يبدو أن كيان الاحتلال الإسرائيلي قد انفتحت شهيته الإرهابية العدوانية على سوريا، فخلال أربع وعشرين ساعة شن الطيران الحربي الإسرائيلي عدوانين إرهابيين على مواقع سورية من بينها مطار دمشق الدولي.
هذا الإرهاب الإسرائيلي الذي يستمد شجاعته من الضوء الأخضر الأميركي للتمادي على المساس بالسيادة السورية، واستهداف مقدرات الدولة السورية وشعبها، لا يبدو أنه سيكون الأخير، ذلك أن كيان الاحتلال الإسرائيلي هو الطرف الأصيل والمعني أولًا وأخيرًا بمخطط استهداف سوريا وشعبها وجيشها وقيادتها، وتدميرها وتقسيمها، لذلك أي تطور ميداني أو سياسي يخرج عن إطار المخطط أو يخل به مرفوض إسرائيليًّا، ما يستدعي التدخل الفوري والمباشر من قبل كيان الاحتلال الإسرائيلي للتأكيد على هذا الرفض، وأنه لا يزال قادرًا على ممارسة التأثير المطلوب في سياق المخطط الإرهابي ودعمه، وعلى خلط الأوراق.
ومن يتتبع طبيعة العدوانين الإرهابيين الإسرائيليين اللذين استهدفا سوريا سيجد أنهما من حيث التوقيت جاءا تعبيرًا عن مدى الامتعاض الذي يشعر به كيان الاحتلال الإسرائيلي من التطورات الميدانية والسياسية التي تصب لصالح الدولة السورية، واتجاهها اللافت نحو استعادتها عافيتها، سواء كان ذلك من خلال الإنجازات الميدانية التي راكمها الجيش العربي السوري وحلفاؤه بتطهير المدن السورية الكبرى والقرى والأرياف، ولم يتبقَّ لهم سوى البؤر الإرهابية الأخيرة في إدلب وأجزاء بسيطة من بعض المناطق الحدودية. كما أن دخول الجيش العربي السوري إلى مدينة منبج، بالإضافة إلى الحوارات المستمرة بين الحكومة السورية والانفصاليين الأكراد تمضي في مناخ إيجابي، كما بيَّن ذلك مسؤولون سوريون وأكراد، إلى جانب إعلان إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب القوات الأميركية غير الشرعية من الأراضي السورية. والأهم في عملية توقيت العدوانين الإرهابيين ـ وما سبقهما، وما قد يلحقهما ـ أنهما يعكسان الوضع الداخلي الإسرائيلي المأزوم الذي يواجهه بنيامين رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي.
لذلك أراد نتنياهو أن يحقق جملة من الأهداف من وراء العدوان الإرهابي المستمر وفق الضوء الأخضر الأميركي الذي جاء إثر زيارة جون بولتون مستشار الأمن القومي، ليس ترضية لكيان الاحتلال الإسرائيلي فحسب، وإنما لخلط الأوراق والتشويش، ودعم معنويات التنظيمات الإرهابية التي أثبتت طوال سنوات المخطط الإرهابي ضد سوريا أنها تقاتل تحت راية كيان الاحتلال الإسرائيلي وحلفائه وداعميه ومؤيديه وتابعيه، من أجل تحقيق أجنداته ومشروعاته التخريبية والتدميرية في سوريا، لذا يشعر كيان الاحتلال الإسرائيلي بالحقد والكراهية والقلق في الوقت ذاته من التحول الميداني لصالح الدولة السورية، وليس لصالح المخطط الإرهابي وللتنظيمات الإرهابية، وبالتالي لا بد من العمل على بقاء بنية الإرهاب وتنظيماته في سوريا لتواصل وظيفتها الموكلة إليها. بالإضافة إلى محاولة استفزاز سوريا وحلفائها بما قد يعطل قرار الانسحاب الأميركي ويؤجله بذريعة أن الوجود الأميركي بات مهمًّا لحماية كيان الاحتلال الإسرائيلي، كما أن نتنياهو يريد تصدير أزماته والهروب إلى الأمام، والإيحاء إلى المجتمع الإسرائيلي بأنه فرس الرهان في مواجهة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وطرد ما يزعمونه من وجود عسكري إيراني، وكذلك لإبعاد الخطر عن كيانهم الغاصب. ومن الأهداف التي يريد نتنياهو أيضًا تحقيقها هو منع أي تقارب عربي ـ سوري، وتهديد رحلات الطيران من وإلى دمشق، وذلك باستهداف مطارها، وإثارة الخوف لدى شركات الطيران في الدول العربية التي تعتزم استئناف رحلاتها إلى سوريا. لكنه في الشكل والهدف يبقى عدوانًا بائسًا يعبِّر عن مدى ما يتملك مرتكبيه من بؤس ويأس وانكسار.
رأي الوطن العمانية
Discussion about this post