على ما يبدوا أن المشهد السياسي والعسكري في المنطقة بدأ يتغير بشكل متسارع بسبب صمود وصلابة الشعب العربي السوري ومؤسسته العسكرية بعد نيف واربع سنوات من الحرب الكونية المعلنة على سورية التي تواجه الارهاب والارهابين بكل اشكاله الوهابية التكفيرية بينما فشل التحالف الامريكي المزعوم الذي أعلن الحرب على صنيعتهم داعش منذ تأسيسه في ايلول عام 2014 .
لذلك فالمبادرة الروسية تتقدم بقوة لتسوية الازمة السورية التي استندت إلى تراجع الادارة الامريكية التي اصطدمت استراتيجيتها بحائط مسدود في أعقاب فشلها في مواجهة الارهاب كما فشلت في الرهان على معارضة سورية معتدلة كما يزعمون .
لهذا السبب يتطلع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لطرح مبادرته بقوة لتشكيل جبهة إقليمية بأبعاد عالمية وتحت اشراف الامم المتحدة لمواجهة عصابات داعش كأولوية في مواجهة الارهاب ثم العمل للحل السياسي كما ذهبت مبادرة ستيفان ديميستورا بموافقة مجلس الأمن مع العلم ان روسيا تدرك مخاطر عبث الإدارة الأميركية التي تقود حراكاً دولياً لعرقلة الدعم الروسي للجيش السوري لخلق البيئة الملائمة لاستمرار الحرب لاستنزاف سورية وحلفائها ليتعاظم دور وخطر العصابات الإرهابية التي تحاول تعميم ثقافة الفتنة الطائفية والمذهبية على معظم الشعوب العربية لتفكيكها وتقسيم المقسم في سياق ما يسمى الفوضى الامريكية الخناقة بعدما اعتقدت الإدارة الامريكية متوهمة أنها ستحقق مشروعها الاستعماري الشرق اوسطي المتصهين الكبير من البوابة السورية عبر المراهنة على الارهاب والارهابين من خلال القوة الناعمة لتي اعتمدت استراتيجية الاعلام والنار والممولة من قبل بعض الانظمة المتصهينة في المنطقة وفي مقدمتها النظام الوهابي التكفيري السعودي والنظام القطري والتركي .
وبالرغم من القلق الأمريكي اليومي المتزايد من المبادرة الروسية بشكل عام ومن الدعم الروسي للجيش العربي السوري بشكل خاص الذي تعبّر عنه واشنطن لن ولم يزيد موسكو إلا تصلباً في مواقفها المبدأية الخلاقة المستندة بالأساس إلى عقود موقعة مع دمشق وملتزمة بالقوانين الدولية من اجل مكافحة الإرهاب أولاً .
وفي نفس السياق أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن هدف بلاده من مساعدة الجيش السوري هو ” لتجهيزه منعاً لتكرار السيناريو الليبي في سوريا “محمّلاً بعض ” الشركاء الغربيين ” الأحداث المؤسفة في المنطقة بسبب ” هوسهم بأفكار وأيدولوجيات تغيير الأنظمة “.
متجاهلين أن البديل للدولة السورية ومؤسساتها الشرعية سيكون العصابات الوهابية التكفيرية من الدواعش واخواتها .
لهذا السبب فإن الاهتمام الروسي بتسليح الجيش العربي السوري في هذه الظروف الحساسة يهدف الى تأمين توازن قوي لسورية بقيادة الرئيس بشار الأسد في سياق استراتيجية عامة هدفها دعم الدور «الجيوستراتيجي» للجيش السوري ضمن أي تحالف إقليمي قادم في محاربة الإرهاب .
كما أضاف أن” نهج التحالف الغربي في محاربة داعش بدون التعاون مع الرئيس بشار الأسد خطأ جسيم “
لكن مبعوث الرئيس الامريكي اوباما لقيادة التحالف الدولي الجنرال جون آلن رفع مستوى التحذيرات أكثر من رئيسه إذ قال لشبكة « سي ان ان» إن «وجود قوات روسية على الأراضي السورية يخلق مشكلة جديدة وقد يدفع بالقوات الروسية لمواجهة قوات من التحالف.
لكن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف دعا إلى «التنسيق بين الجيش الروسي ووزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) لتجنب أحداث غير متعمدة في سوريا كتلك التي حصلت في أوكرانيا العام الماضي ومن الممكن ان يحصل تنسيق سلبي بين التحالف الامريكي والتحالف لتجنب أي صدام بين الجانبين .
وبالرغم من هذه التطمينات الروسية تعمد الرئيس الامريكي اوباما انتقاد الدعم الروسي للجيش العربي السوري وحكم عليه بالفشل وهذا يعني ان المقصود من كلام الرئيس الامريكي انه لن يسمح بأي حل سياسي في سورية إذا استمرت روسيا في دعم سورية بقيادة الرئيس بشار الاسد واصرت على القتال الى جانب الجيش السوري في مواجهة الارهاب بمعزل عن الادارة الامريكية .
وفي الحقيقة ان القلق الصهيوني لا يقل اهمية عن القلق الامريكي وخاصة بعدما أعلن مصدر أمني ” إسرائيلي ” رفيع المستوى قوله إن ” لدينا خطوطاً حمراء لا نسمح بتجاوزها ومن أهمها نقل أسلحة كاسرة للتوازن الى منظمات إرهابية في لبنان تهدد امن كيانه المصطنع .
بينما اعتبرت بعض المصادر القيادية في الجيش الصهيوني أن دخول روسيا الى سورية سيغير قواعد اللعبة في المنطقة وهذا سيشكل مصدر قلق ” لإسرائيل ” ويحدّ من قدرتها على المناورة تجاه الساحة السورية .
وبالرغم من المواقف الصهيوامريكية المتشنجة من المبادرة الروسية والدعم الروسي لسورية أعلن وزير الخارجية الروسية في مؤتمر صحافي في موسكو عن ” مناورة بحرية ” خُطط لها مسبقاً بين موسكو ودمشق مما زاد من قلق العدو الصهيوامريكي الذي يدرك أكثر من حلفائه أن الهدف من هذه المناورات منع أي عدوان للتحالف الامريكي على سورية والحد من خياراتها ونفوذها في المنطقة وقطع الطريق على النظام الاخواني التركي المتصهين واسياده مجرمي الحرب الصهاينة من المغامرة لإقامة ما يسمى مناطق عازلة شمال وجنوب سورية .
وفي كل الاحوال استطاع الجيش العربي السوري بصموده الاسطوري تغيير المعادلة في المنطقة على الصعيدين السياسي والعسكري بدعم ومساندة حلفائه الاقليميين والدوليين بعد تراجع معظم الدول الاوروبية عن مواقفها المتصلبة تجاه سورية بعد التراجع الامريكي وتورط بعض الانظمة العربية المتصهينة المتورطة في سفك دماء السوريين وفي مقدمتها النظام الوهابي السعودي والقطري في الرمال اليمنية المتحركة .
أما تركيا فقد انفجرت بوجه المجرم اردغان من الداخل بسبب سياسته الاجرامية المتصهينة التي افقدته الاغلبية البرلمانية في الانتخابات السابقة بسبب دعمه ومساندته للعصابات الوهابية التكفيرية في سورية والعراق والتي قد تطيح به في الانتخابات المبكرة خلال الايام القليلة القادمة بسبب محاولاته الانتقام من الأكراد بسبب سياساته الحمقاء على الصعيدين الداخلي والخارجي .
لذلك بينما يتواصل التجاذب الروسي الأميركي حول الدور والحضور العسكري الروسي في سورية
فقد ارتفعت وتيرة الرسائل الدبلوماسية بين الروس والامريكان بعد دعوة الادارة الامريكية للتنسيق في مواجهة الارهاب على الارض السورية لكن الرد الامريكي كان عنيفا ومستفزاً ويحمل الكثير من التهديد والوعيد والتحذير من الصدام العسكري مع العلم أن القيادة الروسية لا تبحث عن صدام مباشر على الأرض السورية لكنها وفق المؤشرات تسعى لكسر احتمالات نشوء تحالفات قد تستبعد الحكومة السورية كليا من مواجهة الارهاب.
مع العلم أن الإدارة الأمريكية تحاول بشكل جدي عرقلة أي جهد جدي اقليمي او دولي لوقف العنف ومكافحة الإرهاب في سورية مشترطةً أن يكون عملاؤها وحدهم في مواجهة الارهاب في سورية.
وقد أشارت عرب تايمز بهذا الخصوص أن السيناتور الامريكي راندي بول المرشح للرئاسة عن الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الامريكية القادمة قال ” إن الرئيس باراك أوباما أخطأ بالدخول في “الحرب الأهلية” السورية إلى جانب تنظيم ما يُعرف ” داعش” وإلى جانب تنظيم القاعدة ضد الرئيس بشار الأسد من وجهة نظره.
وجاء ذلك في مقابلة حصرية أجراها بول مع سي ان ان قال: “اعتقد أنها حقيقة مؤسفة فتنظيم “داعش” لديه عربات عسكرية أمريكية تصل قيمتها لمليار دولار إلى جانب أسلحتنا ودباباتنا ومضادات الدبابات وهذا خطأ لأننا تدخلنا في الحرب الأهلية السورية ودخلنا إلى جانب القاعدة وتنظيم داعش وهذا خطأ كبير اقترفه الرئيس أوباما.”
وفي نفس السياق اعترفت مصادر امريكية عليمة في الجيش الأميركي بفشل استراتيجيته البيت الابيض الامريكي التي رصدت مبلغ ” 500 مليون دولار امريكي ” لتدريب الآلاف من المقاتلين السوريين المعتدلين .
لكن قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط الجنرال لويد أوستن قال بصراحة ما بعدها صراحة أن ” أربعة أو خمسة سوريين ” فقط دربتهم الولايات المتحدة وجهزتهم يقاتلون اليوم على الأرض ضد ” داعش ” .
وهذا ما يثبت ان المعارضة السورية ” المعتدلة المزعومة بالمواصفات الامريكية غير موجودة لأنها تفسخت بين العصابات الوهابية التكفيرية من النصرة الى داعش كما قال الرئيس الروسي بوتين .
لذلك فالأصوات القادمة من واشنطن تدرك بأن العالم لم يعد يستوعب جدوى الحرب الأمريكية العبثية بالرغم من وجود بعض الاصوات التي تبرر التحالف مع ” جبهة النصرة ” للحد من قوة “داعش”.
لكن صمود الجيش العربي السوري في مواجهة الارهاب منح القيادة الروسية الفرصة الذهبية لتنتقل من مرحلة الدفاع الى مرحلة الهجوم وكسر الاحتكار الامريكي للملف السوري واستضافت محفلاً من المسؤولين الغربيين والشرق أوسطيين بمن فيهم كل من وزير الخارجية الأمريكي جون كيري والجنرال الإيراني قاسم سليماني فضلاً عن جولتين من المباحثات المتعددة الأطراف لفرض حلول سياسية واقعية ومعقولة تستند إلى مواجهة الارهاب وتشجيع الحوار السوري السوري كمقدمة للمصالحة الوطنية بمشاركة المعارضة الوطنية الحقيقية لتشكيل حكومة وحدة وطنية واستكمال الاصلاحات الوطنية الحقيقية كما اشار اليها الرئيس بشار الاسد منذ سنوات .
لذلك فإن موسكو أبلغت المسؤولين العرب رسالة حاسمة مفادها أنه في حال استمر تعنّت الدول الداعمة للإرهاب في سوريا لن تبقى مكتوفة الأيدي لأنها ستصبح شريكاً للجيش السوري في مكافحة الإرهاب لأن موسكو تعتبر أن الحرب على حليفتها سوريا تهديد للأمن القومي الروسي وأن الجيش السوري يدافع عن روسيا وإيران من خلال تصديه للعصابات التكفيرية ومنعها من الوصول إلى العمقين الروسي والإيراني لهذا السبب تم إعلان نواة التحالف الدولي الجديد من بغداد لمواجهة الارهاب قبيل الكلمة الهامة التي القاها الرئيس الروسي من على منبر الامم المتحدة واللقاء مع الرئيس الامريكي اوباما على هامش اعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة والذين توافقا على بعض الملفات واختلفا حول ملفات اخرى مما يعني ان الانقسام العالمي ما زال سيد الموقف بين الجانبين وخاصة حول الحلول المقترحة للازمة السورية
.
Discussion about this post