يعود الحديث عن ما يسمى بـ”المناطق الآمنة” في سوريا من جديد بعد فترة من الهذيان ظلت حالة لافتة لمعشر المتآمرين والذي توقف مع التدخل العسكري الروسي الذي جاء في وقته، حيث تملكتهم حالة هستيرية نحو ما يسمى بـ”المناطق الآمنة” ومناطق “حظر الطيران” تحت كذبة حماية المدنيين السوريين الذين لا يزال معشر المتآمرين ينظرون إليهم نظرة لا تستقيم مع الكذبة ذاتها، ولا تستقيم مع قيم ومبادئ حقوق الإنسان، جراء الامتهان والإذلال والتعسف والقهر، والتهجير القسري، وتصلية نار الإرهاب التكفيري وشحذ سواطير التنظيمات الإرهابية التي أنتجها معشر المتآمرين وشغَّلوها لتحمل راية إسقاط الدولة السورية وتدميرها وتقسيمها نيابة عنهم، فكيف يتأتى عقلًا ومنطقًا الحديث عن إقامة مناطق “آمنة” أو “حظر طيران” من قبل من تلطخت أيديهم بدماء الشعب السوري، ودعموا التنظيمات الإرهابية بذريعة/كذبة دعم “الثورة” و”المعارضة” السورية؟ أليس وراء هذا التوجه هدف يتجاوز المدنيين السوريين وحمايتهم وحقوقهم، ويفاقم معاناتهم ويقسمهم إلى طوائف وملل وأعراق تبعًا لمخطط التقسيم والاستعمار والاغتصاب الذي يسعى من ورائه معشر المتآمرين؟ ثم ما الأسباب التي تدعو إلى هذا التوجه بإقامة ما يسمى “مناطق آمنة” في الوقت الذي باتت فيه الدولة السورية تبسط سيطرتها على ما يزيد على تسعين في المئة من الأراضي والمناطق السورية، في حين بدأت جموع من المهجرين السوريين قسرًا إلى مناطق الشتات ومخيمات اللجوء العودة إلى وطنها ومدنها وقراها وأريافها؟
اللافت أن الحديث عن إقامة ما يسمى بـ”مناطق آمنة” في شمال سوريا يستند إلى مبادئ وحدة أراضيها، وفي هذا الاستناد تضليل وخداع واضح، ذلك أن “المناطق الآمنة” خارج موافقة الحكومة السورية الشرعية المنتخبة، تعني أولًا أنها خرق للقانون الدولي، وانتهاك للسيادة السورية وتدخل في شؤونها الداخلية، وثانيًا أن مريديها لديهم نيات مبيتة وخبيثة ضد سوريا وشعبها، ولديهم أحلام قديمة يتوهمون إمكانية تحقيقها، بينما حقائق الأشياء ووقائع الميدان تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك طبيعة دورهم التآمري والمتخفي أحيانًا والظاهر حينًا، فهناك ما يشبه التنسيق بين بعض القوى المتدخلة في الشؤون الداخلية لسوريا والمتآمرة عليها لإحلال تنظيمات راديكالية متطرفة وإرهابية لتحل محل القوات الأميركية غير الشرعية لتقوم بالدور الذي يفترض أن تقوم به القوات الأميركية هذا من جهة، ومن جهة أخرى محاولة خلط الأوراق من خلال إثارة الفوضى الإرهابية بين مختلف التنظيمات الإرهابية تمهيدًا لاستغلال الوضع وتوظيفه لصالح التوجهات المعادية لسوريا.
لذلك الحديث عن إقامة ما يسمى “مناطق آمنة” ساقط أخلاقيًّا مثلما هو ساقط قانونًا وشرعًا؛ لأن بكل بساطة هذا التحريش بين التنظيمات الإرهابية للرهان على بعضها لخدمة أجندات وأهداف قوى طامعة في سوريا وأراضيها تتنافى معه ذريعة حماية المدنيين، فهذه التنظيمات مثلما لعبت في السابق دورًا كبيرًا في قتل وتهجير الشعب السوري، وتدمير البنى الأساسية ونهب مدخرات وممتلكات السوريين لن تتورع عن ممارسة هذا الإرهاب لحظة تمكينها وفق ما يريده المتآمرون والأعداء.
إن ما يتم رسمه مجددًا ضد سوريا يمثل فرصة للأكراد لمراجعة أنفسهم، والتكفير عما اقترفوه من أخطاء بحق وطنهم سوريا بالارتماء في الحضن الصهيو ـ أميركي، والمضي نحو تحقيق ما يريده الصهيو ـ أميركي من خراب وتقسيم وتدمير لسوريا؛ لأن هذا الحلم/الوهم بإقامة ما يسمى بـ”مناطق آمنة” لن يكتب له النجاح، فالدولة السورية وعبر شعبها وجيشها العربي وقيادتها تدرك المغازي والأهداف من وراء ما يتحدث عنه معشر المتآمرين ويخططون له، ولن تقف مكتوفة الأيدي وهي تشاهد سيناريو مكررًا في العراق، حين أقدم أعداؤه على إقامة مناطق حظر طيران في شماله بحجة حماية الأكراد، والتي ظهرت حقيقتها وهدفها مباشرة بعيد إقامتها، لذا من الخطورة بمكان تسليم أي سوري شريف بهذا العمل الذي ينتقص السيادة السورية، ويهدف إلى خرابها وتقسيمها ونهبها.
رأي الوطن العمانية
Discussion about this post