من العبث إجهاد النفس في ابتكار طريقة جديدة لتسهيل السهل وتوضيح الواضح، لكن هناك من يكابر في تعمده المعاكسة لكل ما تم اختباره وتجربته…!؟.
فثمة حقائق أضحت في خانة شبه المسلمات، إلاَّ أن الحكومة ولطالما – لا نعرف لماذا – تتعمَّد التعامي عنها، رغم أنها تشكل في مظهرها وجوهرها ضرورات ملحة يجب أخذها بكثير من الحسبان، وتحديداً حين اختيار المدراء العامين لقيادة مؤسساتنا الاقتصادية.
ولنكن أكثر صراحة وواقعية، ونسأل من خِضَم الوضع القائم بمعادلاته ومصالحه وصفقاته: ما مبرر استمرار الاستعانة بأكاديميين من جامعاتنا، لإدارة مؤسسة ما (مثلا تعين ثلاثة من الجامعات لإدارة مصارف عامة وكندب جزئي)، علماً أنه قد تم اختبار هذا النمط والإجراء منذ أكثر من 12 سنة، وثَبُت بالتجريب فشلهما..!.
كما ونسأل: لماذا لا يجوز تعيين مدير عام من ذات مكان العمل..؟!، علماً أن منطق الأمور يقول: بأن الكفاءات الموجودة في تلك المؤسسات هي الأحق بإدارتها، ولعل ما يدعم هذا المنطق، أن هناك موظفين تنطبق عليهم كل المعايير والاشتراطات المطلوبة (وأكثر مما يُستقدم من خارج الملاك) كي يتم اختيارهم، ليس أقلها شهاداتهم العلمية، وليس أكثرها ما امتلكوه، على مدى سنوات طوال، من خبرات إدارية وفنية ومالية عملاتية.
أليس هذا “قتل” لأي حافز أو طموح وظيفي..؟!، يسأل العديد من الموظفين، كما ويسألون أيضاً: أين ومتى تأتينا تلك الفرصة، التي تخولنا البرهنة على كفاءتنا ومقدراتنا الإدارية (التي يسخرها القادم من الخارج لنفسه ويا ليته يفلح ويستمر)، وأن باستطاعتهم إحداث الفرق الإيجابي وعلى كافة الصعد في ما يعتبرونها “مؤسساتهم”، كونهم أبناءها تتلمذوا عملياً فيها وطوروا خبراتهم، وخبروا كل تفصيل وجزئية من أعمالها ومهامها..!؟.
ولعل أولئك الموظفين لا يأتون بجديد حين يكشفون صراحة، عن أن المرؤوسين لا يتعاونون مع رئيسهم “الدخيل”، لا لشيء بل لكونه يأتي ولا يعلم شيئاً عن المؤسسة، وما فيها وعلاقاتها وطبيعة العمل التي تحكمها، حتى أنه لا يمتلك مقدرات إدارية وفنية عملية، وبالتالي يكون مثل الغريب في نظرهم، وتزداد هذه الهوة بين الطرفين، حين يعلم الطرف الأدنى وظيفياً أن مكوثه في رأس الهرم الإداري لمؤسستهم وكالمعتاد لن يتجاوز السنتين أو الثلاث على أبعد تقدير..!.
بمعنى آخر، إن المدير “الدخيل”، ولحين يتعرف على الجو والفهم لطبيعة العمل وآلياته، والقوانين والإجراءات الناظمة لعمل المؤسسة، يكون قد أزف الوقت لتغييره بآخر وهكذا دواليكم..!، وهذا يؤدي بالنتيجة – برأي من استطلعنا أراءهم – إلى تراجع الأداء والعمل وتطويره بدل أن يتقدم.
ما سلف ليس كلاماً بل حقيقة، ولا أدل أن عديداً من “المدراء الدخلاء” لم يقدموا للقطاعات التي ندبوا إليها أي شيء، لا بل أدى وجودهم لهدر كبير في الوقت والعمل والنتائج..!.
بالمختصر لا بد أن يدرك أصحاب القرار لكل ما تقدم، وقبله عليهم أن يدركوا أن الخبرة تراكمية لا تختصر، بل تأتي عبر الزمن والمراس العملي، وعليه فشتان ما بين النظري والعملي، يختم المحتجون رأيهم، مع لحظهم إلى أن الاستثناء في هذا المجال هو نادر عابر وليس دائم ثابت…!، فلماذا الإصرار على ذلك..!!؟.
الحقيقة – قسيم دحدل
Discussion about this post