كثير من العلماء والمفكرين غير المسلمين ممن انبهروا بالسجايا الاخلاقية والايمانية والشجاعة والعدالة والتقوى منقطعة النظير للامام علي )ع) وهم يسعون لتبيانها.
ويعد الدكتور كريس هيور المتخصص بالدراسات الاسلامية والمفكر المسيحي الايرلندي من الاشخاص الذين انجزوا دراسات حول الاسلام على مر السنين، وبذلوا جهدا لتعريف المجتمع الغربي وغير المسلمين بالصورة الناصعة للاسلام وكذلك النبي الاكرم (ص) والامام علي (ع) والامام الحسين (ع).
وقد تحدث الدكتور هيور الى مراسل “شفقنا” في لندن حول شخصية الامام علي (ع) واثره على المجتمع الاسلامي وكذلك مكانته القيمة بوصفه قدوة واسوة مميزة ليس للمسلمين فحسب بل للمجتمع الانساني في جميع الازمنة والعصور.
وحول تاريخ معرفته بالامام علي (ع) يقول الدكتور هيور “عندما بدات قبل ثلاثين عاما دراساتي حول الاسلام اطلعت على وجود شخصية باسم علي (ع) لكن ادركت اهميته وشخصيته الحقيقية عندما بدات التعاطي والتعامل مع الطلبة والاساتذة الشيعة.
واضاف ان هذه نقطة مهمة للغاية أن يستطيع اي انسان جمع حقائق حول حياة وسيرة الامام علي (ع)، لكن وحدهم الذين يحبونه لكونه زعيم المجتمع الاسلامي المُعيّن الهيا، بامكانهم اقامة تواصل حقيقي معه وهذه المحبة هي جزء من محبة الله.
وقال هذا المفكر المسيحي الايرلندي ان شفافية الامام علي (ع) وايمانه ظهرتا جيدا منذ البداية. وعندما كان فتى يانعا، كان يصغي الى مفردات من النبي (ص) كانت جذابة ومتسمة بالهيبة والخوف احيانا، مفردات مثل انه اخي وصديقي ووصيي وخليفتي من بعدي.
واضاف ان الامام علي (ع) كان يشهد جميع مظاهر سُنة النبي ونرى كيف انه صنع نموذجا من كل هذه وينقلها الى الاخرين.
“وحتى الذين تجاهلوا حق الامام علي (ع) لقيادة الامة الاسلامية بعد رحيل النبي (ص) ولا يدعمون زعامته لكنهم يعترفون بحكمته وخبرته العميقة على طريق الاسلام وكانوا يطلبون منه المشورة بوصفه مستشارا حصيفا وعالما.
وعما اذا كانت الشخصيات التاريخية التي كانت تعيش في الماضي البعيد يمكن ان تكون قدوة ومعيارا لعالم اليوم الذي هو عالم مختلف تماما عن الماضي يقول الدكتور هيور ان الشخصيات الدينية الكبرى لا تتعلق باتباعها في زمنها فحسب بل انها تستسلم بالكامل لارادة الله في حياتها لذلك فهي متعلقة بالله بشكل خاص. ومن هذا المنطلق فان جميع الذين ينتمون الى الله متعلقون بجميع ابناء البشرية.
وتابع ان من خصائص الامام علي (ع) كانت بساطته في العيش والحياة. وجاء في الروايات انه كان يتناول نوعا واحدا من الطعام ولا يكن يقبل بان ياكل عدة انواع من الاطعمة.
واضاف انه في العصر الذي يشهد فقرا واسعا ومجاعة في طرف وفي المقابل هناك مرض البدانة الناتج عن النهم في الاكل ، فاننا نتذكر قولا ماثورا اخلاقيا يعود لعقد الثمانينيات لمواجهة الفقر حيث يقول: ان على شعوب النصف الشمالي من الكرة الأرضية ان يعيشوا ببساطة قدر الامكان لكي يتعلموا من شعوب النصف الجنوبي من الكرة الارضية.
واوضح انه يجب الان معرفة انه كيف يمكن للامام علي (ع) ايجاد ردة فعل وان تكون سيرته مثالا وقدوة في خدمة الصحوة وتليين قلوب الاشخاص الاغنياء في المجتمع للقيام بعمل ما من اجل معالجة الام ومعاناة المحتاجين والمعوزين. مثلما كان يفعل الامام علي (ع) مع المعوزين.
وعن اعتماد الساسة في العصر الحاضر للامام علي (ع) كقدوة يقول الدكتور هيور ان علي (ع) وزوجته السيدة فاطمة (س) كانا يتمتعان بمكانة مرموقة للتعلم من سنة نبي الاسلام (ص). فكان (ع) يشهد سيرة النبي (ص) عندما كان يدخل مجلسا وكان يجلس حيثما كان يجد مكانا فارغا لا كالذي يملك التاج والسلطنة ان يجلس في مكانه الخاص به، لذلك فان المساواة تعد الصفة المميزة البارزة في حياة علي (ع) بوصفه قائدا سياسيا للمجتمع.
واضاف ان الامام علي (ع) لم يكن منفصلا وبعيدا عن المجتمع بل بوصفه فردا بارزا كان يعيش بجانب الذين كان يتولى قيادتهم زعامتهم.
واكد هذا المفكر المسيحي ان هذا التواضع والتوكل على الله يمكن ان يشكل نموذجا ومثالا في مقابل “التكبر” وتصور “اننا نعرف افضل”.
وردا على سؤال حول كيف يمكن للامام علي (ع) ان يتحول الى قدوة للاسر العصرية في تنشئة الأبناء قال الدكتور هيور انه بعد وفاة السيدة خديجة (س) كان شخصان من اقرب الناس الى النبي (ص) وهما السيدة فاطمة (س) بنت النبي والاخر ابن عمه الامام علي (ع). انهما تعلما بشكل مباشر طريق الحياة من النبي (ص) بالطريقة التي يبينها القرآن وسنة النبي (ص). وتحولا بدورهما الى قدوة واسوة لابنيهما الحسن والحسين عليهما السلام.
واضاف ان هذا يعد في الحقيقة الافادة الحقيقية من راسمال الزمان وفرص الحياة التي هي الحاجة الملحة لمجتمعنا العصري ويجب الافادة منها لان هناك الكثير من العوامل الاخرى التي تؤثر على ابنائنا بما فيها اصدقائهم ووسائل الاعلام والانترنت والشخصيات الشهيرة وعوامل اخرى اذ يمكن لكل منها ببساطة ان تشغلهم بامور اخرى لا تبقي فرصة للاستثمار في مجال تنشئة الشخصية الاخلاقية للجيل الصاعد.
ويشير الدكتور في حديثه الى فتوة وشجاعة وذروة انسانية الامام علي (ع) في سيرته واخلاقه اثناء خوض مواجهة مع اعدائه ويقول ان الامام علي (ع) وعلى الرغم من انه كان يملك شجاعة وبسالة في مواجهة العدو لكنه كان يتصرف بمسؤولية حتى في قتل عدوه وأني تاثرت كثيرا بقضية مواجهته لعدوه (وهو يشير الى عمرو بن عبد ود في حرب الخندق) فعندما تمكن الامام من عدوه وكان يهم بانزال السيف عليه بصق العدو في وجهه فما كان من الامام علي (ع) الا ان غض النظر عن قتل عدوه ووضع سيفه جانبا وتوجه الى انصاره وقال ان كنت قتله قبل هذا العمل لكنت قد قتله في سبيل الله لكن وبعد تصرفه هذا فربما يتصور باني قتله بسبب غضبي ودافعي الشخصي.
واضاف ان هذا السؤال يطرح نفسه الان وهو كم عدد الاناس في العصر الحاضر الذين خسروا حياتهم بسبب عدم احترامهم لعدوهم بسبب دوافعهم السياسية والشخصية؟
“اننا نرى بان علي (ع) كان يسعى دائما ليتجنب الحرب قدر الامكان والا يتوجه نحو الحرب في ذروة الغضب.
وخلص الدكتور هيور الى القول انه في ظل هذه الاوصاف، فهل يمكن في العصر الحاضر أن يكون شئ اعلى وافضل من نبي الاسلام (ص) والامام علي (ع) كقدوة واسوة لنا؟
Discussion about this post