تحسين الحلبي
في الأول من نيسان الجاري قال العميد المتقاعد والمسؤول السابق عن قسم التخطيط الإستراتيجي في هيئة الأركان الإسرائيلية شلومو بروم إن إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب موافقة بلاده على قرار ضم إسرائيل لأراضي الجولان المحتلة منذ عام 1967 سيحمل مضاعفات كثيرة لا تسر إسرائيل رغم موافقة أغلبية «الجمهور الإسرائيلي» عليها، لأن هذا القرار جعل إسرائيل والولايات المتحدة الطرفين الوحيدين اللذين يتعاملان مع هذا القرار، وتوقع بروم أن تقوم أي حكومة جديدة تنشأ في إسرائيل أو أميركا بالإعلان عن رغبتها بإجراء مفاوضات مع سورية من أجل الانسحاب من الجولان.
لكن بروم ركز على أن المضاعفات الأمنية على إسرائيل ستتصاعد بعد قرار ترامب وتمسك معظم دول العالم إن لم يكن جميعها وكذلك الأمم المتحدة بقرار أن الجولان أرض سورية محتلة.
يبدو أن أهم المضاعفات الأمنية على إسرائيل بعد هذا القرار هو أن واشنطن لا يمكن أن تقوم بإرسال جنود أميركيين لحماية هذه الحدود الجديدة لإسرائيل مع سورية لأن العالم كله ومنظمة الأمم المتحدة لا يعترفان بأن الجولان يتبع للسيادة الإسرائيلية ولأن سورية سيكون لها الحق الواضح باستعادة أراضيها بكل الوسائل الشرعية والقانونية ومن بينها العمل العسكري أي المقاومة.
والكل يعرف أن حرب تشرين عام 1973 التي شنتها سورية ومصر بشكل مفاجئ من داخل الدولتين ضد إسرائيل لاستعادة أراضيهما المحتلة جعلت الإدارة الأميركية عاجزة عن تبرير أي مشاركة مباشرة بقواتها العسكرية الأميركية في حماية إسرائيل رغم أنها أرسلت لها قطاراً جوياً من الأسلحة والذخائر ومما لا شك فيه أن إدارة ترامب لا يمكن أن تقوم بإرسال جنود أميركيين إلى منطقة تحتلها إسرائيل للدفاع عنها.
الكل يلاحظ أيضاً أن احتفاظ إدارة ترامب بمئات من الجنود الأميركيين في شمال شرقي سورية لا يمكن أن يعطي الحق لواشنطن بخوض حرب مباشرة مع الجيش السوري حتى لو اشتبك الجيش السوري مع مجموعات من المعارضة المسلحة التي تدعمها هذا الوحدات الأميركية فتلك المجموعات خارجة عن القانون وكذلك الوحدات العسكرية الأميركية لا تعد إلا قوات احتلال تسللت إلى تلك المنطقة بحجة محاربة الإرهاب دون موافقة السلطات الشرعية صاحبة السيادة على الأراضي السورية.
لذلك لن يحمل قرار ترامب تجاه الجولان المحتل أي قيمة باستثناء مظهره الاستعراضي الإعلامي المؤقت الذي أراد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو توظيفه في الحملة الانتخابية الإسرائيلية للحصول على مزيد من الأصوات وهذا يعني أنه قرار تنتهي صلاحية توظيفه بهذه الطريقة بعد انتهاء الانتخابات. وحتى لو فاز حزب نتنياهو بأغلبية تتيح له النجاح بتشكيل حكومة فسوف يظل موضوع الجولان على نفس ما كان عليه في نظر العالم والأمم المتحدة وفي جدول عمل سورية لاستعادته بكل الوسائل الممكنة.
ومع ذلك من المحتمل أن تتلاشى قيمة اعتراف ترامب بضم الجولان إذا تمكن الحزب المنافس لحزب نتنياهو وهو حزب «أبيض أزرق» من الفوز بتشكيل الحكومة وقرر التخلص من المضاعفات التي سيولدها على سياساته التكتيكية كما أن بروم يعترف بأن أي رئيس أميركي يحل محل ترامب عام 2020 لن يجد نفسه مضطرا أمام التطورات المتتابعة للمنطقة وتزايد قدرة سورية وحلفائها إلى التمسك بهذا القرار.
وإذا كان كل من نتنياهو وترامب قد أرادا توظيف هذا القرار في دور يخدم حملاتهما الانتخابية فإن انتهاء التداول فيه في حال هزيمة كل منهما في الانتخابات سيصبح حقيقة مؤكدة.
وبالمقابل لدى سورية الوقت الكافي والمساحة الواسعة لإعداد كل ما يلزم من الاستعدادات الذاتية والموضوعية العسكرية والسياسية لحملة تحرير الجولان من الاحتلال الإسرائيلي ولحملة فرض الانسحاب على القوات الأميركية والتركية من شمال سورية بقدراتها وبدعم حلفائها وبهذه الاستعدادات ستهزم كل ما توظفه حملات الانتخابات الإسرائيلية والأميركية من قرارات خائبة.
الوطن السورية