يتردد اليوم على نطاق واسع أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عازم على طرح ما يسمى «صفقة القرن» المعدّة لتصفية القضية الفلسطينية، على العلن قبل الانتخابات الإسرائيلية، المقررة في الثاني من آذار المقبل.
مهما يكن من أمر هذه الإدارة أنها جادّة فعلاً بالإعلان عن هذه «الصفقة» أم تهدف إلى جس النبض مجدداً وقياس ردود الأفعال، فإن ما يعنينا أولاً كعرب، وبصرف النظر عن كل هذه الاحتمالات، أن ننطلق من اعتبار أن القضية الفلسطينية، القضية المركزية للعرب، في دائرة الاستهداف الأخطر، وكل ما يخطط أو يرسم في الدوائر الأمريكية إنما ينطلق من رغبة إسرائيلية بتصفية هذه القضية.
وعليه فإن الحقيقة التي يجب علينا كعرب أن ندركها، وأن تكون ماثلة أمامنا، هي أن أي خطوة تقوم بها الولايات المتحدة، صغيرة أو كبيرة، وبقدر ما يتعلق الأمر بالصراع الفلسطيني- الإسرائيلي المباشر أو حتى في كل أبعاده الإقليمية وبعض مفاعيله الدولية، إنما كانت منسّقة بالكامل مع «إسرائيل»، وتحظى بموافقتها ومباركتها، وربما برغبة منها قبل أي جهة أخرى.
قد يكون ترامب يجهد لإعلان ما يسميه «خطة السلام» لاعتبارات كثيرة، بعضها متعلق بالداخل الأمريكي قبيل الانتخابات، ومحاولات العزل، وبعضها الآخر يتعلق بـ«إسرائيل» ومحاولة مدّ طوق نجاة لنتنياهو للخلاص من ملفات الفساد، لكن كل هذا لا يقدّم ولا يؤخّر، حتى لو كان الصفقة على نار حامية للإعلان كما يؤكد الكثيرون.
في كل الأحوال فإن الإدارة الأمريكية إزاء ما أقدمت عليه وما تعتزم المضي به وتبنّي الرؤية الإسرائيلية لأصل الصراع ومراحله وتطوراته وصولاً إلى الوضع الراهن تنتقل من موقع الانحياز التاريخي لـ«إسرائيل» إلى موقع الشريك الكامل لها في احتلالها لأراضٍ عربية أخرى غير فلسطين.
ففلسطين ليست قطعة أرض تتم المتاجرة بها وبيعها، وكل المحاولات الأميركية لتسويق صفقتها عبر البوابة الاقتصادية -كما حصل في المنامة وغيرها- هي محاولة فاشلة وغير قابلة للحياة مهما حاولوا أن يهيئوا لها كل الظروف والإمكانات، ففلسطين ستبقى القضية المركزية للعرب، وبوصلتهم للنضال والمقاومة، ولحظة الوهن الراهنة ليست قدراً، كما أن الاحتلال ليس قدراً، ويعرف المحتل أكثر من أي وقت مضى أن ما عمل عليه خلال سنوات من اتفاقات وتطبيع، وما يعول عليه من وراء «صفقة القرن» لا يعدو كونه بناء على رماد.
شوكت ابو الفخر – تشرين