” إن مفهوم العلمانية secularism عندنا، وفي هذا المجال على وجه التخصيص، يحتاج إلى توضيح وتمحيص وتدقيق ومراجعة .. فمن يريد أن يقدم إلحاده في ثوب العلمانية، وينفي حقَّ المؤمنين المُعتقدين بإله واحد، وينال من حقهم في أن يمارسوا حرية الاعتقاد والعبادة، وحرية التفكير والتعبير..إلخ، يستطيع أن يعتنق ما يشاء، وأن يحوّر ما يشاء، وأن يقدم مفهومه كما يشاء.. ولكنه لا يستطيع، ولن يستطيع، استغفال الآخر “الأكثرية هنا” ومحوه واتهامه،”
ــــــــــــــــــــــــــــ
…فالأمر ينصرف في العلمانية إلى التفكر والتقدير والممارسة والسلوك المدني الذي لا يحتكم إلى الدين ولا يحكُمه الدين ـ أي إلى العلماني الدنيوي وليس إلى العلمي المحض ـ في القضايا السياسية والاجتماعية، وينصرف بدرجة كبيرة إلى السياسيات المتصلة بأصول الحكم والاحتكام والأحكام:”"دنيوية، قانونية، اجتماعية، سياسية..”ومستندة إلى المعايير والقيم والمقومات التي يؤسَّس عليها الأداء المدني، في ظل حكم أو تسييس أو تنظير يقوم على النظرة العلمانية ومعطياتها ومرجعياتها ووسائلها ومنظورها العام.
وأصحاب هذا المذهب أو الاتجاه في وطننا العربي وعالمنا الإسلامي شرائح واسعة كما أسلفت، تمتد من اليسار المادي المتطرف الذي قدم العلمانية إلحاداً وإنكاراً للدين ومحاربة له، واتخذ منه ومن المتدينين موقفاً سلبياً متشنجاً لا يرحم، شأنه في ذلك شأن الماركسية نهجاً تنظيرياً، والاتحاد السوفييتي والصين في عهد كل من ستالين و”ماو زي دونغ”، نهج حكم تطبيقياً.. إلى الليبرالية الغربية، اليسارية واليمينية والدينية المتطرفة أحياناً التي تعمل وفق عقيدة ورؤية دينية وتصل أحزابها إلى الحكم، وتتعامل مع الآخرين وفق منهج يحترم الخصوصية وحرية الاعتقاد.. لكن لها موقف من الإسلام والمسلمين، ينطلق من منظور ديني ذي خلفيات تاريخية عدائية مبطنة ومعلنة أحياناً.. ويشمل ذلك التعامل مع الإسلام والمسلمين استهدافاً متعدد الأوجه والأشكال، يطال الدين والفكر والسياسة والثقافة والإعلام والاجتماع و.. والعلمانية في وطننا العربي، تستقطب أحزاباً وتيارات قومية ويسارية وليبرالية، بأطياف تتسع وتضيق، وتتحكم في سياسات والمواقع، ويأخذ بعضها بالعلمانية وفق مفهوم الإلحاد، كما نُشرت وانتشرت مع المد الشيوعي في عقود من القرن العشرين.
لكن فيما يخص الإسلام، فإن العقيدة المهيمنة في وطننا العربي وفي معظم البلدان الإسلامية، أنه دين ودولة، لا يمكن الفصل بينهما مع بقاء السلامة والتوازن بين الديني والدنيوي، السلوكي والقيمي، المادي والروحي، السياسي والمدني “مرجعية مرعية الوجود والاعتبار”.. فالدين المعاملة في نهاية المطاف، والمعاملة مرتبطة بعبادات تنعكس في المعاملات، وبسلوك يتلازم مع الأخلاق، أو هكذا يُرى. ولا يوجد فصل قاطع ، شأن بعض المسلمين القائلين بذلك من مرجئة وسواهم، بين العبادات والمعاملات، فذاك تلازم الروحي والمادي، الديني والدنيوي. إن حاكميّة التشريع، وسياسة الناس في القرآن واضحة، وكذلك قاعدة التوازن بين “الدنيوي والآخروي، المادي والروحي”، واضحة. ويتجلى ذلك في آيات كثيرة منها قوله تعالى:”وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ”، سورة القصص 77وهي الآية التي بني عليها أو استمِدّ منها، القول المُتداول الذي ينسب إلى الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، في مراجع، وإلى عبد الله بن عمر رضي الله عنه، في مراجع أخرى:”اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً.”، في تلازم بين الدنيوي والأُخروي، العبادات والمعاملات، السلوك والأخلاق، الغايات والوسائل. ولا يمكن التصرف بشؤون الناس، وفق العقيدة الإسلامية، بعيداً عن الشرع وأحكام العقيدة السمحة، وما يعتنقه المؤمنون من الناس أو المسلمون منهم – وهناك فرق بين المؤمن والمسلم -وما يرغبون في أتباعه.. هذا إذا كانوا يصدقون في عقيدتهم، ويحسنون فقه النصوص الحاكمة، والممارسات الحكيمة السليمة الصحيحية المفيدة، في إطار الرسالة السمحة، ويتمثلونها في سلوكهم وأدائهم.. فالإمام كان حاكماً لِزَمَن ولم يعد الحاكم إماماً منذ زَمن، ولكن شأن أكثر الناس عندنا يرتبط بالدين في الحياة اليومية من حيث الممارسات والمعاملات ونتائج الأداء السياسي والاقتصادي والإداري والاجتماعي، على نحو واسع.. ولا نتكلم هنا عن العبادات، ولا عن البحث العلمي والتجارب العلمية وتطبيقاتها، فذاك له مجالاته وأهله. وقد جرى أتباع، أو الدعوة إلى أتباع، العلمانية، في كثير من البلدان العربية وأحزابها وسياساتها وتنظيماتها المدنية، على أسس الرؤية الغربية الليبرالية، أو وفق الرؤية الماركسية الشيوعية، الأولى في إطار العلمانية “المؤمنة” إن صح التعبير، أو التي لا تجُبُّ الدين ولا تعاديه ولا تلاحق المؤمنين بسبب دينهم، والثانية في إطار الإلحاد الذي التحَفَ العملانية، فتنكر للدين وعاداه، وحمله مسؤولية التخلف “الدين أفيون الشعوب؟!” ولاحق المتدينين، ومنع الدعوة للدين وأباحها ضده ـ انظر قوانين الاتحاد السوفييتي السابق مثلاً، وقوانين صينية أيضاً ـ وقد قُدِّم ذلك الإلحاد بقناع علماني، مُعَوَّم بقصدية مرحلية “تكتيكية” واضحة.
إن مفهوم العلمانية secularism عندنا، وفي هذا المجال على وجه التخصيص، يحتاج إلى توضيح وتمحيص وتدقيق ومراجعة .. فمن يريد أن يقدم إلحاده في ثوب العلمانية، وينفي حقَّ المؤمنين المُعتقدين بإله واحد، وينال من حقهم في أن يمارسوا حرية الاعتقاد والعبادة، وحرية التفكير والتعبير..إلخ، يستطيع أن يعتنق ما يشاء، وأن يحوّر ما يشاء، وأن يقدم مفهومه كما يشاء.. ولكنه لا يستطيع، ولن يستطيع، استغفال الآخر “الأكثرية هنا” ومحوه واتهامه، وتشويه صورته، وتحميله ما ليس هو مسؤول عنه، وحرمانه من حقوقه وحرياته، وإلزامه بما يراه هو، وهو الحكَّاء لا غير..كما أنه لا يستطيع محو الإيمان من قلوب المؤمنين، ولا الدين من حياتهم في أرجاء الدنيا، ولا يمكنه أن يقيم صرحاً تقدمياً أو وطنياً أو قومياً أوحدوياً أو حضارياً من أي نوع بالاتهام والصراخ وادعاء الديمقراطية، مع وجود كثرة بشرية كاثرة ترفض توجهه العام، ووجود حقائق تثبت فشل تلك المعتقدات وفشل “أيديولوجيتها”، والعودة عنها إلى أحضان ما يخالفها، في مواقع نشوئها.. ومن البدهي أنه لن ينحج في أن يصب العالم في قارورة، يراها بيت الدنيا بلا آخرة، والعالم ليس قارورة.. إنه إنما يسجن نفسه في قارورة قاتمة، يسجن فيها نفسه وعقله ومشروعة وأرواح آخرين يريد أن يجردهم من هوياتهم ومن التمايز الحيوي، ومن حرياتهم، ويفرخهم مثل صيصان المداجن، إن هو استطاع إلى ذلك سبيلا؟!. وهو عند ذلك المحك العلماني، على صعيد التعامل مع الناس، إن كان سيسوسهم ويقودهم، أحوج ما يكون إلى علمانية تأخذ بالتعدد والحرية والديمقراطية، وبحق الناس في الاعتقاد، وبحق المؤمنين، من أتباع أي دين، بالتدين، وتتمتع بنظرة علمية وموضوعية صحيحة إلى الواقع الاجتماعي، على أقل تقدير، وتكون “دنيوية لا تعارض الدين”، إن صح التعبير والتدبير، وترفض الغلوَّ والمحو والاجتثاث والنزوع المريض أياً كان مصدره وشكله، وترفض أن تتنازل عن ما هية وجودها وهويتها. وإذا كان لا بد من بقاء الاسم “العلمانية” فلا بد من تغيير النظرة إليها، وفق مفهومها الأصلي، ومراجعة المضمون والمفهوم المشوبين بسوء فهم وسوء تطبيق في مواقع كثيرة، وبسوء نِيَّات في أحايين .. والأخذ بمصطلح ومدلول “لعلمانية دنيوية معقولة ومقبولة ” تقر بوجود الله، ولا تحارب المؤمنين به، ولا معقدات الأفراد الدينية، ولا تشوهها أو تزدريها تحت قناع التقدمية “الشامخ الأنف”في فراغ لا متناهٍ، أو تحت دثار إدعاء المعرفة “المتناهية الحدود”، ونوع من “العلم العِصموي العاصم؟!”، في فضاء الخلق والخالق اللانهائيين.
ولا تستطيع العلمانية الادعاء بأن تاريخ المصطلح والمفهوم ومنطقهما يتعارضان مع الدين والإيمان والاعتقاد والبعد الروحي في الحياة، لأن الوضع التاريخي في أوروبا بعد صلح وستفاليا الذي نشأ في أحضانه ومناخه المصطلح secularism، لا يشير إلى إلغاء للدين، ولا إلى انتشار للإلحاد ونشر له ومحاربة التدّين .. ونماذج الحكم الغربية كلها واضحة في هذا المجال، ومنها من يأخذه الغلو إلى حدود العنصرية، ويسيطر عليه رسيس ديني -صليبي ويوجهه، وذلك هو شأن جورج W بوش وتابعه توني بلير، حيث قدما أنموذج “العلمانيين”الغربيين في حربهما الصليبية على العراق تلك التي لا يمكن لوحشيتها أن تُنسى، ومنها أيضاً نماذج “العلمانيين”الصهاينة التي تفوق النازية إجراماً بمراحل، وتنطلق من اعتقاد ديني عنصري بغيض.
إن على من يريد تحييد الدين، أن يدقق حتى لا يقف ضده، ومن ثم ضد أتباعه، أي البشر المتدينين.. فلكل من بني البشر دين، حتى أن الماركسية تُرى من طرف البعض “دِيناً، وتعصباً لذلك النوع من الدِّين”.. وعلى من يريد أن يحكم باسم الإسلام، الدين والدنيا، في تلازم عقيدة وسلوك، أن يعي حقيقة أن الدين للناس كافة، وأن الله للجميع وقد خلق الناس، وهداهم النّجدين، وأنه سبحانه هو العدل المطلق، ولا يقبل الظلم ولا القهر ولا الجور، ولم يعط سلطته لأحد من بني البشر.. وحين يقوم متطلع إلى حكم باسم الإسلام، بإلغاء الآخر أو محوه أو الحكم عليه أو تهميشه.. فإنَّ عليه أن يدرك، أنه بذلك يجرد الله والدين من مفاهيم إنسانية وأخلاقية وأممية وعالمية، ومن العدالة والتسامح ومن قيم إنسانية منها الحرية، فالله للناس كافة وهو الحاكم العادل الذي ألهم النَّفس فجورها وتقواها، ولو شاء لجعل الناس ممؤمنين أو مسلمين. وقد جعل الدين سبيلاً لهم لبلوغ ما هو خير وعدل وسلام، والعيش بأمن من جوع وخوف، وسخر لهم ما سخر، ووعد بجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين، وترك نفساً وما تختار. وعلى من يختار العلمانية أن يحدد هل يريد الوقوف ضد الدين والتدين، أي أن يتبع النهج الإلحادي، أم أنه يريد فرض هيمنة اللاديني/الدنيوي بوجهيه الإلحادي والإيماني، إن صح التعبير، على المجتمع والأمة والناس في الحياة، مع ترك باب الاختيار مفتوحاً، وباب الحرية مُشرعاً؟ تلك أسئلة مطروحة على العلماني والإسلاموي ممن يتطلعون إلى سياسة وحكم وقيادة ورئاسة.
إن القضية المادية الملازمة لبعض النظريات والنظرات والتأويلات العلمانية، قضية لا تتلاءم وطبيعة مجتمع مؤمن أو ديني أو متدين..إلخ، فالمادية التي يُراد رؤيتها في العلمانية لا يمكن أن تنفي حضور الروحي والأخلاقي والقيمي والمثالي من النفوس ومن التكوين الاجتماعي والعقلي لأفراد مجتمعنا العربي والإسلامي، على الرغم من زحف المادي والنفعي والحسي والشكلي والاستهلاكي والتطرفي العنفي وحتى الانحلالي، بصورة طاغية، على المعنوي والروحي والقيمي والأخلاقي في حياتنا. ثم إن الذهاب إلى العقلانية المُطلقة،”العقل المحض”، من طرق علمانية خالصة شاملة، ملفّقة أو غير ملفقة، يمضي بنا في طريق تغليب العقل على الإيمان، وجعل العقلي سابقاً ومهيمناً على الإيماني والروحي والإلهي، ينفيه ويلاحقه ويصادره ولا ينقذه، ومن ثم يشكل اعتراضاً على الوحي والنبوّة والأصول العقيدية “أياً كانت”، ويلزم أتباعها بما لا يقتنعون به، ويطالبهم بعرض المعطى الاعتقادي والسلوك الفردي والاجتماعي القائم على الإيمان.. عرضه على معياره هو وفق موازينه ومواصفاته، ومن ثم قبول أحكامه التي قد تنقض البناء الإيماني وتقلبه رأساً على عقب، أو تنفيه وتعمل على محوه وقد تعاقب عليه، أو على الأقل تجافيه.. ويجعل العقلي مرجعية نهائية مطلقة الشمول، و”قادرةً”على تقديم الحلول والأحكام وتقييم التوجهات وتصحيحها.. بينما تلك قضية ليست محسومة، فقضية سيطرة العقلي ومرجعيته وحاكميته الشاملة وقدرته المطلقة، لم تثبت بصورة حاسمة ونهائية، وهي ليست متسامية في التجرد إلى درجة التماهي مع العقل المطلق المتماهي بدوره مع العدل المطلق.. فالعقل عقول، والعقلانية مناهج ومدارس ومذاهب و”عقائديات”نظرية تنطلق من معطيات عقلانية متعددة ومتضادة أحياناً.. وعلى هذا فالعقلانية ليست نهائية، على الرغم من أهميتها وضرورتها وثبات قدرتها وتقدمها، إنها تشفع وتنفع وتساهم وتعمل عملها، وتقوم بدورها في كيان يدور في مدار الكون، وتحكمه قوانينه وتغمره القدرة الكبرى. ومن منظور الإسلام العقل هو مفتاح العلم، والعلم أحد مفاتيح اليقين والإيمان العميق، وبوابة خشية الله سبحانه وتعالى :”إنما يخشى الله من عباده العلماء”.
نحن أمام معطيات عقلية مادية علمانية عالمية من جهة، وإيمانية روحية ما ورائية، إنسانية ذاتية، متطلعة إلى كونية شاملة، من جهة أخرى، وعلينا أن نحسم الأمور والخيارات لجهة ما، في ضوء معايير واعتبارات ومعطيات قومية ووطنية وإنسانية، اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية قبل كل شيء.
إن الاعتراف بصلة عضوية بين المادي والروحي يقود إلى التكامل بينهما، مع البحث عن رائد ومتقدم أو مهيمن في السلوك والطريق المشترك،ربما كان هو الحدس وهدى القلب وإبصار البصيرة، وربما كان الإنساني بأبعاده وقيمه وشموله.. إن تنافر النسيج العضوي في الذات الحية، الشاعرة بوجودها وبموقعها في الوجود، يؤدي إلى شرخ إيماني حياتي عميق، يقود إلى أحد اتجاهين : مادي يضعف الروحي والآخروي، وروحي يضعف المادي والعلمي والتجريبي والتقني .. ومن وجهة نظر إسلامية يصعب الأخذ بقطيعة أو قطيعة، بين العقلي والإيماني وجعل أحدهما حجة على الآخر، مهيمناً عليه أو نافياً له.. أي أنه يصعب الأخذ بالعقلاني المادي الجسدي الذي ينفي الروحي الماورائي الغيبي، أو الأخذ بالروحي الغيبي المثالي الماورائي الذي ينفي العقلاني والمادي والمنافع والمصالح وحاجات الجسد.. لأن قاعدة التوازن بين الديني والدنيوي، المادي والروحي، الحاضر الظاهر والغيب الباطن، الملموس المحسوس والحدسي.. ثنائية قائمة متداخلة عضوياً، وليست ملتصقة أو ملصوقة بالكائن الحي. وهذا يشير إلى العلاقة ذات البعد الأعلى والأسمى المتسامي، بين الخالق والمخلوق.. هل هي علاقة افتراق عدمي يصل إلى درجة موت الله عند الإنسان وفيه، أم هي علاقة صلة مستمرة حية في نفس المخلوق تشير إلى القدرة الإلهية للخالق وهيمنتها على المخلوق في الحياة، وإلى استمرار تأثيرها وحاكميتها إلى الأبد، حيث تبقى تحكم وتحاكم، في عالم ما بعد الموت، وعالم البعث والنشور والحساب، فالثواب والعقاب.. أم أنها في إطار “وحدة الوجود، الحق والخلق”كما يقول ابن عربي، ويعترض عليه معترضون؟!إن الإنسان مكلَّفٌ يحاسَب على ما كُلف به، ومن ذلك عيشه وعمله وسلوكه..إلخ، ومجرد العيش تكليف، فلم يُخلق الإنسان عبثاً.. ولمن يريد أن يتدبر ويتفكر ويخوض في الماديات والروحانيات، في الماورائيات والتفاسير والدلالات، عبر الديني والدنيوي.. فإنَّ له أن يفعل.. وأن يفعل.. وأن يفعل، لكنه سيبقى في هذه العلاقة الإنسانية بين العلمانية والإلحادية والإيمانية على ضفاف العلاقة الحياتية البشرية.. وعلى ضفاف المسألة الأكبر.. المسألة السؤال الذي هو جوهر علاقة المخلوق بالخالق، والكائن البشري بالكون والكائنات والآخر والمحيط والبيئة، وبظواهر ومظاهر تلقيها أسئلة وتحييها أجوبة .. ومن ظواهرها كلام في وصفها وتصنيفها : هل هي علاقة إيمان أم إلحاد، قلب أم عقل، مادية أم روحية، علمانية أم دينية .. خير أم شر .. حرية مسؤولية أم قمعية تلغي المسؤولية .. إلخ.. أم هي جِماعُ كل ذلك بعدلٍ وتوازنٍ واعتدالٍ وتكامل.؟!
علي عقلة عرسان – الوطن العمانية
Discussion about this post