طالب وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أمس، المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا بضرورة وضع أي إجراء لـ «مكافحة الإرهاب» في سوريا بسياق التفاهم مع الحكومة السورية، مشدداً في الوقت ذاته على اعتباره أولوية على أي مسألة أخرى في هذا الشأن.
واستمع المعلم من دي ميستورا، بحضور معاوني الطرفين في دمشق، إلى «عرض مفصل حول الاجتماعات التي جرت يومي 29 و 30 تشرين الأول في فيينا حول الأزمة في سوريا، وأهم النقاط التي تضمنها البيان المشترك الصادر عن تلك الاجتماعات».
ويعتبر دي ميستورا وفقاً لفهم دمشق، أن الطريق بات ممهّداً تقريباً لنشوء «مجموعة اتصال دولية» كان سبق وتحدّث عنها في خطته التي أعلنها صيفاً، وتتضمن مساري عمل، الأول إقليمي – دولي تقوده مجموعة اتصال وتأثير دولية، وآخر شبه محلي يتضمّن مجموعات عمل تناقش مواضيع أمنية وسياسية وقانونية وإنسانية إضافة لموضوع إعادة الإعمار.
ولم يصدر تعليق رسمي على اجتماع فيينا من الجانب السوري، لكن المعلم عبّر لضيفه «عن أهمية العديد من النقاط الواردة في بيان فيينا»، وإن أبدى استغرابه، وفقاً لبيان وكالة الأنباء السورية – «سانا» من أن البيان «لم يتضمن إلزام الدول المعروفة بدعمها للإرهاب بتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، حتى تصبح جهود مكافحة الإرهاب فعّالة ويصبح الحديث عن أي وقف لإطلاق النار مجدياً».
وأشاد المعلم في سابقة أمام مبعوث دولي بجهود إيران و«حزب الله» وروسيا في هذا الشأن، مشدداً على «أهمية ما تقوم به روسيا الاتحادية الصديقة بالتعاون مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمقاومة اللبنانية» في مجال مكافحة الإرهاب.
ويأتي كلام المعلم في سياق «تأكيد الشرعية القانونية التي يتمتع بها حلفاء دمشق في الحرب، باعتبار مشاركتهم استجابة لمطالب الدولة الشرعية».
ويظهر توقيت هذا التعليق، متزامناً مع مشاركة سلاح الجو التركي في اليومين الماضيين الآخرين ازدحام الأجواء السورية. إذ أعلن أمس أن الطيران الحربي التركي بدأ بمساندة ما يُعرَف بـ«لواء السلطان مراد»، وهو من المقاتلين التركمان، في معاركه ضد تنظيم «داعش»، كما سبق له أن قصف مواقع كردية في شمال سوريا باعتراف رسمي.
ووفقاً لما صرح به قائد اللواء يوسف الصالح، لوسائل إعلام تركية، فإن «الضربات التركية الجوية استمرت لمدة ساعتين، ظهر أمس» الأول، واستهدفت 8 غارات قرية دلهة، و4 قرية حرجلة في الشمال الشرقي، مشيراً إلى أن «الكتائب السورية المعارضة في المنطقة بدأت بعد انتهاء الغارات بحملة برية ضد التنظيم».
وشدّد المعلم أمام دي ميستورا على أن الحكومة السورية تعتبر «أي جهد لمكافحة الإرهاب، لا يتمّ بالتنسيق مع الحكومة السورية، ابتعاداً عن هدف مكافحة الإرهاب، وانتهاكاً لمبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة».
ويُعدّ دخول الأتراك مرحلة الإسناد الجوي تعقيداً إضافياً للمشهد العام المعقد أصلاً، والمزدحم بطائرات سلاح جو التحالف الدولي، والروسي والسوري والإسرائيلي، من دون الإشارة لطائرات الاستطلاع التي تمتلكها الفصائل المتقاتلة أيضاً. كما يشكل التطور الأخير تعميقاً جديداً للتورط التركي في الحرب، ولا سيما عبر دعم فصائل تفضيلية على أسس إثنية مثل «التركمان»، ومذهبية مثل «أحرار الشام».
وتشارك أنقرة في اجتماعات فيينا، كما سبق لها أن أبدت «رغبتها» التعاون مع جهود دي ميستورا، إلا أن القوى التي تخضع لتأثيرها، مثل «الائتلاف الوطني» وفصائل «أحرار الشام» و «الجبهة الشامية» وغيرها، رفضت التعاون مع جهود المبعوث الأممي.
ويُفترض أن توجّه دعوة للجانب السوري للمشاركة في اجتماع فيينا الثاني المرتقب الأسبوع المقبل. ووفقاً لما صرّح به مسؤولون أوروبيون ستشمل الدعوات «الطرفين»، في إشارة لطرفي النزاع المحليين، ولكن دون أن يكون واضحاً تماماً مَن هو المقصود بالطرف الثاني. ورغم أن روسيا استبقت هذه المعضلة بتوزيع لائحة من 40 اسماً تعتقد أنهم جديرون بحضور اجتماع مماثل، إلا أن تعدّد ولاءات المعارضة وكثرة المؤثرين عليها قد لا يقود لنتيجة في النهاية.
وحصل الأمر ذاته في ما يخص اجتماعات مجموعات العمل، وتأجلت بسبب عدم قدرة المعارضة على تشكيل وفد خاص بها للمشاركة في الاجتماعات. وتشير معلومات «السفير» الى أن الجانب السوري أعدّ لائحة من عشرات الأسماء باختصاصات محددة، ولكن من دون أن يقوم بتسليمها بعد للمبعوث الدولي. وفي هذا السياق جدد المعلم «استعداد سوريا للتعاون» مع جهود المبعوث «لمكافحة الإرهاب وإطلاق الحوار بين السوريين».
من جهة أخرى، نفت وزارة الخارجية، في بيان أمس، استخدامها لـ «السلاح العشوائي». وذكرت أنه «في ضوء التقدم الذي تحققه قواتنا المسلحة على مختلف جبهات القتال، بالتعاون مع سلاح الجو الروسي، فإن سوريا تدحض كل الادعاءات والأكاذيب التي تروّج لها بعض الأوساط المعادية والمتآمرة على سوريا بشأن استخدامها أسلحة عشوائية في جهودها لمكافحة الإرهاب». وأضافت أن «سوريا ستستمر في جهودها للقضاء على الإرهاب وإعادة الأمن والاستقرار إلى كل ربوع الجمهورية العربية السورية».
السفير
Discussion about this post