مازن المغربي :
ثمة من يقول أن هذا اللقاء يجمع حكومة العالم الخفية التي تقرر مسار العالم ضمن اجتماع لا يتضمن اتخاذ قرارات أو تصويت، بل يكتفي بتحديد المسارات الكبرى على المستويات السياسية والاقتصادية والإعلامية والثقافية.
وتعود بدايات هذا الملتقى إلى العام 1954، بعد مرور تسعة أعوام على نهاية الحرب العالمية الثانية، واستعادة بلدان أوروبا الغربية لعافيتها الاقتصادية لتكتشف شعوبها أن تعامل الولايات المتحدة معها عبر مشروع مارشال لم يكن مجانياً، وأدى في واقع الأمر إلى هيمنة واشنطن على مراكز صنع القرار في بلدان أوروبا الغربية.
وبهدف مواجهة موجة رفض الخضوع لهيمنة الولايات المتحدة التي بدأت تظهر بوضوح، بادر السياسي البولندي جوزيف ريتنجر، وهو أحد مؤسسي الحركة الأوروبية التي عملت على إقامة الاتحاد الأوروبي، إلى طرح فكرة ضرورة اتخاذ خطوات عملية لاحتواء موجة الاعتراض على خضوع حكومات أوروبا لهيمنة واشنطن.
وقام الرجل بإجراء اتصالات مع بعض الساسة الأوروبيين ومع رئيس وكالة الاستخبارات المركزية في الولايات المتحدة، والتر سميث، الذي رحب بالفكرة وسوقها لدى الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور.
تم عقد الملتقى الأول عام 1954 في مدينة اوستربيك الهولندية في فندق بيلدربرغ الذي حمل الملتقى اسمه.
وشارك في الملتقى الأول خمسة عشر وفداً من أحد عشر بلداً أوروبياً، إلى جانب أحد عشر مشاركاً من الولايات المتحدة، وتم الاتفاق على تشكيل لجنة إدارية تضم ممثلين عن كل بلد مشارك وعلى عقد لقاء سنوي لمتابعة نشاط الملتقى.
كيف يتم توجيه الدعوات؟
تقوم اللجنة الإدارية بتحديد محاور الملتقى السنوي، وتحدد أسماء المدعوين التي تقسم إلى مجموعتين: مشاركون دائمون مثل دافيد روكفلر وهنري كيسنجر وبيب كلنتون وأنجيلا ميركل والملياردير جورج سوروس ودونالد رمسفيلد وصاحب الإمبراطورية الإعلامية روبرت موردوخ، وتضم هذه المجموعة ما يقارب الثمانين من أصحاب النفوذ في العالم وشخصيات أخرى يتم دعوتها باقتراح من اللجنة المنظمة استناداً على خبراتهم في المحاور التي سيتم مناقشتها.
كما يشارك في الملتقى ممثلون عن مجلس العلاقات الخارجية وصندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى مندوبي بعض البنوك الكبرى.
وتجري المداولات في جو من السرية ولا يتم تسريب معلومات عن سير النقاش إلى وسائل الإعلام حيث يتعهد المشاركون بالمحافظة على سرية المعلومات التي تم تبادلها الأمر، الذي أثار فضول المهتمين وعزز شكوك الناس حول دور هذا الملتقى إلى حد القول بأنه يقوم بدور حكومة سرية تدير شؤون العالم، الأمر الذي دفع هنري دو كاستري، الذي يرأس اللجنة الإدارية منذ عام 2012، للتعليق على هذا الاتهام بشكل تهكمي حيث قال: ” لو كنا نحكم العالم لما كانت الأمور وصلت إلى هذا الحد من الجنون”.
دفع الغموض الذي يحيط بهذا المنتدى الباحث دانييل اوستولان لتتبع نشاطات بعض المشاركين طوال أربعة عشر عاماً، ولخص نتائج بحثه في كتاب صدرت نسخته الأولى، العام 2005، تحت عنوان القصة الحقيقية لجماعة بيلدربرغ ، ولخص أهداف هذه الجماعة بالنقاط التالية:
فرض قيم عالمية موحدة.
التحكم بالرأي العام العالمي.
افتعال الأزمات والحروب.
الهيمنة الكاملة على برامج التعليم.
استخدام هيئة الأمم المتحدة لتنفيذ أهداف المجموعة.
فرض نظام قانوني عالمي موحد.
وبغض النظر عن أي ميل نحو المبالغة نرى أن الموضوع يستحق التوقف عنده، خصوصاً إذا ما علمنا أن الكثير من المؤشرات تدل على أن ما يتفق عليه المشاركون في هذا الملتقى تتم ترجمته إلى خطوات عملية. ويعطي الكاتب مثالاً على ذلك ما نقله إليه أحد المشاركين الموسميين في الملتقى، ويتعلق بـ بيل كلنتون الذي تمت دعوته لحضور الملتقى لأول مرة عام 1991. وخلال اللقاء قام دافيد روكفلر بإبلاغ كلنتون بأن اتفاقية التبادل الحر في شمال القارة الأمريكية NAFTA تمثل أولوية هامة بنظر مجموعة بيلدربرغ. وفي العام التالي، تم انتخاب كلنتون رئيساً للولايات المتحدة، ودخلت الاتفاقية المذكورة حيز التنفيذ، في الأول من كانون الثاني 1994.
[1] The True Story of the Bilderberg Group