رفعت الرياض وأنقرة تقاربهما الى مستويات جديدة، وأعلنتا، أمس، إنشاء «مجلس تعاون استراتيجي» لتعزيز التعاون العسكري والاقتصادي والاستثماري بين البلدين، فيما كان لافتاً انتقاد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لقتل زعيم «جيش الإسلام» زهران علوش، التابع للسعودية، معتبراً أن «اغتياله» لا يخدم محاولة التوصل إلى حل سياسي في سوريا لا يكون للرئيس السوري بشار الأسد «أي دور فيه».
وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) أن الملك السعودي سلمان بحث في الرياض مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، الذي يزور السعودية لمدة يومين على رأس وفد اقتصادي، «العلاقات الثنائية، وآفاق التعاون بين البلدين الشقيقين، وسبل تطويرها وتعزيزها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة تطورات الأحداث على الساحتين الإقليمية والدولية».
وتأتي زيارة اردوغان إلى الرياض بعد اقل من أسبوعين على إعلان السعودية تشكيل تحالف عسكري إسلامي من 35 دولة بهدف محاربة «الإرهاب». وهي المرة الثالثة التي يزور فيها اردوغان السعودية هذه السنة، علما أن الزيارة الأولى في كانون الثاني الماضي كانت للمشاركة في تشييع الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز، وقد تلتها زيارة مطلع آذار. كما التقى اردوغان وسلمان على هامش قمة مجموعة العشرين في انطاليا التركية في تشرين الثاني الماضي.
وقال الجبير، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، إن «المباحثات (بين سلمان واردوغان) تناولت العلاقات الثنائية بين البلدين والقضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وكانت وجهات النظر متطابقة، كما نتج عنها رغبة من القائدين أن يُشكّل مجلس تعاون استراتيجي رفيع المستوى بين البلدين».
وأضاف أن «مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين سيكون مهتماً بأمور عديدة، بما فيها المجالات الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية والطاقة والتعليم والشؤون الثقافية والطب وغيرها من المجالات، وسيدير المجلس وزيرا الخارجية في البلدين بمشاركة مسؤولين من وزارات ومؤسسات وقطاعات أخرى». وتابع أن «المجلس يهدف إلى إيجاد نقلة نوعية في العلاقات المتينة بين السعودية وتركيا تخدم مصالح البلدين والشعبين، وتسهم في إيجاد الأمن والاستقرار والرخاء في المنطقة».
وأشار الجبير إلى «تطابق الرؤى بين البلدين في مختلف القضايا السياسية والأمنية التي تعيشها المنطقة»، مثمناً «الموقف التركي الداعم للتحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب».
وقال الجبير إن محادثاته مع نظيره التركي «تطرقت إلى الأوضاع في سوريا والعراق واليمن وليبيا، بالإضافة إلى عملية السلام وأهمية إيجاد حل لانسحاب إسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية. كما بحثنا سبل التصدي للإرهاب والتطرف في المنطقة، والتصدي للتدخلات الإيرانية في شؤون دول المنطقة، إلى جانب بحث التعاون بشأن التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب».
وأضاف الجبير «السعودية وتركيا ملتزمتان بتوحيد صف المعارضة السورية المعتدلة، وتعملان مع بعض في هذا المجال، ولا زلنا نعمل مع بعض ومع دول حليفة أخرى في ما يسمى مجموعة باريس، ومجموعة فيينا، من أجل حث المجتمع الدولي على الالتزام بإيجاد حل سلمي للأزمة السورية، لا يكون لبشار الأسد أي دور فيه».
وقال الجبير «نعتقد أن اغتيال زهران علوش، أو محاربة زعامات أيدت حلا سلمياً وتحارب داعش في سوريا لا يخدم العملية السلمية في سوريا، ولا يخدم محاولة الوصول إلى حل سياسي في سوريا». وأضاف «أنا لا أعرف ما يدور في أذهان الروس، ولا أعرف السبب الذي جعلهم يقومون بفعل مثل هذا، ولكن ما أعرفه أنه إذا أردنا الوصول إلى حل سلمي في سوريا (علينا) أن نتعامل مع كل الفئات السورية التي لم تلطخ أيديها بالإرهاب، والجماعات الإرهابية معروفة».
واعتبر الجبير انه لا يوجد خلافات بين المعارضة السورية على أسماء المفاوضين. وقال «لا أرى أية خلافات في أوساط المعارضة التي اجتمعت في الرياض بكل طوائفها، وفئاتها، وتوصلوا لوثيقة تاريخية، والحديث عن وجود أية خلافات بين المعارضة كلام غير دقيق».
من جهته، اعتبر جاويش أوغلو أن «هناك أطرافا تحاول أن تجعل المنظمات الإرهابية في صف المعارضة، وأن تجعل العالم ينظر إليها على أنها معارضة»، مضيفاً أن «النظام السوري يتعاون مع المنظمات الإرهابية».
وأكد أن تركيا «تدعم المعارضة السورية التي اجتمعت في الرياض بشكل كامل». وقال «كل هجوم ضد المعارضة المعتدلة في سوريا لا يقوي نظام الأسد فقط، بل يقوي داعش، ونحن نعرف أن 9 في المئة فقط من الضربات الجوية الروسية في سوريا ضد داعش، و91 في المئة ضد المعارضة المعتدلة».
واضاف «نحن نؤمن أن الأمن والاستقرار والرفاهية لن تتحقق في سوريا من دون أن يذهب بشار الأسد، وهذا ما نراه منذ 5 سنوات، وهذا موقفنا منذ بداية الأزمة السورية». وتابع «الجميع يدعم المعارضة المعتدلة، ونأمل أن يستمر ذلك الدعم، ونشكر السعودية على دعمها السياسي للمعارضة المعتدلة، وأشكرها على مؤتمر الرياض، الذي كان أكثر مؤتمر شمولًا للمعارضة السورية».
وكان اردوغان قال، قبيل سفره إلى الرياض، إن التطورات الأخيرة في سوريا تزيد استعداد المسلحين الأكراد لمناهضة «الوحدة الوطنية». وأضاف أن التصريحات التي أدلى بها زعيم «حزب الشعوب الديموقراطي» صلاح الدين ديميرطاش «استفزاز واضح، والشعب والقانون سيلقنان الحزب درسا». يذكر إن ديميرطاش كان طالب بمنح الأكراد حكماً ذاتياً.
وانتقد اردوغان «ازدواجية المعايير حيال التعامل مع المنظمات الإرهابية»، معتبراً أن «التغاضي عن ممارسات التطهير العرقي للمنظمات الإرهابية، مثل حزب الاتحاد الديموقراطي (الكردي السوري)، ووحدات حماية الشعب، والقبول بالمنظمات الإرهابية لمجرد أنها تتصارع مع تنظيم داعش، إنما يعني صب الزيت على النار في المنطقة».
وقال «نواصل التضامن والتشاور مع السعودية في مرحلة تكثفت فيها الجهود من أجل إيجاد حل سياسي في سوريا، وأؤكد أن هدفنا هو إحلال سلام دائم ومستدام وعادل في كافة مناطق الأزمات وعلى رأسها سوريا». وانتقد روسيا من دون تسميتها. وقال «لا يمكنك الوصول إلى أي مكان عبر دعم نظام عديم الرحمة قتل 400 ألف شخص بريء بأسلحة تقليدية وكيميائية».
(«واس»، «الأناضول»، رويترز)
Discussion about this post