر وغير منطقي». ورغم أن الصين ليست طرفاً في المعاهدة، فإن بكين ترى في أي عودة إلى تعزيز الترسانة النووية بالمديات المتوسطة والبعيدة، خطراً استراتيجياً يهدد أمنها، فيما بدت إشارة ترامب إلى الصين و«أي جهة تريدون» كما قال، تهديداً صريحاً في هذا الجانب، لكون الاتفاقية موقعة بين واشنطن والاتحاد السوفياتي.
وكتب عاطف الغمري في الخليج الإماراتية، تحت عنوان: العالم على أبواب القرن الآسيوي: هناك مفكرون سياسيون أمريكيون، لا يستبعدون بروز الصين لتصبح القوة الأولى في العالم، بدءاً من عام 2020، أو على الأقل تتقاسم وضع القوة الأولى مع الولايات المتحدة، التي سيكون تربعها على عرش هذه القوة في طريقه إلى الأفول. لا يختلف ذلك كثيراً عما سبق أن قاله هنري كيسنجر من أن أمريكا في النظام الدولي القادم ستكون واحدة ضمن مجموعة قوى متعددة ومتساوية، على قمة هذا النظام. وهناك أيضاً ما توقعه المفكر الأمريكي (من أصل هندي)، فريد زكريا في كتابه «عالم ما بعد العصر الأمريكي»، والذي شرح فيه كيف أننا نعيش مرحلة تحول تاريخي سمته الأساسية هي صعود الباقين، نتيجة معدلات نمو اقتصادي غير مسبوق لدول من العالم الثالث، والتحول الراهن في موازين الجاذبية العالمية في اتجاه آسيا. وختم الكاتب قائلاً: إن صعود الصين، وهو ما بدأت نتائجه تنعكس على تزايد دورها وتأثيرها على المستوى العالمي، صار موضوعاً يضعه الخبراء والمختصون في الغرب تحت نظرهم، ويتابعونه أولاً بأول بالدراسة والتحليل، وأصبح لديهم اقتناع بأن النظام الدولي القادم سوف يعكس بالضرورة، القيم الآسيوية بعد عصور احتل فيها الغرب مركز الإلهام للعالم.
محطة اخبار سورية
Discussion about this post