اتفقت الدول المنتجة و المصدرة للنفط في منظمة اوبك علي خفض الانتاج اليومي لعدد براميل النفط و لكن حتي الان لم يتم تحديد عدد براميل النفط التي ستقوم كل دولة عضو في منظمة اوبك بتخفيض انتاجها منها ، لان روسيا تريد تخفيض انتاجها بمعدل ٢٠٠ الف برميل يوميا فقط و السعودية تريد من روسيا خفض الانتاج اكثر من ذلك لكن روسيا ترفض بحجة ان المناخ الشتوي في روسيا لا يسمح بخفض الانتاج اكثر من ذلك ، و ايران ايضا ترفض خفض انتاجها من الاساس لان العقوبات الامريكية المفروضة علي قطاعها النفطي غير شرعية وفق القانون الدولي بالتالي فهي ترفض خفض الانتاج من الاساس و لكنها توافق علي خفض الانتاج من حيث المبدأ لكن عبر الدول الاخري و ليس عبرها و هذا ما تعترض عليه السعودية لذلك هناك اتفاق بين اعضاء اوبك علي خفض الانتاج لكن هناك خلاف حول الدورين الايراني و الروسي
السعودية تريد خفض الانتاج النفطي اليومي لرفع الاسعار و لكن بشكل طفيف او متوسط لكي لا تستفيد ايران من اسعار النفط المرتفعة اقتصاديا ، السعودية تعاني اقتصاديا بسبب انفاقها عشرات المليارات من الدولارات في حروب اليمن و سورية و العراق فضلا عن تمويل الاحزاب المعارضة للمقاومة داخل لبنان مثل المستقبل و القوات و شراءها سلاح بمليارات الدولارات من الولايات المتحدة ، لذلك فهي تعاني اقتصاديا و تريد رفع الاسعار و لكن لا تريد رفع الاسعار بشكل كبير لكي لا تستفيد ايران من الاسعار المرتفعة لبرميل النفط الواحد ، فإيران هي الممول المالي الرئيسي لجميع الحركات في المنطقة التي تناهض المشروع الاستراتيجي الامريكي السعودي لذلك السعودية لا ترغب في تخفيض الانتاج بشكل كبير حتي لا ترتفع الاسعار بشكل جنوني يفيد ايران اقتصاديا المفروض عليها عقوبات امريكية اقتصادية قاسية من اجل ان تعجز عن تمويل حلفاءها في الوطن العربي ، لذلك السعودية تريد خفض الانتاج بشكل محدود او متوسط حتي ترتفع الاسعار بشكل معقول يفيد اقتصاد السعودية لا اقتصاد ايران
اما ايران فهي تعاني اقتصاديا بشكل حقيقي بسبب العقوبات الاقتصادية الامريكية الغير شرعية وفق القانون الدولي المفروضة عليها لذلك هي تعمل علي تخفيض مكثف للانتاج النفطي اليومي لكي ترتفع اسعار النفط بشكل كبير و يساهم هذا الارتفاع في زيادة ارباح ايران و شعبها من العائدات النفطية التي تعتبر مصدر دخل رئيسي من مصادر الدخل القومي لإيران و لكن المعضلة بين ايران و كل من السعودية و روسيا ، ان السعودية لا تتعامل مع الموضوع بشكل تقني بل تتعامل معه بشكل سياسي و لا تريد السعودية خفض الانتاج بشكل كثيف حتي لا يستفيد الاقتصاد الايراني رغم ان خفض الانتاج بشكل كثيف يساعد الاقتصاد السعودي ايضا لكن السعودية تستجيب لأوامر ترامب لها الذي يريد تضييق الخناق بشكل كامل علي الاقتصاد الايراني ، اما الخلاف الروسي الايراني فهو بسبب ان ايران تريد من روسيا تخفيض الانتاج بشكل مكثف لانها ساهمت في اغراق السوق مما ادي لانخفاض الاسعار و روسيا توافق علي ذلك بشرط ان تشترك السعودية معها في ذلك و هنا نحن دخلنا في صراع امريكي روسي مرة اخري بالوكالة لكن ليس علي طرفين بل طرف واحد و هو الطرف السعودي
و لكن ما هو سبب اصرار روسيا على ان تقوم السعودية بتخفيض انتاجها النفطي اليومي بشكل مكثف ؟
روسيا تريد من وراء ذلك احداث خلافا عميقا بين السعودية و ترامب ، لان ترامب طلب من السعودية عدم خفض الانتاج لكي لا ترتفع الاسعار و لا يستفيد الاقتصاد الايراني من ذلك ، فاذا نجحت روسيا في جعل السعودية تخفض انتاجها اليومي من النفط بشكل كثيف هذا يعني انها احدثت شرخا بين ترامب و السعودية لان ترامب يعتمد علي ورقة اسعار النفط عبر التحكم السعودي في جزء كبير من السوق العالمية لكي يضرب الاقتصادين الروسي و الايراني عبر خفض اسعار النف ، فاذا نجحت روسيا في جعل السعودية تخالف اوامر امريكا و تخفض انتاجها النفطي اليومي ، فروسيا تكون بذلك احدثت خلافا كبيرا بين السعودية و ترامب ، و روسيا تحتاج السعودية في ملفات كثيرة منها تمويل اعادة اعمار سورية و هذا يفسر لنا سبب مصافحة بوتين الحارة و الودية لمحمد بن سلمان بقمة العشرين في الارجنتين التي استغربها الكثيرون ، فبوتين يريد امرين من بن سلمان الاول المساهمة في رفع اسعار النفط و الثاني المشاركة في اعادة اعمار سورية ، بوتين يريد قتل العلاقة الامريكية السعودية بالسم البطيء، مستغلا تهور ترامب و انهيار نفسية بن سلمان بسبب الضغط الدولي المفروض عليه بعد قتل خاشقجي
فالخلاصة مما سبق ان روسيا و ايران و السعودية متفقين من حيث المبدأ علي ضرورة ارتفاع اسعار النفط ، لكن محددات كل دولة تختلف عن الاخرى نتيجة تحالفات كل دولة الجيو سياسية في المنطقة المختلفة عن الدولة الاخري ، روسيا تريد ارتفاع الاسعار بشكل كبير لكي يستفيد اقتصادها لكنها تريد ان تساهم السعودية في هذا الارتفاع لأحداث خلاف عميق امريكي سعودي ، يقرب السعودية من روسيا ، اما ايران فهي تريد ارتفاع الاسعار بشكل كبير حتي تزداد ارباحها من عائداتها النفطية و تتمكن من مواجهة الضغوط الاقتصادية التي تتعرض لها ، و لا يمكن تجاهل العامل الامريكي في القرار السعودي ، و القرار السعودي هو الاهم لأنها الدولة الاكثر انتاجا للنفط و قرارها سيؤثر علي الاسعار اما ارتفاع كبير او ارتفاع محدود لكي لا تستفيد منه ايران !
Discussion about this post