يبدو أن واشنطن و«فجأة» قد قلبت الطاولة على المخطط التركي لاجتياح مناطق شمال البلاد وشرق الفرات، معلنة رفضها لأي عمل عسكري تركي في تلك المنطقة، وذلك بعد إخفاق مفاوضاتها مع أنقرة على مصير «أراض سورية»، والتي خرقت فيها الدولتان وبصورة «وقحة» كل القوانين الدولية.
وأشاعت أنقرة بأنها حصلت على ضوء أخضر روسي أميركي، لكن يبدو أن حالة التحشيد الإعلامي والعسكري غير المسبوقة التي قادتها، لم تفلح في منع إخفاق المفاوضات المستمرة منذ يومين مع العسكريين الأميركيين، حول إنشاء ما يسمى «المنطقة الآمنة» المزعومة في شمال سورية، ليترافق الاعتراض الأميركي مع إرسال المزيد من التعزيزات لدعم «الميليشيات» الكردية، التي قبلت أن تكون ورقة تفاوض بيد «الأميركي» يستخدمها حسب الحاجة السياسية له، ولم تقبل بالحوار مع حكومتها في دمشق.
واشنطن التي كانت عبرت عن قلقها من أي «عملية» عسكرية شرق الفرات، رفعت منسوب رفضها على لسان وزير دفاعها مارك أسبر، الذي اعتبر أنه سيكون «من غير المقبول» أن تشن تركيا هجوماً على المسلحين الأكراد في شمال شرق البلاد.
وقال إسبر في الطائرة التي أقلته إلى طوكيو المحطة الثالثة بعد أستراليا ونيوزيلاند في أول جولة دولية له: «نعتبر أن أي تحرك أحادي من جانبهم سيكون غير مقبول»، وأضاف: «ما نحاول فعله هو التوصل معهم إلى تسوية تبدد قلقهم».
بالمقابل قالت وزارة دفاع النظام التركي في بيان لها أمس: إن المباحثات مع المسؤولين العسكريين الأميركيين، المتعلقة بـ«المنطقة الآمنة»، «متواصلة» في العاصمة أنقرة.
وبحسب الصحف التركية فإن تعثر المفاوضات مع الأميركيين حالياً، مرده عمق «المنطقة الآمنة»، فتريد أنقرة أن تكون بعرض 30 كم، وهو أكبر بكثير مما اقترحته واشنطن، كما أن تركيا تريد أن تتحكم بمفردها في هذه المنطقة بلا شريك.
بالترافق مع ذلك، عبرت تصريحات رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، عن حجم «الاستماتة» والحاجة» التركية للقيام بعدوان على شرق الفرات السورية، واستثماره داخلياً بالشكل الذي ينقذ أسهم النظام التركي المتهالكة، وأعلن أردوغان أن تركيا تستعد «للقضاء» على التهديد الذي تمثله «وحدات حماية الشعب» الكردية المدعومة من الولايات المتحدة في شمال سورية «في وقت قريب جداً»، زاعماً أن لـ«لتركيا الحق في القضاء على كافة التهديدات لأمنها القومي».
وأضاف: «تركيا تتوقع خطوات من الولايات المتحدة تتناسب مع وضعها كحليف في حلف شمال الأطلسي، وشريك إستراتيجي»، وتابع: «تجفيف مستنقع الإرهاب في شمال سورية يتصدر أولوياتنا».
واعتبر أردوغان، أمس، بحسب وكالة «رويترز» للأنباء، أن «تركيا ستدفع الثمن غالياً، إذا لم تفعل ما هو لازم في شمال سورية»، وذلك بعد أن تعهد في مطلع الأسبوع بتنفيذ عملية عدوانية في المنطقة التي تسيطر عليها الميليشيات الكردية شرق الفرات.
الخرق الأميركي للقوانين والمواثيق الدولية، استمر مع إدخالها وبطرق غير شرعية، قافلة من عشرات الشاحنات والعربات العسكرية التابعة لما يسمى «التحالف الدولي» إلى مدينة القامشلي السورية، دعما لميليشيات «قسد» الانفصالية التي تحاصر الأهالي وتعتدي عليهم وتسرق النفط في المنطقة الشرقية، حسبما أوردت وكالة «سانا» الرسمية.
مصادر أهلية وإعلامية رصدت دخول قافلة جديدة مؤلفة من 200 شاحنة محملة بمساعدات لوجستية وعربات عسكرية تابعة لـ«التحالف الأميركي» قادمة عبر معبر «سيمالكا» غير الشرعي الذي يربط محافظة الحسكة مع إقليم شمال العراق، إلى مدينة القامشلي دعما لميليشيات «قسد» و«الأسايش»، التي تعمل بشكل متسارع على تنمية علاقاتها مع كيان العدو الإسرائيلي في مختلف المجالات.
وكالات