عندما نريد ان نقرأ الكثير من المفاصل التي جاءت في خطاب الرئيس الاسد ونتحدث عن الملفات الخارجية وما له علاقة بطبيعة الصراع عندما يصف الرئيس الاسد المشغل الرئيس والادوات التي يستخدمها في المنطقة , في ظل كل الصراعات التي تجري في منطقتنا يمكن القول : ان الكلمة كانت مهمة جدا وقدم من خلالها رؤيته للمرحلة القادمة ، الرئيس الاسد يخوض واحدة من اخطر واطول المعارك بين شعوب المنطقة والحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي . وهي معركة مستمرة منذ عشر سنوات تعرضت فيها سورية لحرب كونية بسبب ما تحمله من خيارات وما تمثله في واقع المنطقة وتوازناتها ما اعلنه الرئيس بشار الاسد على مستوى الموقف السوري والموقع السوري من حركة الصراع كان واضحا :
اولا : الاحتكام الى القضية المركزية قضية فلسطين والتأكيد على الطابع الجوهري والمصيري للصراع العربي الصهيوني لرسم مستقبل المنطقة وموقع سورية وخيار سورية وموقف سورية الذي لا يتأثر بظلم ذوي القربى وبعض الاخطاء التي ارتكبت بحق سورية رغم كل تضحياتها ورغم التزامها المبدئي الذي لم يتزحزح بالرغم من الضغوط وبالرغم من المؤامرات ومن كل ما تعرضت له وما تكبدته دفاعا عن التزامها التحرري بقضية فلسطين
الامر الثاني : ان الرئيس بشار الاسد قدم رؤية دقيقة لواقع الصراع في المنطقة فهو شخّص الحلف المعادي بقواه المختلفة , اشار بوضوح الى الحلف الاستعماري الغربي بقيادة الولايات المتحدة الى الكيان الصهيوني ايضا وهذه طبيعة الاشياء والى النظام التركي وسائر الادوات الرجعية المرتبطة بهذا الحلف . وبهذا المعنى كان يضع الصراع الجاري ضمن اطاره المنهجي , مبدئيا . لا يرى الامور فقط من زاوية تفاصيلها الدقيقة مع انه بالتفصيل الدقيق كان حازما وواضحا في التعبير عن الاولويات ، وكان تشريحه للمشاكل التي يفترض التصدي لها من زاوية توفير مستلزمات الصمود السوري وحل الكثير من المشكلات والمعضلات التي عاينها بمنهجه العلمي وكان مجليا في تشريحها وعرضها والاشارة الى كيفية التعامل معها في القضايا الاقتصادية بصورة خاصة .
طبعا من الواضح تماما ان الرئيس الاسد حين يتحدث عن الصراع بصورته الكلية لا يرى سورية خارج نطاقها القومي وخارج موقعها من الصراع على مستقبل العالم والمنطقة فهو يدلل على التناقض الرئيسي مع الهيمنة الاستعمارية وادواتها ويعتبر ان التناقض مع الكيان الصهيوني هو تناقض رئيسي ايضا ووجودي بالنسبة لسورية وفي هذا السياق كانت وقفته امام قضية تحرير الجولان باعتبارها التزاما سوريا مبدئيا لا يتزحزح .
وفي كل خطاب تبقى القضية الفلسطينية حاضرة بالنسبة الى الرئيس بشار الاسد . رغم الطعنات التي تلقتها سورية وهناك بالأساس من يقول بان المعركة التي فرضت على سورية كان سببها القضية الفلسطينية وهي محاولة اخراج سورية من طبيعة الصراع العربي الصهيوني وليس الفلسطيني . وكان هناك تركيز دائم من قبل الرئيس الاسد على هذا الصراع . بشقيه ما له علاقة بالقضية الفلسطينية ، وما له علاقة بالجولان المحتل ,
وهنا يمكن القول بان المسالة اساسية بالفكر الاستراتيجي للرئيس الاسد مع كل هذه الاحداث التي فرضت والتي ارادت ان تأخذ سورية وتعزلها عن هذا الصراع وعن هذا المحيط وتبقي اهتماماتها محصورة بالداخل ومحاربة الارهاب .
وبالنهاية هو تأكيد للأعداء والاصدقاء ان سورية باقية على مواقفها على الرغم من كل ما حصل وما كان له ارتباطا اساسيا بورقة “كولن باول” والتي كانت اساسا يعتبر صك استسلام كان يراد فرضه على سورية ولو وافقت عليه لما فرضت هذه الحرب عليها وبالتالي دائما يعاد التركيز على الموقف السوري في المنطقة من قبل الاسد
بقلم رئيس التحرير