محمد صادق الحسيني
ما فعلته القيادة الروسية في موضوع «تقدير» و»تكريم» ومن ثم تسليم ما يزعم أنه رفات لجندي صهيوني شارك في غزو لبنان وقتل من قتل من الفلسطينيين واللبنانيين ومن الجيش السوري، أمر مسيء وجارح لكرامة السوريين والعرب فضلاً عن أحرار العالم، ولا يمكن ان يلقى قبولاً في محور المقاومة كله لا من قريب ولا من بعيد!
وهو في السياق العام الذي تتحرك فيه الوقائع والأحداث المتعلقة بملف انتخابات الأحزاب الصهيونية والانتخابات الأميركية القادمة يأتي مكمّلاً لصفقة الانجليين الصهاينة الأميركان مع رئيس العصابة الصهيونية في تل ابيب لصالح فوز ترامب في انتخابات 2020 مقابل ثمن مفترض هو التقليل او التخفيف للعقوبات الأميركية على روسيا، وهو عملياً يصب في إنجاح صفقة القرن أيضاً، وهو استلحاقاً يعني إعادة تطويب نتن ياهو ومنع فوز جنرالات تل أبيب عليه، أي بني غانيتس واشكنازي ويعالون المتزعّمين لحزب «أزرق أبيض» الصهيوني، والذين يختلفون مع نتن ياهو حول هذا الموضوع بالتحديد، إذ يعتقدون بضرورة العودة إلى العمل باتفاق أوسلو واحياء زمن بيريتس ومنهج أوباما في تصفية القضية الفلسطينية، أو ما يسمّونه بالتصفية التدريجية لفصائل المقاومة…!
لكن هذا العمل الشائن قد يكون أمراً عادياً لدى القيادة الروسية خاصة إذا ما برّرته بأنه لن يغيّر كثيراً من تفاهماتها مع حلف محور المقاومة في مقاومة الإرهاب وتطهير سورية منه واستمرار العمل سوياً ضدّ الأحادية الأميركية والدفاع عن قضايانا العادلة على المستوى الدولي…!
لكنه ان دلّ على شيء فإنما يدلّ على أمرين مهمّين جداً في هذه اللحظة التاريخية الحساسة والدقيقة وهما:
1 ـ اننا دخلنا مرحلة انتقالية حذرة جداً قد تدفعنا لدفع أثمان ضعف «جبهتنا الداخلية» العربية والإسلامية وعدم تماسكها رغم قوة محور المقاومة وانتصاراته العظيمة ويده العليا في الميدان وقدرته على الإمساك بزمام المبادرة الاستراتيجية.
2 ـ اننا دخلنا في مرحلة شدّ وجذب عظيمين مع أصدقائنا الدوليين وفي مقدّمهم موسكو وبكين حول طبيعة الغدة السرطانية المسمّاة «إسرائيل»، إذ غالباً ما يعتبرها أصدقاؤنا الدوليون في محور مكافحة الإرهاب والأحادية الأميركية ورماً حميداً يمكن معالجته واحتواء تداعياته، فيما نعتبره نحن ورماً خبيثاً بالمطلق لا يمكن الشفاء منه إلا بالقطع والعمل الجراحي وإزالته نهائياً من الوجود، استعادة لسلامة وصحة ليس فقط الجزء الأهمّ والمركزي من جسم أمتنا أيّ فلسطين، بل وسلامة وصحة وحيوية كلّ الجسم العربي والإسلامي انْ لم يكن كلّ أجسام ممالك وأمم وشعوب العالم أجمع…!
نحن نحضر ليوم القيامة الفلسطينية العربية الاسلامية العالمية الحرة والمستقلة، فيما هم منشغلون بصفقات بقرون وبغير قرون تفوح منها رائحة الدسم لدى البعض لكن هذا الدسم محشوّ بالسمّ الزعاف الذي لا خلاص منه إلا بخيار عملية جراحة يوم القيامة!
البناء