رغم كثرة الأفلام التي غطت مواضيع الحروب والدماء والأشلاء، تظل هناك مساحة شاسعة تكمن بين تفاصيل وقصص عامة الناس ومدى تأثرهم بهذه الحروب العمياء، تلك الفئة التي لا تهتم للشعارات الرنانة ولا تقودها حماسة أو حمية للانخراط في هذه الحرب.
عن الشريحة التي تقاوم وتبحث عن الحياة مهما كانت صعبة.. عن المجاهدين في سبيل لقمة العيش المقاتلين في سبيل الكرامة تسلط أراجيك الضوء على فيلمين أبدعوا في رصد هذا الكفاح المرير.
مدينة صامتة غارقة في بحر السكون بيوت جوفاء كأنها بلا سكان أو أن سكانها من الأشباح. يحاول هذا الفيلم أن يقتحم وبجرأة أحد هذه المنازل التي تبدو ميتة إلا أننا نرى فيها حياة وحكايا لا تموت وليطلق لأذهاننا العنان في أن نتخيل الحيوات الأخرى التي تقبع داخل بيوت مبنية من لبنه قهر ولبنة ظلم.
هذه المدينة هي “كابول” عاصمة “أفغانستان” في فترة حكم طالبان حيث ضيقوا الخناق على جميع النساء وتم منعهن من الخروج من منازلهن إلا بوجود محرم من الرجال بالإضافة إلى إغلاق مدارس الفتيات، ولهذا السبب يجد المعلم “علي” نفسه بلا عمل وزوجته الكاتبة تصبح حبيسة الدار مما يضطرهم لبيع مقتنياتهم وبعض ملابسهم في السوق العام الذي تسيطر عليه الشوارب واللحى، وبينما يكون المعلم “علي” في السوق يشب شجار عابر بينه وبين أحد غلمان حركة طالبان المتعصبين ليزج به في السجن ظلمًا وعدوانًا.
تجد الزوجة نفسها وحيدة مع ابنتيها ثريا وبرفانا والطفل الصغير زكي بلا محرم يدبر أمورهن ويجلب لهن الماء والطعام.
تحاول الأم إخراج زوجها من السجن إلا أنها لا تجد جوابًا سوى العنف ردًا على مساعيها، تحاول مرة أخرى إرسال ابنتها الصغيرة “برفانا” إلى السوق لجلب بعض الزاد وبالرغم من محاولتها بالالتزام بالآداب العامة وعدم شد الانتباه إليها تعود الطفلة مطاردة ومذعورة.
مع استمرار هذا الوضع المأساوي حيث تجد الأسرة نفسها بين مطرقة الجوع وسندان طالبان لا تجد “برفانا” نفسها وهي الفتاة الأصغر إلا أن تقص شعرها الأسود المسدول وتتنكر بهيئة صبي لتنقذ أسرتها التي تواجه الموت وتبدأ رحلة جديدة في طريقها لإعالة أسرتها.
ما قد يساور المشاهد أثناء عرض لقطات الفيلم المختلفة هو تكرار اللقطة الطويلة التي تأخذها الكاميرا من أمام باب منزل الطفلة برفانا وكأننا نحن المشاهدون من وراء الشاشات نختلس النظر إلى هذا المكان الخارج عن حدود الحياة ثم تنقلنا الكاميرا إلى السوق المزدحم المكتظ بالأصوات الخشنة والشوارب الطويلة.
نرى في هذا الفيلم مسارين لحكايتين مختلفتين تنتقل الأحداث بينهم بسلاسة وتلتقي أخيرًا عند نقطة واحدة توحي لنا وبشكل ضمني عن أهمية القصة وأهمية نقلها لنشر الوعي وإيقاف الظلم وربما كانت هذه هي رسالة فيلمنا المستوحى من رواية للكاتبة الكندية ديبورا إيليس، ومن إخراج الأيرلندية نورما تومي حيث كان العرض الأول للفيلم في مهرجان العاصمة الكندية تورنتو السينمائي الدولي، وقد رُشح لجائزة أوسكار كأفضل فيلم من فئة الرسوم المتحركة هذا لعام 2016.
الجدير بالذكر أن الممثلة “أنجلينا جولي” والتي عُرفت باهتمامها بالقضية الأفغانية قد شاركت في إنتاج هذا العمل.
عندما تنتهي من هذا الفيلم لن ينتهي هو منك سوف تتعرف أكثر على هذا البقعة من خريطة العالم سوف تذهب وتبحث عن طريقها الحريري وعن تاريخها العتيق، هي التي كانت وما زالت مطمعًا لكل القوى العالمية وكيف دفع شعبها -أثمن كنوزها- الثمن غاليًا.
يروي هذا الفيلم قصة حياة طفلة صغيرة تسمى “سوزو” تنتقل من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الزواج وكيف تختلف مسؤوليتها في مراحلها المتعددة قد يبدو الفيلم عاديًا ولكن ما يجعله مميزًا حقًا هو أن جميع هذي المراحل تتصاحب مع فترات الحرب العالمية الثانية ولا تنفك عنها، وبفعل الحرب يتحول البقاء على قيد الحياة بأبسط المكونات هي معركة “سوزو” الأزلية.
تتشابك حياة “سوزو” بين مدينتين “هيروشيما” و “كور” وتنتقل أحداثها بين الحقيقة وبين أحلام اليقظة وكأنها تروي فعلًا ما يحدث في زاويتها الخاصة الواقعة في أحد أركان هذا العالم الذي يعج بالعنف لكن زاويتها الأثيرة ملونة بألوان رسوماتها البديعة إلى أن تقسو عليها الحرب أكثر وتنتزع ذراعها التي طالما حاولت من خلالها أن تحسن مشهد هذا العالم الدموي القميء.
هذا الفيلم لا يسلط الضوء مباشرةً على الحرب بعدتها وعتادها ولا على معاركها الطاحنة، ولكنه يسلط الضوء على طفلة صغيرة تكبر وتتزوج في حياة ترزخ تحت وطأة حرب لم تتسبب بها ولم تستطع أن تتجنب تبعاتها وهذا ما يحدث غالبًا مع عامة الناس الذين تقرر قيادتهم أن تخوض هذه التجربة القاتلة. قصة الفيلم من تأليف “كينو فوميو”، ومن إخراج “كاتابوتشي سوناو”، وتنفيذ استوديو MAPPA.