سؤال لا تزال إجابته معلقة في زمن الأحداث التي تتخم العالم من أقصاه إلى أقصاه بوجه عام، والمنطقة بوجه خاص، ذلك أن أمر ما يسمى بـ”صفقة القرن” لا يمكن أن يمضي وفق الطرف الأميركي والإسرائيلي الذي أعد هذه الصفقة/الصفعة ـ كما أسماها الرئيس الفلسطيني محمود عباس ـ دون أن تمر ببقية الأطراف المعنية الأخرى ذات العلاقة، سواء بالنسبة للإسرائيليين أنفسهم، أو بالنسبة للشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير وفصائل المقاومة.
داخل كيان الاحتلال الإسرائيلي لا تزال هناك أحزاب يمينية متطرفة ترى في الصفقة أنها مجحفة بزعم أنها تقدم “تنازلات مؤلمة” للجانب الفلسطيني، وحسب الإعلام الإسرائيلي فإن “أحزابًا مثل “اليمين الجديد” بزعامة نفتالي بنيت، و”إسرائيل بيتنا” بزعامة أفيجدور ليبرمان، لن تقبل دخول حكومة إسرائيلية تقبل تقديم هذه التنازلات، فيما قد تراها أحزاب الوسط ـ يسار فرصة تاريخية تبرر الانضمام لبنيامين نتنياهو وإقامة حكومة وحدة وطنية”.
وسابقًا هاجم اليمين الإسرائيلي أنباء قالت إن ما يسمى “صفقة القرن” تتضمن إقامة دولة فلسطينية على 90 في المئة من مساحة الضفة الغربية، مع عاصمة تشمل سيادة فلسطينية على بعض أجزاء القدس الشرقية، وتجميد البناء في المستوطنات المعزولة خارج الكتل الاستيطانية الكبرى، وتتضمن كذلك إخلاء البؤر الاستيطانية غير الشرعية.. حسب المعايير الإسرائيلية.
وحسب الإعلام الإسرائيلي ذاته، فقد نقل عن السفير الأميركي لدى كيان الاحتلال الإسرائيلي ديفيد فريدمان قوله إن خطة السلام التي ترعاها واشنطن المعروفة بـ”صفقة القرن” سيتم طرحها نهاية أبريل المقبل؛ أي بعد الانتخابات العامة لكيان الاحتلال الإسرائيلي، وربما قبل تشكيل حكومته.
أما على الصعيد الفلسطيني فقد باتت المواقف الفلسطينية الرسمية والشعبية معروفة وثابتة، وهي رفض هذه “الصفعة” أيًّا كان مضمونها، وأيًّا كان معدها ومقدمها؛ فليس هناك استعداد فلسطيني رسمي أو شعبي للتنازل عن شبر من أرض فلسطين، وعن أي حق تريد ما يسمى بـ”صفقة القرن” إلغاءه وطمسه من الثوابت الفلسطينية. وما جاء في بعض التسريبات الإعلامية عن جوهر “الصفقة” يبين مدى الإجحاف والظلم والتنمر على الحقوق الفلسطينية، فقد أعدت وفق المقاس والرؤية والشروط والمشروعات الاستعمارية الاستيطانية الاحتلالية الإسرائيلية، ولطالما كان كيان الاحتلال الإسرائيلي يسعى منذ إقامته على أنقاض فلسطين إلى تصفية الشعب الفلسطيني وحقوقه وقضيته وإنهاء وجوده من على أرضه، فإن مضمون “صفقة القرن” لا يخرج عن هذا الأساس. ولعل ما قامت به الولايات المتحدة من خطوات عملية تمهيدًا أو تنفيذًا لجوهر “الصفقة” من إلغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين والاعتراف بمدينة القدس المحتلة عاصمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي ونقل السفارة الأميركية إليها يعكس طبيعة ما يسمى “صفقة القرن” وأهدافها ولأي طرف تصب في صالحه. ولكن، إذا كان الفلسطينيون يرفضونها جملة وتفصيلًا ـ حسب ما أعلنوه من مواقف ـ وكذلك أحزاب إسرائيلية ـ رغم تفصيلها وفق مقاسهم وشروطهم ومشروعاتهم الاستعمارية الاحتلالية ـ ترفض “الصفقة” فهل سترى النور؟
رأي الوطن العمانية
Discussion about this post