انطوى عام 2018 بكل ما فيه من احداث، بحلوه ومرّه وحزنه وفرحه، اخذ الكثير وترك امورا اخرى على حالها، لتتكفل بها الاعوام القادمة، لن نبكي على فراق العام الذي انقضى، ولن نرقص طربا للعام الذي اتى، لان القراءة الموضوعية لواقعنا العام، لا تشي باحتمال وقوع احداث دراماتيكية من النواحي الايجابية، وان كان لا بد من التفاؤل والامل، حتى يستمر دافع الاستمرارية بالعمل والكفاح، ومنع الوقوع في زاوية الاحباط واليأس، والقراءة البانورامية لاعوام كثيرة متتالية مضت لا تظهر فوارق كثيرة في احداثها.
على صعيد القضية الفلسطينية، التي تعتبر باروميتر لقياس حجم الرضا والغضب، لمئات الملايين من العرب والمسلمين، فان الاحتلال ما يزال قائما وهو الاخير في هذا العصر، والمؤشرات تؤكد عدم وجود بوادر حقيقية لانتهائه، بل على العكس يضيق الخناق اكثر فاكثر على الشعب الفلسطيني المحتل، كما تضيق مساحة الاراضي التي يقف عليها هذا الشعب، بسبب التمدد الاستيطاني القهري الذي يزحف شبرا شبرا، ليطبق الطوق والخناق على المواطنين الفلسطينيين ويضعهم تحت ضغط شديد اقتصاديا وامنيا واجتماعيا، وما تزال الاجيال تردد نفس العبارة ..ان شاءالله العام القادم في القدس وفلسطين محررة من رجس الصهيونية، وذلك العام لم تظهر ملامحه بعد، لكن الامل معقود على الشعب الفلسطيني المناضل، الذي يتصدى للاحتلال ويرفضه ويتمسك بارضه ووطنه، ويسطر اروع صور البطولة والتضحية الوطنية في مواجهة المحتلين، ومع كل عام جديد تتجدد الروح النضالية والمعنوية لدى الشعب الفلسطيني، الذي تتضاعف قوة ارادته وهمّته في مقاومة الاحتلال، ويزداد اصراره على دحره وكنسه من فلسطين.
وما يزال الانقسام الذي يشكل خطا موازيا للاحتلال مستمرا، يعصف بالشعب الفلسطيني وآماله وطموحاته ونضالاته، وتزداد الفجوة بين المنقسمين، وتتسع الهوة بينهما والمستفيد الوحيد العدو المشترك، والشعب يدفع الثمن في جميع مناحي الحياة، والتعاطف العربي والاسلامي والعالمي في تراجع.
العام الجديد يستقبله المظلومين والضعفاء بالامنيات والدعاء، بأن لا يتكرر مذاق العام الراحل، وان لا تعترض طريقهم ذات العقبات والحفر، وان يتخلصوا من كوابيس الظلم والقهر والاستبداد، ويضمدون جراحهم ويمضون متفائلين بعام افضل واجمل، يحمل بين شهوره واسابيعه وايامه، ما يحقق امانيهم وتطلعاتهم وما ينتظرونه من مفاجآت تقلب واقعهم الى الاحسن.
ونحن نقف على اعتاب العام الجديد، تخترق الابصار الافق نحو القدس وتهبط فيها الافئدة، وترحل اليها القلوب والعقول تسبق الاجساد المدرجة بحلم العودة والتحرير، لتسكن هناك في ظل حيطانها القديمة، وتتمترس في قلاعها الحصينة وتقسم بأن لا هجران بعد اليوم.!!
كمال زكارنة – الدستور الأردنية
Discussion about this post