أي بديل لمحمد بن سلمان… ؟
الديبلوماسي الخليجي المخضرم الذي نعود اليه، بين الحين والآخر، قال لي «أرجو ألاّ تذهب بعيداً في الرهان على الكوميديا الأميركية. أولئك الذين يرقصون الآن برأس جمال خاشقجي، وهو ليس أكثر من فقاعة اعلامية عشية الانتخابات النصفية، لا ينظرون الينا الا كوننا قطيعاً من الثيران الهائجة».
«ثيران وتحتاج الى «التدجين الكهربائي» كي لا تحطم الأسوار. بعضهم يرى فينا المومياءت التي قطعت أي علاقة لها بالإيقاع الدراماتيكي للزمن».
في نظره أن ولي العهد السعودي، وهو يعرفه شخصياً، اصغى الى تلك الأصوات التي ترى أن المملكة، بالبنية الحالية للسلطة، باتت حالة شاذة في القرن. مجموعة من الديناصورات تطفو فوق أوقيانوس من الذهب (الأصفر والأسود). هؤلاء لم يفكروا، يوماً، ببناء دولة قابلة للتفاعل مع ديناميات الحداثة.
قال «في البداية، كان مأخوذاً بالنموذج الصيني، حيث المساكنة بين الايديولوجيا الخشبية والثورة التكنولوجية. الشيوعية في الصين مجرد أداة لإدارة السلطة. الوهابية «وحش ايديولوجي» لا بد أن يحطم، في لحظة ما، كل شيء. الوحش الذي يستوطن أرواح ملايين السعوديين. واذا كان كارل ماركس قد رأى في الدين أفيون الشعوب، الوهابية جعلت من الاسلام أفيون المسلمين».
اذا أراد الأمير الشاب التحديث ماعليه سوى أن يضع الوهابية في القفص «لو تعلم كم دفع البلاط للأميركيين كي يتعقبوا أسامة بن لادن، ثم يقتلوه. هذا الرجل كان، دوماً، هاجس العائلة المالكة بالنظر لشعبيته الكاسحة، حتى بين طلاب الجامعات. تذكّر ما حدث في نيويورك في 11 أيلول وحتى على أرض المملكة».
الديبلوماسي الخليجي رأى أن «انتشال السعوديين من ذلك المستنقع الايديولوجي يحتاج الى رجل مغامر، وشجاع. الأمير رأى في نفسه هذه الصفات. هكذا حاول احلال جون ترافولتا محل أسامة بن لادن في اليوميات السعودية. كثيرون من الشباب رحبوا بذلك، وباتوا «حزب الأمير». لكن خيال الأجيال لا يتوقف عند الروك اند رول».
الحداثة بتقنيات الترفيه. ثمة آلاف المتخرجين من جامعات غربية كبرى ويرون أن التحديث لا يعني الانتقال من ادارة الغرائز الدينية الى ادارة الغرائز الدنيوية. الشباب يريدون أن يكون لهم مكان في هيكلية السلطة، لا البقاء في سراويل الأمراء.
محمد بن سلمان اعتبر «أن خوض حرب اليمن التي استدرجه اليها الايرانيون بدهاء مثير، وان استمرت لعام (وهذا كان حدها الأقصى)، انما تؤدي الى نشوء «قومية سعودية» تلتف حوله وتؤازره، حتى اذا ما حقق الانتصار، ودخلت دباباته الى صعدة، قامت المملكة الثانية التي تفتح امامه كل ابواب الخليج».
في رأيه أن حرب اليمن «بدت وكأنها بداية النهاية لرجل صعد صاروخياً ويفترض ان يهبط صاروخياً. محمد بن سلمان يعتقد أن انسحابه من ذلك المكان الذي تتواجد فيه كل مواصفات الجحيم، يعني تفكيك الهالة «الاسطورية» التي تحيط به».
لم يتعلم شيئاً من «الأمثولة القطرية». الأميركيون لا يرون في المملكة أكثر من اداة لتنفيذ استراتيجيتهم. صدمة قطر كانت قاتلة. خليجيون حذروه من الاحتمالات. أحدهم، أمير دولة، قال له بالحرف الواحد «اياك، الأميركيون سيدمرون دباباتك وهي في الطريق الى الدوحة». يلاحظ أن الملك سلمان، وللمرة الأولى، يدعو أفراد من العائلة المالكة للتشاور، ولكي ينبههم الى أن المؤامرة على ابنه انما هي مؤامرة على العائلة كما على البلاد بأسرها.
لا يستطيع تأكيد ما يتردد وراء الضوء من أن البحث تناول البديل. تحديداً خالد بن سلمان. لكنه يعتبر أن شيئاً ما لا بد أن يحدث لكي تستكمل الصفقة بأبعادها المالية، والسياسية، والاستراتيجية .
هذا لا يمنع الديبلوماسي الخليجي من ابداء استغرابه لموقف جهات أميركية مؤثرة من ولي العهد، وهو الذي وضع بين أيديهم كل شيء، وابلغهم استعداده لاستقبال بنيامين نتنياهو في قصر اليمامة. «أنا أؤكد ذلك. لاحظ كيف أن اللوبي اليهودي وقف الى جانب دونالد ترامب في الدفاع عن الأمير من خلال التذرع بالمصالح الأميركية في المنطقة».
رأى أن هنري كيسنجر الذي يرى في نفسه «آخر أنبياء التوراة»، يعارض ازاحة بن سلمان الذي أقصى، أو ألغى، سائر «الأجنحة الأخرى» في العائلة، لأن ذلك يعني عودة المؤسسة الدينية بكل همجيتها. بالتالي حرب القبائل، والفوضى الهائلة التي تهدد المصالح الأميركية في كل أنحاء المنطقة».
تلامذة كيسنجر وقفوا «ضد أي محاولة لتسليم رأس محمد بن سلمان على طبق من الذهب الى آية الله خامنئي».
اعتراف بأن العرش السعودي يهتز. تفاعلات داخلية وخارجية على السواء. خليجيون يتوجسون من سياسات ولي العهد قالوا للأميركيين «انقذونا من المتاهة»!!
Discussion about this post