تعود روسيا إلى انتقاد الوجود العسكري الأميركي في سوريا، وسط محادثات لافتة تجريها مع الجانب التركي حول إدلب ومنبج وشرق الفرات. ومع تزايد أعداد النازحين من جيب «داعش» في ريف دير الزور الشرقي، أطلقت الأمم المتحدة تحذيراً من الظروف السيئة التي يعيشها هؤلاء في أقصى الشرق السوري
لم ترشح أي تفاصيل عن زيارات عدد من المسؤولين الأتراك من وزارتَي الدفاع والخارجية إلى موسكو، والتي كان آخرها أمس لقاء نائب وزير الخارجية الروسي سادات أونال، نظيره الروسي ومبعوث «الكرملين» إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف، العائدين بدورهما من زيارة إلى إسرائيل. واكتفت بيانات الطرفين الرسمية بالتأكيد على تربّع الملف السوري على رأس أجندة أعمال اللقاءات. اللافت في توقيت الحراك العسكري ــ الديبلوماسي، تزامنه مع حديث وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، العلني، عن العرض الروسي المقدّم إلى أنقرة، للقيام بعملية مشتركة ضد «هيئة تحرير الشام/ جبهة النصرة» في إدلب ومحيطها. وهو عرضٌ ترافق توقيته مع وصول تعزيزات لافتة للجيش السوري إلى جبهات ريف حماة الشمالي ومحيط سهل الغاب.
ولم تنعم خطوط التماس هناك بالهدوء خلال الشهر الماضي، إذ شهدت خروقات متكررة على هيئة اشتباكات متقطعة أو قصف بقذائف صاروخية. كذلك، لم يتوقف الجانب التركي منذ أسابيع عن تعزيز قواته المتمركزة في لواء اسكندرون، على حدود إدلب، حيث زار عدد كبير من القادة العسكريين تلك القوات، وعلى رأسهم وزير الدفاع خلوصي أكار. العرض الروسي المُقدَّم إلى الجانب التركي، وفق ما تشير إليه المعلومات المتوافرة، أتى منذ ما يقارب الشهر، وتضمّن عملية روسية ــ تركية ــ سورية مشتركة، على أن تشارك فصائل «الجبهة الوطنية» بالتحرك تحت غطاء جوي روسي. كذلك، كان يفترض أن يتحرك الجيش السوري من ثلاثة محاور، في ريف حماة الشمالي ومحيط أبو الضهور ومحيط جسر الشغور الغربي. وتوضح المعلومات أن موسكو كانت تراهن على قيام تعاون تركي ــ سوري، وإن كان غير مباشر، يمكن لاحقاً تجييره لحلحلة بعض الملفات ومن بينها منبج وشرق الفرات. وحاولت موسكو، منذ ما قبل العرض، استغلال وجود بعض الشخصيات التي قد تتّجه للمصالحة على غرار ما جرى في مناطق أخرى، وهو ما قابلته «النصرة» حينها بحملة أمنية قيل أنها استهدفت «عناصر المصالحات». وعلى رغم أن جاويش أوغلو أكد، أول من أمس، أن المشكلة الرئيسة في إنجاح مثل هذه العملية هي وجهة ترحيل المقاتلين الأجانب، توضح معلومات متقاطعة أن الأشهر الماضية شهدت دخول عدد من «الجهاديين الأجانب» إلى تركيا، تحت عين الاستخبارات التركية.
منعت القوات الأميركية دخول قافلة مساعدات حكومية إلى بلدة هجين
وترافقت تطورات ملف إدلب الأخيرة مع غياب التصريحات الرسمية حول مشروع «المنطقة الآمنة» شرق الفرات، في انتظار اجتماع «مجموعة العمل المشتركة» التركية ــ الأميركية، المقرّر في الخامس من شباط الجاري. وبدت لافتة، خلال اليومين الماضيين، عودة موسكو إلى الخطاب الحادّ اللهجة تجاه الوجود الأميركي العسكري في سوريا، لا سيما في منطقة التنف. وذهبت وزارة الخارجية الروسية إلى استعادة ما قاله الوزير سيرغي لافروف قبلاً، عن أن الولايات المتحدة الأميركية «تستخدم الإرهابيين» في سوريا لتحقيق «مكاسب جيوسياسية». وتساوق ذلك مع ما أورده وزير الخارجية التركي عن استغلال جهات في «التحالف الدولي» لعناصر «إرهابية» لانتهاك «اتفاق إدلب».
ووسط الانتقادات الروسية المتجددة لوجود الأميركيين في شرق سوريا وشمالها، وبالتوازي مع سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين في قصف «التحالف الدولي» على بلدات ريف دير الزور الشرقي، أعربت «المفوضية العليا لشؤون اللاجئين» التابعة للأمم المتحدة، عن «قلق متزايد على سلامة المدنيين المحاصرين في المناطق التي يسيطر عليها داعش في جيب هجين»، مطالبة بفتح «معابر آمنة» تتيح لهم الوصول إلى مخيم الهول في ريف الحسكة الجنوبي. وأوضحت المفوضية أن نحو 23 ألف شخص فرّوا من المنطقة إلى المخيم منذ الأول من كانون الأول الماضي. كذلك، كشفت أن 29 طفلاً ومولوداً جديداً ماتوا أثناء خروجهم من الجيب المحاصر أو بعد وصولهم بفترة وجيزة، بسبب سوء التغذية أو انخفاض حرارة الجسم. وجاء تقرير المفوضية بعد أيام فقط على منع القوات الأميركية و«قوات سوريا الديموقراطية» قافلة مساعدات مقدمة من الحكومة السورية من الدخول إلى بلدة هجين. وكانت القافلة المقدمة من الحكومة و«الهلال الأحمر العربي السوري»، والتي تضم 10 شاحنات محملة بالمواد الأساسية اللازمة، مُنعت من العبور عند قرية الحسينية، بحجة أن القوات الأميركية تمنع دخولها، وفق ما نقلت وكالة «سانا» الرسمية.
الاخبار
Discussion about this post