ارتبك وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عندما سأله الصحفيون اليوم عن موقف أمريكا من دور السيد الرئيس بشار الأسد في العملية السياسية في سورية وقال “الجواب ليس واضحا فيما يتعلق بالرئيس الأسد.. والشيء الواضح في هذا المجال قد يأتي عبر متغيرات كثيرة”.
ويأتي ارتباك كيري وعدم وضوح الرؤية أمامه من المتغيرات الميدانية في سورية والمنطقة وخاصة بعد توضح متانة التحالف السوري الروسي الإيراني وإصرار روسيا الاتحادية على محاربة الإرهاب في سورية كما لو كانت تحاربه في موسكو ما أسقط الرهان الأمريكي العسكري على إحداث تغيير في سورية بالقوة.
وبشكل غير مباشر أعلن كيري خلال مؤتمر صحفي مع نظيره اليوناني في أثينا أنه لم تعد لدى واشنطن مشكلة في بقاء الرئيس الأسد عندما قال “إن المشكلة تكمن في مواقف الفرقاء الآخرين الذين لا يقبلون بذلك”.
وأضاف كيري “لن يكون بإمكان أمريكا التعاون مع الكثير من الفرقاء وخاصة الذين يدعمون “المعارضة” في سورية إذا قلنا لهم أنه يمكن حل الأزمة في سورية مع الرئيس الأسد” ليوضح بذلك أن المشكلة ليست لدى أمريكا بل لدى الآخرين وخاصة في تركيا والسعودية أكبر الداعمين للإرهاب واللتين ستكونان أكبر الخاسرين من حل الأزمة في سورية.
ودعا كيري “إلى اتخاذ كل الخطوات الممكنة وبأسرع وقت للتوصل إلى وقف لإطلاق النار وإطلاق حوار سياسي يتمكن عبره السوريون من تقرير مستقبل سورية”.
واعتبر كيري “أن وقف إطلاق النار والحوار السياسي هما الطريق الأفضل للتوصل إلى الأمن والاستقرار ووضع حد للمأساة السورية” مؤكدا أنه على
الجميع “عمل كل ما بوسعهم للقضاء على تنظيم “داعش” وإيجاد حل سلمي للازمة في سورية”.
ويأتي اعتراف كيري بضرورة ترك أمر سورية للسوريين والتفرغ لمحاربة الإرهاب بعد أربع سنوات من التحريض على القتل في سورية وتقديم مختلف أنواع الدعم لما يسمى “المعارضة” ووضع برامج التدريب والتسليح لها لتتمكن من تغيير الواقع على الأرض بحسب تصريحات المسؤولين الأمريكيين.
وقال كيري “إن هناك هدفا مشتركا لدول كثيرة فكرت بجدية بالوضع في سورية يتمثل بأن الحل للأزمة والحرب الدائرة لا يمكن إلا أن يكون سلميا” معتبرا أنه في نهاية المطاف لا بد من الحل السياسي.
ولم تكن هذه وجهة نظر واشنطن عندما طلبت الناطقة السابقة باسم الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند من الإرهابيين في سورية عدم تسليم أسلحتهم بناء على قرار عفو عام أصدرته السلطات السورية عام 2012 يتم بموجبه العفو عن كل من يسلم سلاحه وينخرط من جديد في المجتمع.
وبات كيري يتحدث عن المنهجية السياسية في العمل على الحل السياسي بعيدا عن خطط إدارته لتسليح “المعارضين” والتي أطلقتها العام الماضي وللمصادفة كانت في نفس التوقيت الذي عقد فيه لقاء جنيف الثاني بين الوفد الحكومي السوري ووفد ائتلاف “المعارضة” في شباط عام 2014 الأمر الذي فجر اللقاء وجعل وفد الائتلاف يظن أنه سيربح المعركة عسكريا بدعم أمريكي.
وقال كيري “إننا نعمل بطريقة منهجية وبكثافة وتركيز لندفع بالعملية الدبلوماسية إلى الأمام وخاصة أن روسيا وإيران أكدتا أنهما ملتزمتان بالحل السياسي وفي رأينا كل الدول المجاورة أيضا التزمت بالحل السياسي” معتبرا أن الجميع اليوم “موحدون ومقتنعون بأنه ربما بإمكاننا جمع كل الدول المعنية حول طاولة واحدة لنعتمد مقاربة رشيدة لحل الازمة في سورية”.
لكن كيري لم ينتبه إلى أن السعودية وتركيا مازلتا مصرتين على خطابهما المتطرف الداعم للتنظيمات الإرهابية المسلحة وأن رجب أردوغان يتاجر بالنفط مع تنظيم “داعش” الذي يحاربه العالم دون أن يستدعي ذلك إدانة أمريكية رغم وضوح الأدلة التي قدمتها وزارة الدفاع الروسية قبل أيام ووثقتها بالفيديو.
وختم كيري بالإقرار بأن الحل في سورية يكمن في “إنهاء الحرب” وليس بمواصلة تقديم التبرعات أو المساعدات وقال “إننا جميعا نتأثر بمعاناة اللاجئين التي تعتبر مأساة على المستوى الإنساني وهذه المشكلة ليست تحديا شرق أوسطي أوروبيا فقط بل تحديا عالميا لذلك لا نريد فقط أن نكتب الشيكات أو أن ننقل اللاجئين من مخيم إلى آخر فهذا ليس الحل وإنما الحل هو إنهاء الحرب”.
Discussion about this post