جيمس زغبي
بعد وقت قصير على انتخاب تيم كين حاكماً لولاية فيرجينا العام 2006، بدأ نقاش بين قادة «الحزب الديموقراطي» حول الدروس المستفادة من فوزه. وكانت بعض الملاحظات مثيرة للاهتمام، لكن ملاحظة واحدة كانت خاطئة تماماً. ولأن كين كان يتحدث كثيراً عن عقيدته الكاثوليكية، ولأن «الديموقراطيين» عادة لا يفعلون ذلك، فقد استنتج البعض أن الدرس المستفاد من فوزه هو أن على «الديموقراطيين» أن يتحدثوا أكثر عن الدِّين. وكانت الملاحظة صحيحة، فالمرشح كان يتحدث بالفعل عن عقيدته، لكن الاستنتاج كان خاطئاً.
بيد أن كين ليس سياسياً عادياً، فهو متحدث لبق ومفكّر. ولم يكن أبداً شخصاً يتحدّث بصخب أو ممن يلقون خطباً رنّانة، وأسلوبه سهل ممتنع. وهو أيضاً كاثوليكي يتحدّث صراحة عن قناعاته حول الأخلاق، والتزامه بخدمة المحتاجين ينبع من رسالته الإنجيلية وتجربته كمتطوع في أميركا اللاتينية برعاية اليسوعيين.
وخلال الأشهر التالية، لاحظت أن واحداً من «الديموقراطيين» الذين تأثروا بتلك المناقشة بدأ يتحدث عن معتقداته الدينية، لكن بشكل سيئ. وبعدما ضايقني مرات كثيرة بمحاولاته الخرقاء الحديث عن عقيدته، اقتربت منه وقلت له: «لقد فهمت الأمر خطأً، فتيم كين لم يفز لأنه كان يتحدث عن الدين، لكنه فاز لأنه كان صادقاً، ولأنه تأثر فعلاً بالدين».
تنطبق الديناميكية ذاتها على العمل أثناء المنافسات الانتخابية الراهنة. ومما يُحسب لبيرني ساندرز أنه لم يكن متكلفاً أبداً، بل كان مقنعاً لدى حديثه عن والده المهاجر والقيم التي تعلمها من نشأته في أسرة منتمية إلى الطبقة العاملة. وعندما سُئل في نقاش متلفز حول معتقداته الدينية، لم يحاول الاختلاق، إنما تحدث عن «الروحانية»، واعتقاده بأننا جميعاً متصلون ببعضنا البعض، لذا فنحن مسؤولون عن رعاية بعضنا البعض. وقد كان ذلك مؤثراً وصادقاً، ولأنه كان حقيقياً، فقد لامس قلوب المستمعين.
وقد فكّرت في أمر الدين والسياسة الأسبوع الماضي، عندما قرأت تقريراً إخبارياً حول اجتماع دونالد ترامب بمجموعة من كبار «المحافظين المسيحيين». وقد زاد عدد الحضور في الفاعلية، التي تمّ التخطيط لها في البداية لتكون جلسة صغيرة، عن ألف شخص. ولأن اليمين المسيحي يشكل أكثر من 40 في المئة من الناخبين «الجمهوريين»، فقد اكتسى الاجتماع أهمية كبيرة، خصوصاً أن ترامب يحتاج إلى تأييدهم.
ويبدو أن ترامب عرف حدوده، فلم يحاول إقناع القادة الدينيين المحتشدين بأنه مؤمن. وتحدّث في إحدى مراحل النقاش بغموض حول ضرورة إرسال الأطفال إلى الكنيسة يوم الأحد، وفي مرة قال «عندما كنت أرتاد الكنيسة»، في إشارة ضمنية إلى أنه لم يعُد يفعل ذلك.
لكن لا شيء من ذلك كان مهماً بالنسبة للقادة المحتشدين، فهم جماعة ترى أنها أقوَم أخلاقاً من الآخرين، وأن أفرادها وحدهم يملكون الحقائق المطلقة. وبدلاً من أن تتبع معتقداتهم السياسية إيمانهم، يحاولون إضفاء صبغة دينية على سياستهم المحافظة، ولا يبدو أنهم مهتمون بدين ترامب، لكن أرادوا معرفة ما إذا كان سيؤيد أجندتهم السياسية، وقد فعل، إذ وعدهم بتعيين قضاة مناهضين للإجهاض، وبتغيير القانون الذي يقيّد في الوقت الراهن قدرة المؤسسات الدينية المعافاة من الضرائب على أن تشارك في السياسة. لقد أيّد ترامب ذلك قائلاً: «أعتقد أن ذلك قد يكون أكبر إسهاماتي للمسيحية».
Discussion about this post