تكمن أهمية سنجار في أنها ضمن الأراضي المتنازع عليها بين حكومتي أربيل وبغداد من جهة، وبين حكومة أربيل وحزب العمال الكردستاني من جهة أخرى.
في الوقت الذي كشف فيه مسؤول أمني في محافظة نينوى، عن أن قيادة عمليات المحافظة وتشكيلاتها لم تشارك بمعارك سنجار ولم تبلغ بساعة الصفر وليس لديها علم بانطلاقها إلا عبر وسائل الاعلام، فقد انطلقت وبعد أكثر من عام على سيطرة داعش على سنجار، عملية تحريرها تحت شعار "سنجار حرة "بمشاركة ٧٥٠٠ مقاتل من قوات البيشمركة وبإشراف رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني ودعم التحالف الدولي بقيادة أمريكا.
وتكمن أهمية سنجار في أنها ضمن الأراضي المتنازع عليها بين حكومة أربيل وحكومة بغداد من جهة وبين حكومة أربيل وحزب العمال الكردستاني من جهة أخرى. وربما يكون هذا هو مربط الفرس ومكمن الخلاف في التأجيل المتكرر لتحريرها وفي عدم مشاركة بغداد في عملياتها وفي تفصيلات هذا الأمر ربما تتكشف أجندات إقليمية وليست خلافات محلية فقط.
فقد اندلعت خلافات بين القوات الكردية والايزيدية من جهة وبين حكومة إقليم كردستان وحكومة بغداد من جهة أخرى تسببت في تأخير عميات تحرير سنجار أكثر من مرة منذ كانون أول 2014 . فقد كان يوم الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي موعدا لهجوم البيشمركة على مركز قضاء سنجار، لكن العملية تم تأجيلها لسببين رئيسيين. فإلى جانب كون معركة سنجار معركة صعبة، فإنها أشعلت حربا سياسية في داخل كردستان، بين حزب العمال الكردستاني من جهة والحزب الديمقراطي الكردستاني من جهة أخرى، لأن الحزب الديمقراطي الكردستاني يرفض مشاركة حزب العمال الكردستاني في تحرير سنجار.
ووصلت الأمور إلى حد تشكيل لجنة للتفاوض بين الطرفين من قبل الاتحاد الوطني الكردستاني لكن محاولاته لم تكن مثمرة حتى الآن. وتتهم قوات البشمركة التابعة لإقليم كردستان العراق، حزب العمال الكردستاني التركي المعارض لأنقرة، والمقرب من طهران، بعرقلة خطط تحرير بلدة سنجار الاستراتيجية الحدودية بين العراق وسوريا. من جهة ثانية، اعترف حزب العمال الكردستاني بتدخله العسكري في منطقة سنجار، إذ أفاد أحد مسؤولي الحزب العسكريين بأن تحريكهم لقوات تابعة لهم في المناطق القريبة من سنجار، جاء بسبب عدم رغبة قوات البشمركة بالتنسيق معهم حول شن هجوم لاستعادة السيطرة عليها وطرد داعش منها. ووفقا للمعلومات المتوافرة فإن بارزاني قبل تأجيل المعركة التي انطلقت الخميس بمشاركة ايزيدين لكنه رفض أن يراق الدم الكردي بأيدي الكرد، وقال أيضا: "لا توجد مشكلة يمكن تغيير البرنامج، وتأجيل المعركة، وليحصل ما يحصل، لكن لا تقع حرب أهلية".
وكان حزب العمال الكردستاني قد أرسل مع بداية سيطرة مسلحي داعش على الموصل عناصر مسلحة إلى المناطق الكردية التابعة لقضاء سنجار الذي يقطنه أكراد إيزيديون. ورافق ذلك قيام حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، الذي يرفض الأمريكان قيام إقليم كردي في سوريا تحت قيادة جناحه المسلح المعروف باسم "وحدات حماية الشعب (قال الجنرال السابق جون الن إننا لا ندعم ولا أعتقد أن الأكراد أنفسهم يدعمون تشكيل كيان حكومي منفصل في شمال سوريا في المناطق التي استعادتها القوات الكردية من التنظيم المتطرف). قام هذا الحزب بإرسال قوات هو الآخر إلى المناطق الحدودية وصار للجماعتين تواجد مسلح بمواقع عدة بينها جبل سنجار، بالإضافة إلى بعض ضواحيها وعلى جانبي الحدود. ويبدو أن وحدات حماية الشعب الكردي وحزب العمال الكدرستاني اللذين تربطهما علاقات وثيقة وتعاون مع إيران والرئيس السوري بشار الأسد، يسعيان إلى إحكام السيطرة على تلك المنطقة الحدودية بين العراق وسوريا، واستغلالها في محاربة نفوذ الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود بارزاني الذي يعتبر تلك المناطق تابعة لنفوذه. كذلك، يرى مراقبون أن سيطرة الجماعتين المرتبطتين بإيران على تلك المنطقة الحيوية وتحويلها إلى معقل جديد لعناصر العمال الكردستاني، ستمكن طهران من ممارسة المزيد من الضغوط الأمنية والسياسية على بارزاني وحتى على تركيا، وتخفف في الوقت نفسه من الضغوط التي يتعرض لها حزب العمال الكردستاني في منطقة جبل قنديل الواقعة على الحدود بين إقليم كردستان وإيران. ولربما يكون سبب عدم مشاركة القوات العراقية والحشد الشعبي في عملية سنجار اليوم يعود لهذه الطبيعة المعقدة لعلاقات الأطراف الكردية بعضها مع بعض محليا وإقليميا.
روسيا اليوم
Discussion about this post