عاد الأمل بتسويق جيد لمنتجات معمل مزج الزيوت التابع لمصفاة حمص بعد قرار رئيس مجلس الوزراء فرض ضميمة مقطوعة قدرها 500 ليرة عن كل كيلوغرام مستورد من الزيوت المعدنية الصناعية للسيارات والآليات بمختلف أنواعها، وزيوت الأساس تأييداً للرأي الثالث الوارد في محضر الاجتماع المنعقد في 5/3/2019 في مبنى وزارة الاقتصاد وتكليف عدة وزارات لمراقبة الزيوت المنتجة محلياً والمستوردة وتحليلها.
هذا القرار جاء بعد عشر سنوات من السماح بإجازات الاستيراد للزيوت الصناعية التي أثرت سلباً في إنتاج معمل مزج الزيوت في حمص، الذي بدأ إنتاجه بالانحدار لدرجة أصبح المعمل فيها اليوم ينتج وفق الطلب.
الدكتور المهندس صبحي الحسن- مدير معمل مزج الزيوت الصناعية التابع لمصفاة حمص يقول: إن المعمل كان ينتج بعض الزيوت البسيطة جداً وهي زيوت المحركات، ثم تحول لينتج الكثير من الزيوت الصناعية، وبدأ يطوّر خطوط إنتاجه كمعمل البراميل وخط لإنتاج «الكالونات»، ووصلت الطاقة الإنتاجية في بعض المراحل إلى 75 ألف طن سنوياً من الزيوت الصناعية لتفوق طاقته التصميمية وهي 60 ألف طن سنوياً، والمنتج جيد لأنه يعتمد على «ستاندرات» عالمية كمعهد البترول الفرنسي، وثقة المواطن بالمنتج كانت عالية جداً، ولأنه منتج وطني ومن مؤسسات الدولة، لا أهداف انتهازية له، سوى الجودة وما هو مخصص له من نسبة الربح.
برغم الفائض
في بداية عام 2008 كان الإنتاج في معمل مزج الزيت مستقراً، وكانت هناك مجموعة من المعامل الخاصة تغطي بقية الاحتياج من السوق المحلي، وكان ذلك العام نقطة انعطاف سلبية في الإنتاج وفي التسويق لمعملنا لأسباب تعود إلى منح إجازات استيراد زيوت صناعية للعديد من التجار، ولم يكن لذلك المنح أي مسوّغ لكون إنتاج المعامل السورية يغطي السوق المحلية مع وجود فائض وتصدير عن القطاع الخاص، وتدنى نتيجة انخفاض الطلب إنتاج المعمل من 60 إلى 40 ألف طن أي بنسبة 30%، والفترة الممتدة من عام 2011 وحتى 2018 لها خصوصيتها، لخروج الكثير من المحافظات من السوق المحلية لسيطرة العصابات المسلحة عليها، وخروج مستودعات التخزين التابعة لشركة المحروقات من الخدمة وصعوبة الحصول على مواد أولية للمعمل، كل هذا أدى إلى تدني الإنتاج في المعمل.
ونوه الحسن بأنه قبل عام 2008 لم تكن لدى شركة المحروقات أي أزمة تسويقية، وحين دخلنا بمنافسة غير نزيهة بعد إعطاء إجازات الاستيراد، والقصة أن المنافسة لا تتوافر لها المرونة لعدم قدرة محروقات على المنافسة بالمحفزات العينية كشاشات تلفزيونية أو برادات وغيرهما.
تنشيط منتجات المعمل
يقول الحسن: في بداية عام 2018 عادت حالة الأمان إلى الكثير من المحافظات بفضل الجيش العربي السوري الذي حرر معظم الجغرافيا السورية، وبدأت المستودعات في المحافظات تفتح أبوابها، وفي الزيارة الأولى لوزير النفط والثروة المعدنية أعطى دعماً كبيراً، لتنشيط منتجات المعمل وأوكل له مهام كثيرة استراتيجية كمهمة إنتاج زيوت ضواغط المنطقة الوسطى، حيث انهارت زيوت الضواغط (وهي أمريكية الصنع) واستيرادها شبه مستحيل وإن توقف ثلاثة ضواغط عن العمل وخروجها من الخدمة سيؤدي إلى فقدان الغاز، وتالياً انقطاع الكهرباء لساعات ليست بالقليلة، وأنجزت العملية في المعمل بنجاح وبتوقيت زمني سريع، وعملية إنتاج النوعية نفسها من زيت الضواغط لم تستغرق أكثر من 12 ساعة، ومنذ الشهر الخامس عام 2018 وحتى تاريخه فإن الزيت في الضواغط لايزال يعمل وبجودة عالية، ووفرنا ثمناً للزيوت التي كان من الممكن استيرادها بحدود 3 ملايين دولار، إضافة إلى الفقد المادي لتوقف الضواغط، ثم أنتجنا سلسلة من ثمانية زيوت جديدة تم تسليمها لشركة محروقات، وفي مرحلة الحرب الشديدة تم تزوير الزيوت التي ينتجها المعمل من أجل الإساءة لسمعتها، وبمتابعة حثيثة من قبلنا تم الكشف عن المزورين وإحالتهم إلى القضاء، وكان علينا خلال هذا العام، إذا لم نستطع إيقاف إجازات الاستيراد، تغيير الصورة النمطية لتسويق شركة محروقات لرفع نسبة التسويق ولو 20 في المئة عن الحالة الراهنة، ورفعنا للإدارة عدة مقترحات منها فتح مراكز توزيع في المدينة، أو في محطات الوقود وتخفيض الأسعار بنسبة 15 % وهذا تم فعلاً، وفي الخامس من آذار الماضي اجتمعنا في مبنى وزارة الاقتصاد وتم وضع مقترحين: إما إيقاف إجازات الاستيراد أو ضميمة مالية لكل ليتر مستورد بقيمة 500 ليرة سورية، وصدر قرار في الأول من نيسان بضميمة مالية لكل ليتر مستورد 500 ليرة سورية.
مراقبة الزيوت
وفيما يخص مراقبة الزيوت الموجودة في السوق قال الحسن: يجب أن يكون معمل الزيوت الذي لدينا هو الجهة المتخصصة بتحليل ومراقبة الزيوت، وأن يكون المتحكم بالزيوت الداخلة للقطر هو معمل مزج الزيت، وأكد الحسن ضرورة إجراء كل التحاليل المخبرية اللازمة للزيوت المستوردة، سواء الجاهزة أو زيوت الأساس في مخبر معمل مزج الزيوت، وذلك لأنها الجهة الوحيدة صاحبة الاختصاص التي تملك مخبرين متخصصين، والتي تؤكد على نوعية الزيوت، ومدى مطابقتها للمواصفات القياسية السورية، ومازالت المتابعة المستمرة من الوزارة والمؤسسة ومصفاة حمص لمعالجة بقية الصعوبات الواردة في المذكرة.
خطوط جديدة
كانت توجيهات الوزارة بتطوير خطوط إنتاجنا، ونحن الآن ننتج زيت الفرام، ولدينا إعلان عن خط لتصنيع الشحوم الصناعية التي كانت تُستورد من الخارج، ما يؤدي إلى توفير قرابة 700 مليون ل.س في العام الواحد، وهي صناعة دقيقة، ويمكن أن تغطي كل السوق المحلية، ومن المتوقع تركيبه والبدء بالتصنيع قبل نهاية العام الحالي، لتلبية حاجة إدارة الوقود في الجيش والقوات المسلحة، وحالياً أنهينا دفتر الشروط لوحدة مزج أوتوماتيكي لأن وحدة المزج لدينا قديمة، وأصبح عمرها أكثر من ثلاثين عاماً، وتم وضع نقاط كثيرة لإعادة تنشيط معمل مزج الزيوت وإعادته إلى الواجهة.
تحدث الحسن عن وحدة المزج وأكد أنها لاتزال تعمل على طريقة التكنولوجيا القديمة، وتستهلك زمناً كان يمكن اختصاره، وهي من عمر المعمل، وبالخط الجديد نرتقي إلى مستوى الصناعة المتطورة، ونوفر الوقت والجودة العالية والمعايير الدقيقة.
تأهيل الزيوت الراكدة
يرى الحسن أن إعادة تأهيل الزيوت الراكدة في مؤسسات القطاع العام وإدارة الوقود، وفّرت بحدود مئة مليون ليرة بالمقارنة مع بيعها كمواد منتهية الصلاحية، وإن تصنيع عدد كبير من الزيوت كانت تستورد من الخارج بالقطع الأجنبي لمصلحة القطاعين العام والخاص وفّرت عشرات الملايين لخزينة الدولة، ومنها زيت القطع غير المنحل بالماء، وزيت القطع المنحل بالماء، وزيوت الفرامل، مانع التجمد لزوم السوق المحلية، زيوت الأسطوانات البخارية، زيوت المسننات الصناعية (1000-1500). وفي هذا الخصوص وجّهت وزارة النفط والثروة المعدنية في منتصف 2018 بضرورة متابعة المؤسسة العامة للتكرير والتوزيع المواضيع المتعلقة بعملية التسويق واتخاذ تدابير وإجراءات جديدة، ووجهت بفتح حصص المرخصين إلى الكميات التي يطلبها المرخص، كذلك سمحت بالشراء المباشر من مستودعات محروقات لأي مواطن حتى من غير المرخصين، وذلك لتحسين التسويق.
إسماعيل عبد الحي – تشرين