”كتب المحللان السياسيان الروسيان أوليغ موسكفين ويوري زايناشيف مقالة في صحيفة “فزغلياد” – النظرة – الروسية مقالة بعنوان” لماذا هددت الولايات المتحدة بضربة صاروخية أولى منذ انتهاء الحرب الباردة”, قالا فيها: “علينا عدم إهمال نهديد مندوبة الحكومة الاميركية, ولحكومتنا القول الفصل في هذا التهديد الوقح ,المتوجب على روسيا رفضه جملة وتفصيلا”. وفي الصدد, عبر عضو أكاديمية العلوم الروسية, أليكسي أرباتوف, عن أن الدبلوماسية الأميركية تعني بالفعل ضربة لبلدنا, ولكن فقط إذا بدأت حرب كبيرة.”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التهديد الأميركي بضرب روسيا عسكريا ما لم تتخلّ عن تطوير صواريخها المجنحة, هو هستيريا أميركية بامتياز, فالبلد المهدد ليس دولة صغيرة, بل هو دولة عظمى, تستطيع تدمير الولايات المتحدة من أقصاها إلى أقصاها عدة مرات. التهديد الأميركي هو غطرسة وعسكرة للعلاقات الدولية. التهديد لم يجرؤ عليه رئيس أميركي منذ جون كينيدي فيما عرف بأزمة الكاريبي (الصواريخ في كوبا) عام 1962, بعد فشل الغزو الأميركي لـ “خليج الخنازير” الكوبي عام 1960. الآن يمارسه حزب الحرب القابع على هرم الإدارة الأميركية. هؤلاء من ذوي الرؤوس الحامية, الذين يعتبرون خیار القوة وشن الحروب, مقاربة وحیدة لحل الخلافات أو التباینات في وجهات النظر إزاء الملفات والقضایا الشائكة التي بات یعج بها المشهد الدولي, والتي في معظمها نتاج عقلیة الهیمنة المحمولة على وهم الاستثنائیة الأمیركیة المزعومة, والتي َ سعت الإدارات الأمیركیة المتعاقِبة لفرضها على العالم أجمع. مانحة نفس?ا صلاحیات وخیارات ترى أنها ِ تخدم مصالح أمنها القومي, حتى لو تعارضت أو كانت بالضد من مصالِح باقي شعوب المعمورة, ومع السلام الدولي ومبادئ العدالة والأمن.
نعم, لقد أكدت المندوبة الأميركية لدى حلف الناتو, كاي بايلي هاتشيسون, استعداد الولايات المتحدة لضرب روسيا عسكريا في حال لم تتخل عن برنامج تطوير الصواريخ المجنحة المتوسطة المدى المحظورة. وفي مؤتمر صحفي عقدته, اتهمت هاتشيسون روسيا بانتهاك معاهدة حظر الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى الموقعة بين موسكو وواشنطن, قائلة: “على مدار عدة سنوات نحاول إيصال رسالة إلى روسيا بأننا نعرف أنها تنتهك المعاهدة, وقدمنا لها الدلائل المتوفرة لدينا على أنهم (الروس) ينتهكون المعاهدة”, وأكدت هاتشيسون أنه إذا استمرت موسكو في تطوير منظومات الصواريخ المجنحة المتوسطة المدى “سرا”,ستنظر واشنطن في احتمال توجيه ضربة عسكرية إلى روسيا قبل أن تبدأ تشغيل تلك المنظومات. وقالت: “في هذه الحالة, سندرس إمكانية تدمير الصاروخ الذي يمكن أن يضرب أي بلد من بلادنا.. والإجراءات المضادة (من قبل الولايات المتحدة) تكمن في القضاء على الصواريخ التي تطورها روسيا انتهاكا للمعاهدة.. نراقبهم (الروس)”. من جانبه, أكد وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس أنه سيبحث الموضوع مع حلفاء الولايات المتحدة في الناتو خلال اجتماع في بروكسل, وقال: “لا أستطيع تكهن إلى أين سيصل الأمر, والقرار في يد الرئيس, لكن يمكنني القول إن كلا من كابيتول هيل (أي الكونغرس) ووزارة الخارجية يشعران بقلق إزاء الأمر”.
وبصرف النظر عن مدى صحة أو دقة الإت?ام الأميركي, وما إذا كانت موسكو تنتهك تلك المعاهدة أم لا, في ظل نفي موسكو ذلك, فإن مجرد التلويح الأميركي باللجوء إلى العمل العسكري ضد دولة مثل روسیا ,یعني ان الأمیركیین وبخاصة في عهد ترمب قد تخلوا عن كل ما یمكن اعتباره ضوابط في علاقات?م الدولیة, وخصوصا تجاه دولة نوویة ,من مخاطر على الأمن والسلم الدولیین .اللافت في جدید العربدة الأمیركیة التي جسد?ا التهدید الأخیر,هو أنه جاء بعد ساعات معدودات من تبجح وزیر داخلیة ترمب ریان زينكين ,بأن بلاده قادرة على فرض حصار بحري على روسیا في حال الضرورة, لمنعها من السیطرة على إمدادات الطاقة في الشرق الأوسط”. وإذا ما اضفنا الى ذلك كله,ما تقوم به واشنطن من استفزازات عسكریة مقصودة بذات?ا ولذات?ا تجاه الصین, وخصوصا في بحر الصین الجنوبي, كان آخر?ا المواج?ة الخطیرة التي كادت تحدث بین المدمرة الأمیركیة “دیكاتور” وأخرى صینیة, والتي عكست تحرشا أمیركیا مقصودا بالصین. وكذلك العديد من الخطوات الأميركية الأخرى في أماكن مختلفة من العالم, هو محاولة أميركية للانتقال بالوضع الدولي إلى درجة كبيرة من التوتر.
في روسيا, كتب المحللان السياسيان الروسيان أوليغ موسكفين ويوري زايناشيف مقالة في صحيفة “فزغلياد” – النظرة – الروسية مقالة بعنوان” لماذا هددت الولايات المتحدة بضربة صاروخية أولى منذ انتهاء الحرب الباردة”, قالا فيها: “علينا عدم إهمال نهديد مندوبة الحكومة الاميركية, ولحكومتنا القول الفصل في هذا التهديد الوقح ,المتوجب على روسيا رفضه جملة وتفصيلا”. وفي الصدد, عبر عضو أكاديمية العلوم الروسية, أليكسي أرباتوف, عن أن الدبلوماسية الأميركية تعني بالفعل ضربة لبلدنا, ولكن فقط إذا بدأت حرب كبيرة. ومع ذلك, رأى في خطاب المندوبة الأميركية “إنذارا لإخافة روسيا”.فيما توقف المتخصص في الشؤون الأمريكية, دميتري دروبنيتسكي,عند طبيعة تصريح هاتشيسون, ورأى أنه خارج سياق الموجز الصحفي وخارج صلاحياتها. وقال: “إما أن هذا مستوى جديد من التخريب على الرئيس الحالي, أو الرغبة في التسبب في موجة إعلامية سلبية ضده, أو انعكاس للحقيقة المحزنة بأن من السهل جدًا التحدث عن أشياء لم يكن من الممكن التفكير بها سابقًا, مثل ضرب دولة نووية”. ومع ذلك، ففي رأيه, لا يمكن لموسكو أن تترك مثل هذه التصريحات الرهيبة من دون إجابة. فقال: “علينا أن نرد على ذلك بأقصى قدر من المسؤولية وأشد ما يمكن.. يجب أن نطالب بالاعتذار, ومن الضروري الإشارة إلى أن مثل هذه التصريحات غير مقبولة, وبشكل عام نطلب أن تخبرونا كيف ستعاقبون هذه “الرفيقة”.
د . فايز رشيد – الوطن العمانية
Discussion about this post