يبدو أن الجهود الأمريكية لفصل اقتصاديات حلفائها الأوروبيين عن الصين لن تجدي نفعاً، لأن العالم يعتمد بالفعل على التجارة والتكنولوجيا الصينية، لكن الاختلافات في القيم والأنظمة السياسية والأيديولوجية تعني أنه لا يزال أمام بكين الكثير من العمل لتفعله لجعل الحكومات الغربية تدرك وجهة نظرها.
لقد واجه وانغ يي عضو مجلس الدولة ووزير خارجية الصين انتقادات واستجواباً بشأن قانون الأمن القومي الذي تمّ سنّه في هونغ كونغ، وحول معاملة الأيغور في شينجيانغ، ومخاوف أخرى خلال جولته الأخيرة التي استغرقت أسبوعاً في خمس دول أوروبية.
قال وانغ يي في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية في باريس: “إن الأكاذيب والشائعات بشأن استجابة الصين للتغيّر المناخي أو سياساتها بشأن شينجيانغ وهونغ كونغ سوف تدحضها الحقائق ولسنا واضحين فحسب، بل نحن حازمون أيضاً في أفعالنا”.
من المرجّح أن يخضع عضو المكتب السياسي وكبير الدبلوماسيين يانغ جيتشي لتدقيق مماثل خلال زيارات إلى اليونان وإسبانيا في الأيام المقبلة، وعلى الأغلب ستتضمّن القمة التي تحاول ألمانيا تنظيمها في وقت لاحق من هذا الشهر مع الرئيس شي جين بينغ ضغطاً متزايداً للوصول إلى الأسواق على نطاق أوسع لدول الاتحاد الأوروبي التي تتفاوض على صفقات الاستثمار.
وتأتي تلك الدبلوماسية الصينية في أعقاب زيارات مماثلة قام بها مسؤولون في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي تسعى جاهدة لإجبار الحكومات الأوروبية على الانضمام إلى مساعيها المناهضة لبكين.
قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو عشية رحلته إلى أوروبا الوسطى: “إن مهمّة إدارة ترامب هي بناء تحالف جديد من الديمقراطيات لتحدي القرن الصيني الذي يحلم به شي جين بينغ”.
إن مهمّة الولايات المتحدة لا لبس فيها لاستغلال الوقت قبل الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني المقبل، وتحقيق الهدف في الحفاظ على مكانة أمريكا العظمى والقضاء على المنافسة الصينية، وتتمثل المهمّة الأساسية للوزير الأميركي في حشد دعم حلفاء أمريكا لمواجهة الصين، فجميع الدول التي تشملها الجولة أصدقاء موالون لأميركا.
لقد باتت تكتيكات ترامب مكشوفة أيضاً لتحويل الانتباه عن تعامله البائس مع وباء كوفيد-19 من أجل تعزيز فرص إعادة انتخابه، ولكن في حال فوز منافسه الديمقراطي جو بايدن سيكون هناك تغيير في النهج ولكن ليس الجوهر، حيث تكون المشاعر المعادية للصين في الولايات المتحدة مزدوجة من الحزبين.
بالنسبة لبكين تعتبر حماية مصالح الصين أمراً مهماً، ولكنها أيضاً توحّد العالم لمواجهة التحديات، فالصين هي المحرك الأساسي للاقتصاد العالمي، حيث تمثّل ما لا يقل عن ثلث النمو العالمي، وكانت أول الدول التي تعافت من أزمة كوفيد-19 ووفرت الطريق للمضي قدماً، في وقت تواجه فيه العديد من الدول الانكماشات الاقتصادية.
لدى الأوروبيين القيم والمصالح نفسها مثل الولايات المتحدة، لكن هذا ليس سبباً للانحياز إلى أحدهما على الآخر، والتنافس الإستراتيجي والجيوسياسي ضار، وسيؤدي التعاون إلى حلّ المشكلات العالمية مثل تغيّر المناخ والقضاء على الإرهاب والتخلص من كوفيد-19.
إعداد: عائدة أسعد – البعث