قبل عدة أيام أعلن باحثون من جامعة واشنطن عن تمكنهم للمرة الأولى من صنع نوع من الأغشية يمكنه تصفية المياه بدرجة عالية من النقاء، حيث يمكنه فصل الشوائب عنها بدقة شديدة وقتل الخلايا البكتيرية التي قد تمر مع الماء العذب.
السيليلوز البكتيري
الغشاء الجديد مصنّع بالأساس في صورة نانونية الحجم من مادة لاقت الكثير من الاهتمام البحثي خلال نصف قرن مضى، تدعى "السيليلوز البكتيري"، وهي تشبه السيليلوز النباتي ولكن مصدرها أنواع محددة من البكتيريا.
وتمكن الفريق البحثي من دمج مادة أخرى بهذا الغشاء الجديد، وهي أكسيد الغرافين الذي تزداد سخونته مع التعرض لضوء الشمس، دون أن تتأثر جودة الغشاء، مما يضيف للغشاء قدرة على قتل الخلايا البكتيرية التي تحاول المرور عبره بالحرارة المرتفعة.
ويأمل باحثو الدراسة في أن يتمكن الغشاء الجديد من المساهمة في حل أزمة ندرة المياه التي تواجه العالم أجمع في المستقبل القريب.
ويعتبر السيليلوز المادة العضوية الأكثر شيوعا على الأرض، ويصنع البشر منه الورق والأقمشة بشكل أساسي، لكن له بالطبع تطبيقات واسعة في عالم الأدوية والوقود.
مزايا إضافية
لكن السيليلوز البكتيري يكتسب عددا من المميزات الإضافية على السيليلوز النباتي، فهو أكثر نقاء من الناحية الكيميائية، وله قدرة أكبر على الاحتفاظ بالماء ومقاومته، وهو أكثر مسامية مع مساحة أقل بكثير جدا في الفراغات بين أليافه مما يجعله مصفاة استثنائية.
كما أنه متوافق حيويا مع الجسم، فحينما يستخدم كضمادة يتحلل بيولوجيا بسهولة، وهو مستقر حراريا ويتحمل الضغط الميكانيكي بدرجة واسعة من القدرة بسبب ثبات بلّوراته.
وتفتح هذه الخواص الفريدة الباب للسيليلوز البكتيري كي يدخل في عدد واسع من الصناعات، على رأسها صناعات التصفية (الفلترة) والغذاء ومستحضرات التجميل، والتطبيقات الطبية الحيوية بما في ذلك تجديد الأنسجة وتضميد الجروح والزرع في الجسم كبديل للدعامات والخيوط الجراحية، والأجهزة التي تنقل الأدوية والأوعية الدموية الصناعية.. إلخ.
اتجاهات واعدة
ويتخذ النشاط البحثي في مجال السيليلوز البكتيري اتجاهات واعدة في الفترة المعاصرة. فعلى سبيل المثال، تمكن باحثون من جامعة ألتو في فنلندا -قبل أقل من عام- من تطوير آلية معقدة لطباعة السيليلوز البكتيري بشكل ثلاثي الأبعاد.
وتمكن الباحثون من طباعة ما يشبه الأذن البشرية عبر تلك الطريقة الجديدة، في تطور مهم لاستخدامات السيليلوز البكتيري، حيث يمكن مستقبلا أن يساعد في حماية الأعضاء المصنّعة معمليا في الفترة اللاحقة لإجراء الجراحات الخاصة بها.
من جهة أخرى، كان باحثون من المعهد الفدرالي للتكنولوجيا بزيوريخ في سويسرا قد تمكنوا من صناعة صور من السيليلوز البكتيري أكثر توافقا مع الأجسام البيولوجية، بحيث لا تتسبب في أية ردود فعل مناعية أو تهيجات أثناء وجودها.
ويأمل الباحثون في أن يساهم ذلك في زرع الأعضاء بكفاءة أكبر، من خلال استخدام السيليلوز البكتيري كفاصل بين الجسم والعضو الجديد.
وخلال العقود القليلة السابقة ومع التطورات الأخيرة في مجالات التصنيع الحيوي، انتقلت أبحاث السليلوز البكتيري لتتخذ مكانة مركزية في هذا النشاط، وهو ما يفتح بدوره أفقا واسعا لمستقبل بشري أقل تلوثا وأكثر صحة
Discussion about this post