من المتوقع أن تشتاط منظمة الايباك الأميركية الإسرائيلية غضباً على السيناتور برني ساندرز لوصفه سياسة حكومة المستعمرة الإسرائيلية على أنها يمينية وعنصرية بسبب تعامل رئيسها نتنياهو «مع الشعب الفلسطيني بطريقة غير عادلة جداً».
ففي خلال فعاليات نشطة يقوم بها الحزب الديمقراطي لمواجهة سياسات الإدارة الجمهورية، غطتها شبكة سي إن إن، في نطاق بداية حملته الانتخابية لترشيح نفسه عن الديمقراطيين لمنافسة الرئيس ترامب في جولة الانتخابات الرئاسية المقبلة.
السيناتور ساندرز عن ولاية فيرمونت أكد أن سياسة الولايات المتحدة غير متوازنة في دعمها للسياسة الإسرائيلية، مما دفع إدارة « اللجنة الأميركية الإسرائيلية للعلاقات العامة إيباك « لشن حملة شرسة ضد ترشيح الديمقراطيين له، في محاولة لقطع الطريق عليه، لكون الطائفة اليهودية في أميركا أكثر انحيازاً للحزب الديمقراطي عن الحزب الجمهوري، ولذلك يقود ساندرز سياسة شجاعة من قلب موقع التأييد الأميركي للمستعمرة الإسرائيلية، وهو بذلك ينسف تناغم العلاقات التقليدية القائمة بين واشنطن وتل أبيب ويضع أول مدماك على طريق إعادة صياغة العلاقات الأميركية الإسرائيلية على أساس من الواقعية، بعيداً عن محرمات السياسة التي رسخت مفاهيم الدعم الأميركي للمستعمرة الإسرائيلية وكأنها جزء من الأمن القومي الأميركي، وهذا ما يُفسر تنافس المرشحين للوصول إلى البيت الأبيض، والرؤساء الأميركيين لتقديم الدعم متعدد الأوجه والعناوين للمستعمرة خلال ولاياتهم الأولى ليضمنوا تجديد انتخابهم لولاية ثانية، استناداً إلى كسب الدعم الصهيوني الإسرائيلي اليهودي المتنفذ إعلامياً ومالياً وأصواتاً.
ساندرز ينسف المعادلة التقليدية، ويبدأ حملته لكسب قوى أخرى في معركته الانتخابية، خاصة وأنه يهودي، وسبق له وأن خدم في فلسطين أيام شبابه في كيبوتس إسرائيلي، ولذلك لا يستطيع أحد المزايدة عليه يهودياً وتراثاً، ولكنه يجد أن السياسة العنصرية التي تنتهجها حكومة المستعمرة ضد الشعب الفلسطيني لا يستطيع دعمها أو تبنيها ولهذا يقف ضدها وأوضح أن «الهدف أن يكون الجمع بين الناس وليس الدعم لدولة واحدة فقط تحكمها الان حكومة يمينية، بوسعي القول أنها عنصرية».
الأيباك هاجمته بشدة، وكذلك الوزير الليكودي تساحي هنغبي وزير التعاون الدولي لدى حكومة المستعمرة ووصف تصريح ساندرز أنها «غريبة» لأن الاسرائيليين لم يتعودوا على هذا الوضوح والصراحة في توجيه الإدانة لمستعمرتهم من قبل قيادات أميركية، ومن قبل مرشح للرئاسة، ومن قبل يهودي، لا يملكون شجاعة وصفه على أنه عدو لمشروعهم الاستعماري التوسعي.
ساندرز سيواجه حملة شرسة من قبل اللوبي اليهودي الأميركي ومن يتبعهم ومن معهم، فماذا سيكون دور اللوبيات الأخرى؟ هل تتحرك؟ هل تؤيد؟ هل تساند ساندرز؟ هل تعمل على تعميم هذه السياسة التي عبر عنها ساندرز لتجعلها عنواناً عادياً لدى السياسيين الأميركيين؟ أم يتم تخويفهم من خلال الانقضاض على المرشح الديمقراطي وإضعافه كما حصل خلال الجولة السابقة التي أحبطت ساندرز في معركة الحزب الداخلية ليكون مرشح الديمقراطيين في مواجهة المرشح الجمهوري؟.
ما دورنا في دعم ساندرز، هل لدينا إمكانية الدعم؟ هل الدعم من أطراف عربية وإسلامية ومسيحية ودولية مفيد لسياسة ساندرز؟ أم أنها مؤذية له في معركته الانتخابية؟ وهل إذا وصلته برقيات من النواب والأعيان الأردنيين والعرب مفيد لتأكيد أن العلاقات الأميركية الأردنية والعربية تقوم على قاعدة المصالح المشتركة وأن سياسة التوسع والاستيطان الإسرائيلية المدعومة من واشنطن مؤذية وتمس بالمصالح الوطنية والقومية للعرب إضافة إلى أنها احد أسباب الإرهاب ودوافع التطرف في منطقتنا وفي العالم، نظراً للإحساس بالظلم وواقع الاحتلال على فلسطين والجولان السوري وجنوب لبنان، والمس بمقدساتنا الإسلامية والمسيحية من قبل التطرف والتعصب العنصري الاستعماري الإسرائيلي.
سياسة ساندرز وتوجهاته ورؤيته الواقعية، بدايات التحول ومقدمة لفهم المجتمع الأميركي نحو تطرف وجموح المستعمرة الإسرائيلية، ونحو تفهم معاناة الشعب الفلسطيني وحقوقه القانونية العادلة، وتطلعاته المشروعة في الحرية والعودة والمساواة، والحل الديمقراطي نحو خيار الدولتين أو خيار الدولة الواحدة.
الدستور الاردنية – حمادة فراعنة