يقول بعض المحللين السياسيين في وسائل الإعلام الامريكية هذه الايام ، ان فشل العقوبات الامريكية الاقتصادية القاسية المفروضة علي حزب الله و تشمل قياداته و كوادره ، يقولون انه اذا فشلت تلك العقوبات بشكل كامل و لم تؤت ثمارها ستعطي الولايات المتحدة الضوء الاخضر لإسرائيل للقيام بضرب حزب الله عسكريا لإضعافه او للقضاء عليه نهائيا
بشكل عام يعاني بعض المحللين سواء كانوا مع محور المقاومة او مع المحور الامريكي الاسرائيلي من عدم القدرة على ادراك الواقع الاستراتيجي الجديد في المنطقة بأن اسرائيل اصبحت ورقة محروقة و نقاط ضعفها اصبحت مكشوفة لجميع حركات المقاومة في لبنان و فلسطين المحتلة لذلك يحللون و كأننا نعيش في عام ١٩٦٧ و لسنا موجودين في عام ٢٠١٨ فمنذ عام ٢٠٠٦ و حتي عام ٢٠١٨ خسرت اسرائيل جميع الحروب التي خاضتها ضد حركات المقاومة في لبنان و فلسطين المحتلة ، و عملية الدرع الشمالية التي يقوم بها الجيش الاسرائيلي علي الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة حاليا ما هي الا دليل عجز و ضعف لهذا الجيش الذي انهارت قدرته علي ردع محور المقاومة بشكل كامل و كان الهدف من تلك العملية الاستعراضية تحقيق انتصار وهمي للجيش الاسرائيلي يوظفه حزب الليكود الحاكم في الداخل الاسرائيلي لان حزب الليكود الحاكم اصبحت شعبيته في الحضيض بسبب تورطه في قضايا فساد كبري في الداخل الاسرائيلي المنهار نفسيا بعد هزيمة جيشه هزيمة مدوية عسكريا و مخابراتيا و اعلاميا في الحرب الاخيرة مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة المحاصر لذلك قام الجيش الاسرائيلي بهذه العملية لالهاء الناس عن فساد الليكود و رفع معنوياتهم بعد الفضيحة العسكرية و المخابراتية و الاعلامية لجيشهم امام المقاومة الفلسطينية في غزة
و يجب ذكر ان الولايات المتحدة الامريكية فرضت عقوبات اقتصادية قاسية علي حزب الله لانها تعلم ان اسرائيل من الناحية العسكرية غير قادرة لا علي القضاء علي حزب الله عسكريا بشكل نهائي و لا حتي اضعافه عسكريا بشكل جزئي بل تدرك الولايات المتحدة انه اذا قامت اسرائيل بشن حرب علي حزب الله فإن جبهتها الداخلية ستتعرض لأذي لم تتعرض له منذ تأسيسها عام ١٩٤٨ ، ففرض العقوبات الاقتصادية علي حزب الله من الاساس هو دليل علي عدم قدرة القضاء عليه او اضعافه عسكريا من قبل اسرائيل لذلك تم اللجوء الي خيار الحرب الاقتصادية فالطرف الذي يستطيع ان يحارب سيحارب بدون ان يفرض عقوبات اقتصادية او يهدد بالحرب يوميا و لكن لان محور امريكا و اسرائيل عاجز امام حزب الله عسكريا فإنه يفرض عقوبات اقتصادية للضغط علي حاضنة الحزب الشعبية و يهدد يوميا بالحرب كنوع من الضغط النفسي و المعنوي علي قيادة الحزب
بل سأقول اكثر من ذلك ان الولايات المتحدة و هي تفرض العقوبات الاقتصادية علي حزب الله كانت تدرك ان تلك العقوبات ستفشل لذلك مع بداية فرضها لتلك العقوبات الاقتصادية زادت التهديدات الاسرائيلية بشن حرب عسكرية علي حزب الله للضغط عليه معنويا و نفسيا و بث اليأس في صفوف قياداته و مجاهديه و حاضنته الشعبية ، فمحور امريكا و اسرائيل عاجز عن الحرب العسكرية فلجأ الي الحرب الاقتصادية و فشل فيها ايضا فاصبح يعتمد علي الحرب الاعلامية و النفسية و الدعائية التي يفشلها حزب الله بكلمتين و رفعة اصبع من سماحة الامين العام
و نتيجة ادراك الولايات المتحدة ان القضاء علي حزب الله او اضعافه عسكريا امر مستحيل ، و ان العقوبات الاقتصادية لن تنجح في الضغط عليه و لن تجعل حاضنته الشعبية ( العقائدية ) تنقلب عليه ، لأن من يمتلك عقيدة صلبة يؤمن بها بحق ، لن يتأثر بدولار هنا او دولار هناك ، فإنها لجأت مع اسرائيل الي استراتيجية جديدة و هي محاولة اثارة الفتن بين اهل الجنوب و اهل البقاع بحجة ان البقاع مهمش و لا توجد به خدمات و لعبت علي هذا العامل في الانتخابات البرلمانية و قامت بتمويل ما يسمي بالتيار الشيعي الحر ، لكن مخططها فشل لان اهل البقاع لن يتخلوا عن مشروعهم المقاوم و يذهبوا مع امريكا و اسرائيل من اجل أمور انمائية ستحل عاجلا ام اجلا ، و حتي محاولات امريكا القضاء علي ايران و سورية لمحاصرة حزب الله فانها فشلت ايضا لان الحكومتين في سورية و ايران يتمتعان بعوامل القوة الذاتية داخليا و لديهما تحالفات صلبة دوليا مع القوي العظمي الصاعدة بقوة كروسيا و الصين
لذلك فالخلاصة من كلامي هذا ، ان امريكا غير قادرة علي القضاء علي حزب الله عسكريا او حتي اضعافه عبر اداتها اسرائيل ، فلجأت الي الحرب الاقتصادية التي تعلم انها ستفشل لكنها عملت علي دمج الحرب الاقتصادية مع الحرب النفسية لتنجح في جعل قيادة الحزب و حاضنته الشعبية ينهاروا ادراكيا ففشلت ايضا ، فلجأت الي خيار اثارة الفتن بين اهل الجنوب و اهل البقاع و فشلت بفضل عقائدية بيئة المقاومة في البقاع ، فرهانات امريكا و اسرائيل فشلت جميعها و هم مصابون الآن بحالة يأس لم تصبهم من قبل و لا يعلموا ماذا يفعلوا سوي الهرطقة الفكرية و الثرثرة الفارغة !
احمد عادل – كاتب وباحث سياسي – خاص
Discussion about this post