العملية النوعية التي قامت بها المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي بقدر ما تمثل قدرة المقاومة الفلسطينية على الرد وتطورها واستطاعتها تحقيق اختراقات في صفوف العدو، بقدر ما تعكس حجم العدوان الإسرائيلي والجرائم والانتهاكات والممارسات الإجرامية التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي وعصابات المستوطنين ضد الشعب الفلسطيني والتي تجبر المقاومة على الرد.
إن التمادي الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني لا يريد أن يتوقف ولو للحظة واحدة، فالاستخفاف بالدم الفلسطيني وجعله وسيلة للمزايدة بين قادة القتل والعدوان في كيان الاحتلال الإسرائيلي، والتهويد ونهب ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، واتباع السياسات العنصرية، وتوسيع مساحة العدوان والإرهاب لتشمل خارج فلسطين المحتلة، بات كل ذلك برنامج العمل ومحور التنافس لدى هؤلاء القتلة، سواء كان ذلك أثناء الحملات الانتخابية أو لكل رئيس حكومة للاحتلال يأتي به الإسرائيليون وفق ما يناسب نزعاتهم العدوانية ويشبع عنصريتهم وشهيتهم لدماء الفلسطينيين والعرب، أو جعل كل ذلك وسيلة للهروب من التبعات السياسية والقضائية وملاحقات الفساد.
ومن يتتبع تفاصيل العملية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية وما نتج عنها من مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين، وإصابة آخرين جراح بعضهم حرجة، والاستيلاء على سلاح أحد الجنود، يجد أن هذه العملية جاءت ردًّا على جرائم ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد عناصر المقاومة الفلسطينية، والتي من بينها جريمة اغتيال سائق فلسطيني ادعى جنود الاحتلال أنه حاول دهسهم بالخليل، والجريمة الأخرى هي قيام جيش الاحتلال الإسرائيلي باغتيال الشهيدين صالح عمر البرغوثي منفذ عملية مستوطنة عوفرا الأحد الماضي، وأشرف نعالوة المطارد من الاحتلال منذ نحو تسعة أسابيع، لتنفيذه هجومًا في مستوطنة “بركان”.
هذا التصعيد الإسرائيلي الإجرامي ضد أبناء الشعب الفلسطيني ـ وكما في كل مرة ـ له محركاته ودوافعه، فقد جاء إثر مطالبات إسرائيلية يقودها عصابات المستوطنين والمتطرفين والإرهابيين داخل كيان الاحتلال الإسرائيلي بالتصعيد واستخدام القوة المفرطة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، ونشر الملصقات التحريضية لقتل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وكذلك جاء إثر ملاحقات قضائية ضد بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي الذي ـ حاله حال غيره من قادة الحرب الإرهاب الإسرائيليين السابقين ـ لم يجد سوى الهروب إلى الأمام وسيلة للتملص من فضائح فساده وملاحقة قضاء كيانه المحتل، فها هو يحاول تشتيت الأنظار عن فضائحه والتهرب من التبعات القانونية بجر كيان الاحتلال الإسرائيلي إلى تصعيد غير مبرر في أكثر من جهة؛ أي في الضفة الغربية وقطاع غزة، وعند الحدود مع لبنان بزعم اكتشاف الأنفاق التي حفرتها المقاومة اللبنانية. لكن ما يجب أن يعرفه المحتلون الإسرائيليون أن العدوان الإرهابي الذي يشنه جيش الاحتلال وعصابات المستوطنين ضد الشعب الفلسطيني سوف يجد الرد المباشر، وهذا ما أكده الفلسطينيون الرسميون وغير الرسميين والمقاومة الفلسطينية، وأنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام العدوان والإرهاب وردعه، وصده عن أنفسهم، وبالتالي التصعيد يقابله تصعيد، لذلك ليس أمام كيان الاحتلال الإسرائيلي سوى التخلي عن انتهاكاته وجرائمه وعنصريته ضد الشعب الفلسطيني والاعتراف بالحقوق الفلسطينية.
الوطن العمانية
Discussion about this post